الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون جميعهم في انتظار غودو

كرار العامل

2017 / 7 / 22
كتابات ساخرة


- فد يوم صموئيل بيكيت-الله يرحمه-خبلني!
فمن يطالع أغلب مسرحياته يجد تطابقاً كبيراً في مناخاتها واشخاصها وحتى مضامينها. فعندما تقرأ له مثلا (فصل بلا كلمات) كأنك تطالع ( انتظار غودو)،رغم إن الاولى صامتة والاخرى ناطقة إلا إنهما تظهران وكأنهما عملاً واحداً. ونجد إن هام في(نهاية اللعبة) هو ذاته فلاديمير في( انتظار غودو) . فالامكنة متكررة و الشخصيات كذلك متشابهة والزمن في كل مرة متوقف ، وهي الحالة السائدة في أغلب مسرحيات بيكيت . وحتى على مستوى العلاقات بين الشخصيات ،فأنها متشابهة وقد تصل حد التطابق ، فالعلاقة بين ببوزو و لاكي في (انتظار غودو) هي ذاتها العلاقة بين هام القعيد و كلوف في (نهاية اللعبة) . فالتكرار شرط أساسي في اسلوب بيكيت و جزء مهم في تقنيته المسرحية .يقول احد النقاد إن بيكيت ليس زمنياً هو بالاحرى تزامني و أغلب مسرحياته تقريباً تزامنية*.
-عمي يا تزامنية هاي رحمة لوالدينك لا تخبلني!
وتكرار بيكيت هذا يشبه كثيراً (العملية السياسية لدينا) ؛ فالوجوه هي ذاتها في كل دورة انتخابية .والوضع العام بما يحمل من تطابق واضح بينه وبين الجو العام في مسرحيات بيكيت يدفعك نحو الظن بأن الذي كتب سيناريو (الديموقراطية الاميريكية في العراق) هو بيكيت عينه ففيها من البؤس والقتامة الشيء الكثير، الذي لم يألفه بيكيت نفسه.فالمواطن اصبح يعيد شريط التسجيل الخاصة به مراراً وتكراراً ، ويسمع في كل مرة صوته وهو يغني : (النهار الآن قد ولى ، وليل يجر وراءه ليل )** ، فعبثية حياة المواطن العراقي وما يرتبط بها من وجوه متكررة تملك ناصية الحكم وتقرير المصير تجعله يؤمن كما آمن بيكيت ؛ في أن مأساته تمثل الصورة التراجيدية للتكفير عن خطيئة اصلية وابدية له ، خطيئة مولده على هذه الارض - الارض التي نشأ فيها . و كما يترقبان أيستراغون وفلاديمير وينتظران غودو ،كذلك ينتظر العراقيون السلام ويترقبونه ،ينتظرون الديموقراطية التي وعدتهم بها اميريكا منذ عهد ونيف ،التي لم يروا منها سوى وجوه متكررة- واخرى تعيسة جداً لم تجلب لهم سوى البؤس وكأن لسان حاله يقول :( هل غنيت عندما كنت صبياً ؟ لا ....هل حدث إني غنيت في أي وقت من الاوقات ؟ لا )*** إذ إنه كان يتأمل خيراً من التغيير السياسي الذي اسقط وجوه وجاء بوجوه تتماثل وتتطابق كشخصيات بيكيت مع الوجوه التي سبقتها ، والتي لم تزيد حال المواطن الا فاقة وعوزا وشضفا ، وهو كما گراب لم يغني فيما مضى ولم يغني في الحاضر ، وربما لن يغني في المستقبل ايضاً . ونستطيع القول ، في كل يوم يعيش بيكيت ثم يموت داخل كل مواطن عراقي ،في داخل كل اولئك الذين لمسوا بأيديهم حقيقة الحياة البائسة التي يعيشونها .وحق على بيكيت إذن أن يفتخر فاشخاص مسرحه ما زالوا يعيشون بيننا رغم مرور ربع قرن على وفاته؛ فواقعنا السيء كتب لهم الخروج من إطار المسرح الفاقد للحركة والساكن لدى بيكيت ودخولهم إطار الحياة الواقعية بصيرورتها الدائبة .فلينم بيكيت واشخاص مسرحه بسلام ، فالعراقيون كلهم في انتظار غودو وليس فلاديمير وحده!.

*رأي الناقد اللبناني بول شاوول في تقديمه لمسرحية نهاية اللعبة لبيكيت
حوار گراب في مسرحية شريط گراب الاخير لبيكيت
* المصدر السابق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??