الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكرة الراهن- 18 حماس الواقع وحماس الشعارات

نور الدين بدران

2006 / 2 / 7
القضية الفلسطينية


(1)
من حظ الشعب الفلسطيني أن يكون رئيسه اليوم السيد أبو مازن ، حيث يثبت هذا الرجل يوماً بعد آخر أنه رجل دولة بكل معنى الكلمة ، فلا تأخذه الحمية الحزبية إلى تجاوز الوطن والدولة ، وهو الفتحاوي العريق والقائد الدائم فيها وفي منظمة التحرير الفلسطينية، واليوم يعلن الرجل بكل روح ديمقراطية أنه لن يشترط على حماس أي شرط لتشكيل الحكومة الجديدة.
الأهم أن هذا التأكيد على ديمقراطية الرئيس الفلسطيني ، جاء على لسان القائد البارز في حماس السيد إسماعيل هنية ، حتى فيما يخص قضية الاعتراف بإسرائيل، أو بما يخص قوام ومهام وأداء الحكومة العتيدة.
(2)
لكن حماس كغيرها، ومنذ وضع قدمها الأولى على أرض الواقع ، ستجد نفسها أمام حالة نوعية جديدة ، فالشعارات السابقة وأهمها وأخطرها "تدمير إسرائيل" لم يعد لها معنى ، بل منذ هذه الساعات الأولى أعلن السيد هنية وغيره من قادة حماس: أن البنادق لا تدمر دولة تملك الطيران والدبابات وأكثر من مائتي رأس نووي.
بالطبع لم تصل هذه المعلومات إلى قادة حماس صباح هذا اليوم ، وكانت معلومة لديهم بالأمس ، ولكن حديث الواقع غير حديث الشعار ، وكلام المسؤولية يختلف عن كلام الهامشية.
(3)
كانت فتح قبل السلطة الوطنية ، ترفع شعار إزالة إسرائيل،لكنها على أبواب تسنمها دفة المسؤولية والحكم ، أدركت الفارق النوعي بين الشعار والواقع واعترفت بإسرائيل.
هذا التغيير في تعامل فتح مع دولة إسرائيل ، لم يرافقه تغير في طبيعتها وتركيبتها البيروقراطية الفاسدة، بل كان وجودها في السلطة ، يستكمل دورة الفساد ، وها هو اليوم النائب العام الفلسطيني يعلن أن أكثر من خمسين ملفاً للفساد من اختلاس وإساءة للمال العام ،برسم مسؤولين كبار في تلك السلطة، وهذا يعني أن ما ظنه الآخرون إشاعات أو أخبارا مبالغا بها ،هو في الواقع أكبر بكثير .
ربما بسبب غرقها في الفساد والنهب ، لم تنجز فتح وسلطتها أي تقدم يذكر ، سواء في قضية تسوية أمورها كسلطة مع إسرائيل أو في علاقتها مع الفصائل الفلسطينية الأخرى ،ناهيك بالحديث عن إنجازات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، بما يخدم حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني ، ولذلك سقطت في أول انتخابات.
(4)
لأن الشعارات لا تعني شيئا ، ولأن الحركة الفعلية للمجتمع ومؤسساته هي المقياس الحقيقي لأي تطور ، وتاليا هذا التطور هو الذي يقود عملية التغيير في اللغة التي من ضمنها الشعارات،لكل ذلك ليس المهم ما تعلنه حماس ، حيث تقول أنها ستبرم هدنة طويلة الأمد ، حسنا ، ليكن ، فليس هناك اتفاقات أبدية ، وتقول أنها ستقوم بكل ما يخدم الشعب الفلسطيني، وهل مطلوب منها غير ذلك؟
إذا كانت حماس ستنطلق من السياسة الداخلية في تحديد سياستها العامة مع إسرائيل والعالم ، أي من مكافحة الفساد وبناء دولة فلسطينية تعددية وتلتفت إلى الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبناء المؤسسات الكفيلة بذلك ، فهذا الطريق سيقودها بعيدا من الإيديولوجيا والشعارات ، ويضعها على الطريق الصحيح.
لقد حازت حماس مبدئيا ثقة الشعب الفلسطيني ، واليوم تحظى بتأييد عربي من مصر وسوريا على الأقل بل وربما من السعودية ، وليس من الصعب ببعض الواقعية والمرونة ، أن تحظى بدعم دولي ، وهذا في نهاية المطاف مرهون بها وبسلوكها.
نحن أمام تجربة جديدة بكل معاني الكلمة ، وسننتظر وسنرى ، أو كما قلت في مقالة سابقة سأمشي وراء حماس حتى باب الدار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-