الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين وطني وحبيبتي .. قصة يوسف وفنجان قهوة وقصيدة لا يسجد لها أي كوكب ...

بلال فوراني

2017 / 7 / 25
الادب والفن


يا إلهي كم يشبه وطني حبيبتي .. كم يشبه كل تفاصيلها .. كم يشبه كل انفعالاتها .. كم أرى بينهما تشابه خطير وخبيث يجعلني على يقين أنهما يتآمران على قلبي .. أراهما دوما في نفس الطريق الذي أمشي فيه وفي نفس المقهى الذي أشرب قهوتي فيه... أراهما يشربان من نفس النبع الذي أحلم أن أشرب منه كي أروي عطشي لأحدهما
يا إلهي كما يشبهان بعض حتى صارا يتزاحمان في قلبي ويتشاجران بطريقة طفولية دون أن يعرفا ولو للحظة أنهما بخلافهما أو اتفاقهما يسبّبان لي سكتة قلبّية من دون قصدّ ..؟؟

بين وطني وحبيبتي .. لوحة جميلة أرسمها دوما بالحجارة التي انتفضت لكرامة رجل عربي في أرض عربية ... وألوّنها دوما بألوان قوس قزح يعيش خلف القضبان الاسرائيلية ولم يشرق يوما في البلاد العربية ... كي يعرف الفرق بين الأبيض والأسود .. بين وطني وحبيبتي لوحة مرسومة بوجع القلب ومغلفة بآهات ألف شعب .. وما زالت حتى اليوم يأسرها يهودي اسرائيلي ابن كلبّ ..؟؟

بين وطني وحبيبتي .. بركان يعيش على أمل أن يتنفس ولو للحظة واحدة هواء بارد .. بينه وبينها خيمة أفرشها تارة على أمل العودة اليه وتارة على أمل حبها لي .. بينه وبينها خبر عاجل يخبره أني لن أعود له بقليل من الدهشة ويخبرها أنه رحل عنها بكثير من الاستغراب .. بينه وبينها غياب يشبه الحضور .. يمارس وطني غيابه في عيني وحضوره في قلبي .. ويمارس حبها الغياب عن عيني وحضوره في قلبي ..؟؟

بين وطني وحبيبتي .. مشكلة معقدة لا يفهمها أحد ولا يستوعبها أحد .. كيف يحدث أن ينتحلّ أحد شخصية مكان آخر .. بمعنى أنك تستطيع أن تقلد صوت أحدهم .. أن تظهر كأنك أحدهم .. أن تلبس لباس غيرك وتتنكر بشخصيته وتبدو كأنك هو .. ولكن كيف لمكان ما أن ينتحل نبضّ شخص ما .. أو شخص ما يصير فجأة هو كل مكان في هذا الوطن .. كيف لأرض أن تصير فجأة قلب امرأة .. وكيف تصير المرأة فجأة هي الوطن ..؟؟

بين وطني وحبيبتي .. المأساة الوحيدة المشهورة بين العشاق .. ( من أحبه ليس لي ومن يحبني لست له ) .. وطني أحبه ولكني لا أملك حتى زيارته ... وحبيبتي أحبها ولكن لا أملك حتى رؤيتها ... وطني يملكه اليوم غريب مستعمر حقير اسمه في التوراة اسرائيل واسمه في القرآن يعقوب .. وحبيبتي يملكها اليوم رجل اسمه في في شريعة الأرض زوجها .. واسمه في شرعّ السماء ... أنا ...؟؟

بين وطني وحبيبتي .. قهوة سوداء داكنة .. أرتشفها كل صباح وأترك شفاهي تداعب أطراف الفنجان كي تستمتع بطعم القهوة الى حدّ الشبعّ .. ولكن القهوة التي تكلم عنها درويش بأنها لا تُشرب على عجل هي مجرد قهوة تشتاق لمن يستلذ بها .. ولكن قهوتي متطرفة نوعاً ما .. فهي لا تُشرب على عجل في حضورها .. ولا تُشرب أبداً في غيابها ...؟؟

بين وطني وحبيبتي .. مزاج مريض في انتقاء مسمى الاشياء .. فوطني يدعوني بشهيد اذا ما سالت دمائي على ترابه .. وحبيبتي تدعوني مجنون اذا ما تركت دمائي تسيل أمامها .. وطني يقول أنه يشتاق لي كي أموت أنا ويحيا غيري لأجله .. وحبيبتي تقولي أنها تشتاق لي كي أحيا ويموت غيري لأجلها .. وبين وطني وحبيبتي .. موت يشبه الى حد ما الحياة .. وحياة تشبه الى حد ما الموت .. وكلاهما لا يعرفان كم أختنق أنا بهما ...؟؟

بين وطني وحبيبتي .. قصة يوسف وأخوته الأحد عشر .. هي تعشق يوسف وأنا أعشق وطني .. هي تعرف كيف تتحايل على أخوتها كي لا يرموها في بئر ويشتريها عزيز مصر .. وأنا لم أعرف أن أساوم أخ عربي واحد على أن لا يرمي وطني في بئر خيانة يتاجر فيها ألف عزيز مصر .. هي تعرف كيف تراود سيدها كي يرمي يوسف في السجن انتقاما لشرفها في قصرها .. وأنا لم أعرف أن أراود وردة واحدة كي تنتقم من نساء اليهود وتقطعّ لهن أيديهنّ انتقاماً لشرف المسجد الأقصى .. هي نامت مع سيدها في آخر المساء .. وأنا نمت مع وطني في العراء .. هي تشبه وطني ووطني يشبه قلبها .. كلاهما رغم الوجع ما زالا مثل الشمس والقمر .. وكلاهما لا أبيعهما ولو سجدت كواكب الأرض كلها أمامي ...؟؟

-
-
-


على حافة وطني وحبيبتي

أمسكت الخريطة بيدها وقالت لي :
أنظر هذه خريطة العالم
هنا يكون وطني فأخبرني أين وطنك ..؟؟
مددتُ يدي وقلت لها ضعيها على صدرك
قالت لي لماذا
قلت لها كي أدلكّ على وطني في هذا العالم ..؟؟


#بلال_فوراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال