الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الخليج العربي: هل يؤثر الصراع على المشهد السياسي في تونس؟

لطفي الهمامي
كاتب

2017 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أزمة الخليج العربي:
هل يؤثر الصراع على المشهد السياسي في تونس؟
منذ إعلان الحصار البحري والبري والجوي على قطر من قبل السعودية والبحرين والإمارات ومصر أساسا يوم 5 جوان 2017، تسارعت الأحداث لتعميق الأزمة وتوسعها وتدويلها من قبل الطرفين. و بالإضافة إلى الجانب السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والإعلامي، بدأت التحركات العسكرية في الانتشار والتمركز الحربي على كافة الأوجه، منها الحشد البري ومنها التمركز البحري والجوي، ولولا أن الولايات المتحدة الأمريكية قد رفضت إعطاء الضوء الأخضر للهجوم لمزيد ابتزاز الخصوم لبدا إطلاق النار من الجانبين منذ الأيام الأولى للحصار.من بين عناصر تطور الأزمة وتعقدها رفض دولة قطر للائحة المطالب ذات ل 13 بند مقابل إقرار دول الحصار تصعيد الخناق حولها على كافة الأصعدة. ثمة تغيرات جوهرية في المنطقة، سوف تصل تأثيراتها إلى عديد مناطق العالم سواء بالقارة الإفريقية أو بمنطقة الشرق الأوسط.لكن الأهم من كل ذلك وإذا ما اندلعت حرب بالمنطقة فان مجال اتساع رقعة التحركات الإرهابية سوف يتسع كما أن المنطقة سوف تشهد مزيدا من التخلف والكراهية وتصاعد وتيرة القتال المذهبي والعرقي.ثمة فصل جديد من تاريخ مزيد تخلف وتفقير للشعوب العربية وموجة من البربرية.
تدويل الأزمة عمّق تناقضاتها
لقد سارع كلا طرفي النزاع إلى تدويل الأزمة عبر حشد كل طرف لدول مناصرة له ومحاولة تحييد دول أخرى يمكنها التأثير في موازين القوى بالمنطقة.ورغم تمكن السعودية والإمارات ومصر من فرض سياسة الحصار وتوسيعها لتشمل عدة بلدان مساندة لها، فان قطر بدورها تمكنت من حشد إلى صفها بعض الدول الإفريقية خلال القمة الإفريقية المنعقدة يوم 3 جويلية بأديس أبابا.لقد كان الصراع حادا خلال تلك القمة والمعلوم أن لكلا الطرفين معسكرا يقف إلى جانبه ويعود ذلك إلى إنفاق المساعدات على تلك الدول سواء من قبل قطر أو السعودية أو الإمارات.أما من جهة الدول الغربية فان موقف كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية فيتسم بخصوصيتين،أولا،التشجيع على اقتناء معداتها العسكرية بدعوى الحفاظ على السلم بالمنطقة وتمكين تلك الدول من مواجهة الإرهاب ومواجهة التمدد الإيراني،وثانيا، الضغط على كل طرف وفقا لبعض الملفات الخاصة به،انها سياسة الابتزاز الصرف.وبالفعل تمكنت تلك الدول خلال هذه الأزمة من تحصيل عدة عقود اقتصادية بجميع المجالات من قبل كافة الأطراف المتنازعة.وهي تقف كطرف وسيط لإدامة الأزمة،لذلك فان الأزمة الخليجية خرجت عن السيطرة التامة للدول المتصارعة وهي الآن بيد الوسيط الأوروبي والأمريكي. أما الشركات الدولية العاملة في حقول النفط والغاز مثل طوطال فقد أكدت على أن استغلالها للحقول مؤمن حتى في حالة نشوب نزاع مسلح وهي تقف خارج مجال الصراع القائم بين الأطراف بما أنها موجودة بكافة الدول المتنازعة،بل أكثر من ذلك فلقد استفادت من الأزمة الحالية وتمكنت من رفع الإنتاج مما سوف يساعدها على تعويض الكميات المتأخرة القامة سواء من سوريا أو العراق وهى تحاول استغلال الأزمة لتحصيل نقاط ربح إضافية خلال السنة الجارية.تلك الشركات من مصلحتها استمرار الأزمة حتى تتمكن من تحسين شروط استغلالها للثروات بالمنطقة وهي بطبيعة الحال مدفوعة من قبل الدول الكبرى التي تلعب بدورها الوساطة الخبيثة.أما إذا عدنا إلى ما ادعته دول الحصار لخنق قطر،فان النقطتين الأساسيتين تعودان إلى أولا، دعم الإسلام السياسي وثانيا، الصراع الإقليمي ضد إيران. إذا ما دققنا في العنصرين فإننا نجد أن كلا طرفي النزاع متورط في الموضوع، فقطر تدعم مجموعات قتالية سنية وتتقاطع مع إيران في عدة معارك مثل الجبهة السورية والعراقية كما أن كل من السعودية والإمارات بدورهما يدعمان مجموعات قتالية سنية بعدة دول بما فيها اليمن وبعض المجموعات المنتشرة بالقارة الإفريقية الآن. لقد فرضت تغيرات موازين القوى بسوريا أساسا جملة من التغيرات التكتيكية والإستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط وبالخليج العربي. هذه التحولات أهم عنصر فيها هو انتشار الكراهية وتشجيعها في مناطق تعج بالعقلية المذهبية والعشائرية والطائفية مما ينذر بمزيد من القتل والهمجية وانتشار التخلف على كافة مستوياته.
توزع عسكري جديد لتكريس خارطة جديدة
لقد قال الأرعن، اليميني المتطرف دونالد ترومب خلال لقاء تلفزي يوم 16 جويلية الجاري متحدثا عن مشاركته في قمة الرياض" أبلغتهم أنني لن أشارك في قمة الرياض حتى يدفعون مئات المليارات لنا" وأضاف" السعودية خصصت مئات المليارات من الدولارات لشراء طائراتنا وعتادنا العسكري والاستثمار في بلادنا" أي انه يتحدث عن هذه الفترة الجارية خلالها الأزمة وهو الوفي إلى ما قاله خلال حملته الانتخابية، في نفس الوقت وبطبيعة الحال نفس الإدارة التي تقوم بدور الوساطة أعلنت عن اتفاق مع دولة قطر بقيمة حوالي 12 مليار دولار أمريكي لشراء مقاتلات من نوع اف15. كما ان بريطانيا وفرنسا سارعتا للعب دور الوساطة ولكن في نفس الوقت كل من السعودية وقطر تحاول ارشاء جميع الأطراف عبر وعود باستثمارات خيالية.
أما تركيا التي تحاول لعب دور أساسي في المنطقة فسارعت إلى تحريك حوالي خمسة ألاف عسكري من قوات النخبة المكونة لكتيبة طارق بن زياد ونشرتها بالدولة تحت خطة عسكرية دفاعية في حين نظم الجيش القطري قواتها وفقا لخطة هجومية.من الواضح إن التمركز التركي في قطر لن يغادر تلك المنطقة وهو يعمل على بعث قاعدة عسكرية دائمة هناك لتحسين موازين القوى لصالحة.أما مصر فقد قامت بتعزيزات بشرية ومادية بقاعدتها العسكرية بجزيرة "فرسان" الواقعة بالقرب من الحدود السعودية اليمنية والقريبة من القاعدة البحرية الإيرانية بالبحر الأحمر.لقد بدأت دول الحصار في بعث قاعدة عسكرية مشتركة بالبحرين وهو ما يعني تمركز مصري ولأول مرة بتلك المنطقة.في حين أن السعودية والتي تقود العملية العسكرية باليمن قد اتخذت قرارها العسكري بحشد قوات برية على حدودها القطرية مما جعل العديد من الرعاة و المتساكنين بتلك المنطقة ينزحون سواء داخل التراب القطري أو التراجع داخل التراب السعودي.
من الواضح أن الأمر لن يعود إلى ما كان عليه،فخارطة التحالفات الجديدة بدأت تتضح وتحاول فرض الأمر الواقع وهي مستعدة لفض وفرض طوحها إن لزم الأمر بالقوة العسكرية.ورغم أن دول الخليج العربي وعلى اثر غزو الكويت من قبل قوات صدام حسين سارعت إلى التسلح إلا أن هذه المرة فاقت كافة التوقعات ويبدوا أن مرحلة جريدة من تاريخ المنطقة بدا يتشكل ليس على قاعدة ثورة علمية أو نهضة اقتصادية وحضارية وإنما عن طريق الحرب وإشاعة الخوف والموت والتخلف والانحطاط.
أطراف سياسية تونسية في قلب الصراع
رغم الدور الذي تريد أن تلعبه كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة في بلادنا إلا أن مجال تأثيرها يبقى محدود لغياب أطراف سياسية منظمة يمكن أن تلعب ذلك الدور. كما أن ما تردد من محاولات الإمارات للتدخل في السياسة التونسية حكما ومعارضة ظل محدود النتائج حتى لو كان ثابتا.على عكس ذلك تمكنت قطر عبر حركة النهضة من اختراق الساحة السياسية التونسية وعبر ذلك تمكنت من استمالت عدة عناصر بما فيها من نداء تونس ومستقلين، علما وان قطر تدخلت في الشأن التونسي عبر حزب المؤتمر سابقا والحراك لاحقا لما يربطها بمنصف المرزوقي من علاقة متينة. تعود هذه الارتباطات في التوجه السياسي لتلك الأطراف وهي إلى حد الآن تتبنى نفس المنطق وتحاول التأقلم مع الواقع دون التراجع الواضح عن خياراتها بصفة عامة.لذلك تراها منسجمة إلى اليوم مع الرؤية القطرية سواء في السياسة الإقليمية أو الدولية أو في ما يجري بسوريا والعراق واليمن.
إن التغيرات الجارية في موازين القوى لها تأثير مباشر على تلك الأطراف التونسية وهي الآن في مرمى حجر نتيجة استقوائها بإطراف خارجية ظنت أنها المنقذ الأبديّ لها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات