الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزوة دمشق----وموقعة بيروت-----

سلطان الرفاعي

2006 / 2 / 7
كتابات ساخرة


دس، يدس، مدسوس. أي وضع الشيء في جيبه، دسه. ووضع المخرب في المسيرة، دسه. ووضع القنبلة على باب الكنيسة، دسها.

في المسيرات التي طافت شوارع دمشق وبيروت بالأمس وقبل الأمس، لم يكن هناك بشر أبدا، بل كانت هناك جماعات غير مرئية من المدسوسين، الذين لا يرتدون لا (السلك) الفلسطيني، ولا الجلباب الأصولي. مجرد أشباح مدسوسة، تم نقلها على متن طيور الابايبل، وانطلقت تعيث في السفارات والممتلكات خرابا، وحرقا، وسلبا ونهبا.

غزوة دمشق المباركة، أسفرت عن دمار السفارة الدانمركية والنرويجية مرورا بالتشيلية إضافة إلى كل المكاتب والشركات المجاورة للسفارة المنكوبة. أما موقعة بيروت، فلله الحمد والشكر، كانت غنائمها أكبر وا دسم. فقد تم عطب عدة آليات للجيش الكافر اللبناني، إضافة إلى عدد من سيارات الكفار، طبعا اضافة الى مكاتب وسفارات ومحلات صياغة، وسرقة سيارات، وكلها غنائم مشروعة.



الشعب السوري والشعب اللبناني، والشعب الفلسطيني، ليست هذه طبائعهم، وليست هذه من خصالهم، وتواجدهم في المسيرة، كان محض صدفة، فهم لم يقوموا لا بالسرقة، ولا بإضرام النار، ولا بتكسير السيارات، ولا بانتهاك حرمة الكنائس. لا لم يقوموا ياي عمل شائن، كل ما فعلوه هو قيادة المندسين إلى السفارات، ومساعدة المندسين ومدهم بالحجارة والهراوة والنفط، وحمل نتائج الشفط، بعد النهب والسلب، أما من يقول إنهم شاركوا بهذه العمليات فهو واهم، لأن جحافل المندسين، بزعامة المندس الأكبر هي من خربت وكسرت وانتهكت، وحرقت، ودمرت. كما إنهم، وهذا الأهم بالموضوع، غير مسلمين، لأن دين الإسلام دين محبة وسلام وتعايش وأخوة، وبما إن هؤلاء هم من المندسين القتلة المخربين، فهم إذا ليسوا بمسلمين أيضا.

المفارقة العجيبة، انه في كل مكان وزمان، يجري فيه ذبح وقتل ونحر، من الجزائر إلى مصر إلى العراق، فالقتلة ليسوا مسلمين، من كان يبقر بطون الحوامل في الجزائر، ويحرق الأطفال غير مسلم. ومن قتل الأقباط واحرق قراهم، وخطف بناتهم، غير مسلم، ومن قطع رؤوس الشباب المسيحي في العراق ووضعهم في الأوعية وصور عملية القطع ليس مسلم.

نحن بما أن قلبنا طيب فإننا نصدق دائما ما يقولون لنا. إذا كل هؤلاء القتلة والمجرمين والسارقين والمخربين ليسوا مسلمين، وبالتالي لا حاجة لأن نحمل بقية المسلمين وزرهم وجرائمهم. أما انتبهوا إلى أما، إذا قام عشرة أشخاص أو لنزيد العدد إلى عشرين، إذا قاموا برسم لمحمد، فان على الدانمرك كلها أن تدفع الثمن، أولا، ثم على أوروبا كلها أن تدفع الثمن ثانيا، ثم على كل المسيحيين في الأرض والسماء أن يدفعوا الثمن أيضا؟؟؟

لماذا علينا إن نُصدق إن كل هؤلاء القتلة والإرهابيين ليسوا مسلمين، وانتم لا تستطيعون أن تصدقوا أن بضعة رسامين لا يمثلون إلا أنفسهم، يمثلون الدانمرك وكل أوروبا وكل المسيحيين في الأرض والسماء. انه المنطق الإرهابي، منطق ابن لادن والزرقاوي، الذي ارتفعت صوره في بيروت في مخيم عين الحلوة، تناديه الحناجر الفلسطينية، لكي يرفع الظلم عنها. ولا احد يعرف، ما الذي جناه لبنان؟ حتى يبقى هذا الإرهاب فوق أرضه؟



يقولون: كل المسيرات بدأت بهدوء وسلام، ثم تحولت إلى ركض بقر وثيران تائهة وهذا أمر طبيعي في مثل هذه المسيرات الهمجية، فمهما تكن طبيعة الأفراد الذين يشكلون هذه المسيرة، ومهما تنوعت وتباينت أنماط حياتهم، أو مهنهم، أو شخصيتهم، أو ذكاؤهم، فان مجرد حقيقة إنهم يتحولون إلى كتلة يُضفي عليهم نوعا من روح جماعية، وهذه الروح تجعلهم يشعرون، ويُفكرون، ويتصرفون بطريقة همجية تختلف تماما عن الطريقة التي فيها يشعر، ويفكر، ويتصرف كل واحد فيما لو كان وحيدا. وبالتالي فان بضعة أشخاص، وليكونوا فلسطينيين، في مثلنا هذا، يستطيعون حرف المسيرة، وتوجيهها باتجاه العنف والسلب والحرق والتدمير.



الأصولي السوري أو اللبناني، والذي شاهدنا نماذج كثيرة منه في المسيرتين.و في هذه الحالة، تتلاشى كافة أنواع الكبت الفردي التي يحملها ويعاني منها، عند اندماجه بهذه الكتلة، في حين تستيقظ عنده كافة الغرائز الوحشية، والبهيمة، والتدميرية.
بمجرد انتمائه إلى هذه الحيوانات الهمجية ، ينحدر الإنسان عدة درجات على سلم الحضارة وربما كان في منزله، أو مدرسته، أو مكان عمله، فردا مثقفا، في حين يصبح داخل هذه الكتلة بربريا، تستحوذ عليه الحيونة، والعنف، والوحشية، بالإضافة إلى هيجان الثيران، وسيادة الفكر البدائي عليهم.

كما يتلاشى الإحساس بالمسؤولية الفردية، لأن الجمهور لا يتمتع بشخصية مميزة ولأنه هو الذي يضع الكابح للدوافع الفردية.



يُشير سيغم وند فرويد إلى ((وجود لا أخلاقية داخلية عند الكائن (الحيوانساني) في مستوى اللاوعي، وفي هذا المستوى لا يتردد عن القتل، أو السرقة، أو الحرق، وهي حقيقة ينشأ منها إلى حد كبير، انحراف السلوك عند من يكون وعيهم الأخلاقي قاصرا. إن اندماج الفرد في حشد هي الطريقة الأكثر مباشرة لإلغاء المسؤولية الفردية، مما يؤدي، بصورة طبيعية، إلى فقدان المرء لقيمه الأخلاقية وهو، عمليا، محرُض يدفع إلى الجنوح، أو العنف، أو الفساد ))



ولكن أين كانت السلطة؟

يقول بعض الخبثاء: هي فرصة من اجل تحجيم المعارضة، وجعلها من منسيات الشعب.

ويقول رجل أخبث: هي رسالة إلى الغرب: انظروا ما الذي ينتظركم بعدنا.

ويقول رجل أخبث من الاثنين: هي خطوات نحو حال شبيهة بكوريا الشمالية.



ونقول نحن:

العدوان هو حالة الحيوان ضد الإنسان

التسامح هو حالة الإنسان ضد الحيوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال


.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر




.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح