الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التراث و أنا

المصطفى العربي

2017 / 7 / 22
الادب والفن


أقصد بالثراث الكتب التي كتبت في القرون الوسطى و خصوصا كتب ابن خلدون و ابن رشد و القاضي عياض و ابن طفيل و ابن باجة و ابن سينا و الفرابي و الكندي ، هذا هو معنى الثراث بإيجاز عندي . لا شك أن أي إنسان مرتبط بمجال الثقافة تهتز نفسه عند سماع التراث الذي ذكرت و يجول بخواطره في أماكن بعيدة لا يعرفها . معروف جيدا أن الذين يتكلمون عن الثراث أو يحبونه هم في الحقيقة لا يعرفونه مثلهم مثل الذين يتكلمون بكل ثقة و دائما عن مخلوق إسمه عيشقنديش وكأنها تسكن معهم و تتعشى و تفطر دائما معهم فهي محمولة في أذهانهم في النوم و اليقضة و إذا تكلموا عنها كلهم يصيرون فلاسفة و فحول العلوم و المعرفة و الويل لك إذا كنت مريضا أو متعبا فاهرب بجلدك لأنهم لا يسكتون و لا يقفون عن حكاية الخوارق التي قامت بها هذه الغولة . أما في الواقع فلا أحد منهم يعرف عيشقنديش . و بناء عليه فجل محبو الثراث هم معه كما هم مع عيشقنديش.
أبو حامد الغزالي ذو الذكاء المفرط و المنهج الإبستمولوجي لا تنزعج يا قارئ فكلمة إبستمولوجي هي بالفرنسية تعني المعرفي ، تخلص من عقدة الخوف و الحرج أو الإصابة برائحة بول عيشقنديش . المهم ، الغزالي له كتب جميلة جدا لا تصلح فقط لفهم زمان دونالد ترامب و ميلانيا و إيفانكا و ميركل و عيشقنديش بل كتب الغزالي و ابن رشد و الفرابي تساعدك على فهم الإكتشافات العلمية مثل جبل إيرحود و كوكب عطارد و القطب الشمالي و جزيرة Marbella . كتاب الغزالي العظيم : تهافت الفلاسفة ، هذا الكتاب يخلصك من الجهلة المتفلسفة و ما يسمى بالسفسطة أو الفلسفة الأكاديمية أو الثلوث الدهني . كتاب الغزالي المنقذ من الضلال ، تمنيت أن يكون هذا الكتاب واقعا فأقول : المنقذ من الأمراض و الفقر . كتاب ابن سينا : الشفاء و كتاب قاضي عياض بنفس العنوان الشفاء : تمنيت أن يقبلني المستشفى و إياك براميد و يعتبروننا بشرا فيكون العلاج و الشفاء علما بأن مستشفيات إسمها ابن سينا و لكن لا تقبل شفاء الفقير .
التراث الفكري كنز لا شك فيه و لكن هل يصلح هذا الثراث كأداة تساعدنا على حل المشاكل اليومية التي نعيشها كالأمراض و انعدام السكن و الجوع و الجنون و التسكع و التسول و التشرد و عموما الفقر و الظلم ؟ هل يساعدنا هذا الثراث على جلب الدولار أو الزرقاء ، لا زرقاء اليمامة : و هل تعرف زرقاء اليمامة ؟ ويحك ضاعت حياتك و بئس مصيرك أن لم تعرف زرقاء اليمامة و السيدة جدتك الكريمة عيشقنديش .
ماذا ينفعني ابن رشد و أنا أريد شراء الدقيق و تأدية فاتورة الماء و الكهرباء ؟ هل أعطيهم كتب ابن رشد ؟ قالت لي طالبة دكتورة عاطلة يوما ما . هل كتب الثراث تتحدث عن كيفية نحصل بها على النقود و في أسرع وقت و على السيارة و الدواء و الخضر و الفواكه ؟ إذن لماذا التراث ؟ إننا ضحايا سحر عيشقنديش الذي ألهانا عن المعرفة الحقيقية أو على الأقل معرفة الظلم و الطغيان و كيف ضحكت عينا عيشقنديش و كيف كان و ماذا وقع حتى يكون ما في Marbella و ما عند ترامب و ما في شرق المتوسط كله و ما في تحت الأرض و ما فوقها الجبال و السموات .
خرافة عيشقنديش التي يرن صداها في الغابات فتجيبها الخنساء و تشير مغمغة خائفة من صواعق السيوف فتسقط و تتدحرج من أسفل الجبال فتلتقطها أفواه الأسد المرعبة و التماسيح الخبيثة في بحار و جزر و جبال و غابات و سموات : إنها رائحة بول عيشقنديش أو بول الأسد : أينك يا زرقاء اليمامة ؟ الإصفرار ، رنين المعادن الثمينة ، السيوف الموعبة ، قصورها هارون الرشيد و المأمون و صراخات الفارابي و بكاء الخنساء ، إنها الأصوات لا لون لها ، إنها الرائحة التي تطوي العالم طي الكتاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع