الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أين مصباحي يا صبحا؟
نضال الربضي
2017 / 7 / 26الارهاب, الحرب والسلام
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/bd53687b-7a67-453f-95d0-eb22c98b4ee6.jpg)
خطا نحو البيت بسرعة و لهفة، هناك تقبع بندقية ُ جده في ركن ما من غرفة الخزين، صامتة ً منذ أن غادر صاحبها الدنيا. مهباشُ قهوتِه لا يغني دقَّ حبوبها، و صاجُه العتيق لم يعد يشويها منذ ذلك الحين.
قيل َ له أن تاجر تُحف ٍ في المدينة ِ يبحثُ عن بنادق و أسلحة تقليدية ليبيعها للأثرياء بأثمان ٍ باهظة. قيل له أيضا ً أنهم يعلقون مثيلاتها في صالوناتهم أو في ردهات منازلهم، إذا ً قد يطيب للتاجر أن يشتري المهباش أيضاً، سيدفع ُ بلا شك َّ ثمنا ً كبيرا ً فيه، أين تجد مهباشا ً عمره أكثر من 100 عام هذه الأيام؟ و بندقية ً عمرها أكثر من ثلاثة أجيال ٍ مجتمعة؟
اقتحم َ غرفة الخزين، ضغط بإصبعِه على زر الكهرباء.
ما زالت الغرفة ُ معتمة، تبَّا ً، احترقت اللمبة، أف ف ف ف ف ف ف، يلعن أبو هلحظ الزفت
- صبحا، وين اللوكس؟
- شو بددك باللوكس هسا؟
- بقلك وينو من غير كوثور أسئلة!
- هيو عندك في الجارور
- أياهم؟
- واحد منهم افتح و دور
انقض َّ على الجوارير يفتحها و يحرِّك محتوياتها و هو يجُّسها، فينحيها، و يُكمل، حتى نحاها جميعا ً، و لم يجده.
- بقلك وينو؟
- تفظظل كان بغرفة جدك، بجارور القديم!
قالت و هي تمدُّ يدها باللوكس المعدني الثقيل، هذا المصباح الذي يعمل بالبطاريات و الذي لم يكن يفارق يد جدِّه و هو يخرج في الليل، و بارودته على كتفه.
أمسك به فأحسَّ بمسِّ كهرباء، شدَّته الذكرى إلى بعيد، تمثَّل جدُّه أمامه واقفاً، كان جمبازه الأبيض يشهدُ على طيبة قلبه، و عقاله الصلب تجسيداً لشهامته التي تتوج ُ رأسه، تحرك َ فيه شئٌ ظنَّه قد مات منذ زمن.
- اطلعيلي المهباش و الصاج من المخزن، بدي أحمِّص قهوة، مشتهي قهوة.
قالها، و قد تبخرت من رأسه شهوة البيع، طردها عبيرٌ قديم كان يشتمهُ من ثياب جدِّه، و شعر أن يده تريدُ أن تقبض على بندقية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - اهلا نضال
قاسم حسن محاجنة
(
2017 / 7 / 26 - 16:52
)
لطيفة ومعبرة
لكن الم يكن الاولى ان تكون في محور الادب والفن يا صديقي؟
خالص مودتي
2 - الإنسان لا يبيع تاريخه بمال الدنيا
ليندا كبرييل
(
2017 / 7 / 27 - 04:13
)
تحية وسلاما أستاذ نضال الربضي المحترم
موضوع قصير لكنه معبر جداً
أوافق الأستاذ محاجنة على ملاحظته، كان الأفضل أن يكون في محور الأدب والفن.
للأستاذين الصديقين تحياتي واحترامي
3 - هي ذكريات أثارها واقع مرير
نضال الربضي
(
2017 / 7 / 27 - 07:19
)
صباح الورد و الأنوار أيها العزيز قاسم،
صبحا هي زوجة عمي، و ابنة عمه في ذات الوقت، و هي قديمة ٌ في الأيام شامخة كبلوطة في عجلون، إنها التمثيل الصادق للمرأة الأردنية الأبية، لنساء الجبل، فنحن أهل جبل ٍ يا صديقي، و صبحا اسم ٌ يتكرر عندنا فلقبنا: إخوان صبحا.
جدي كان لديه بندقية و مهباش، ما زالا موجودين عندها، أراها لا كزوجة عمي فقط لكن كبؤرة الهوية و محور الروح، أحبها منذ صغري و لها عندي احترام ٌ خاص.
توظيف اسمها و بندقية جدي و مهباشه جاء في وقت أشعر فيه أن هويتنا الأردنية تذوب، أننا نحتضر، أن كل شئ في أوطاننا صار له ثمن، و كله من ثمار الزمن الأمريكي الذي له وجهان: الاستهلاك و التطرف.
مقالي و إن بدا أدبا ً إلا أنه نص ضد قلة الأدب، في زمن الحرب و السلام، الذي نعيشه، أول قل: الحرب و الـ لاسلام، اللذان ننام و نفيق عليهما.
أريد وطني
أريد هويتي
أريد رائحة القهوة
من يد ٍ تحمل ُ بندقيتها لا لتقتل و لا لتعتدي لكن امتدادا ً لنفس أبية
أريد جدي من جديد
دمت َ بودٍّ!
4 - نعم هناك ما لا يُشترى
نضال الربضي
(
2017 / 7 / 27 - 07:32
)
العزيزة المُبدعة ليندا،
أوردتُ في تعليقي لصديقنا الجميل قاسم رؤيتي التي منها انطلقت لاختيار محور المقال، و ذلك قبل أن أفتح البريد فأجد تعليقك ِ، لذلك أرجو التفضل بالقراءة للتوضيح.
نعم يا صديقتي الجميلة: الهوية لا تُباع، لا تقبل عرضا ً للمساومة، لكن صاحبها إن كان مُخلصا ً لها عليه أن يراجعها بنفسه، فينقيها من الشوائب، و يُصلح من أمرِها، لكن أبدا ً لا يبيعُها أو يتخلى عنها،،،
،،، قد يجعل منها الإصلاحُ شيئا ً آخر، لكن الأرومة تبقى هي هي، و إن تغير الجوهر إلى الأفضل،،،
،،، و قد تقولين: هذا تناقض، فكيف يتغير الجوهر و تبقى الأرومة هي هي، بل كيف تتغير الهوية و تبقى هي هي،،،
،،، أقول: لا تناقض، إنما الهوية هي انعكاس الإنسان و تمثيله، فهو لا يحملها إنما يُشعُّها، فما دام حيا ً فإشعاعه واحد لأنه ينبثقُ منه و إن اختلفت صفاتُ هويته و إشعاعه، إذا اختلاف الصفات هو ما أسميه تغير الجوهر، و ثبات الإشعاع من نفس الإنسان هو ما أسميه الأرومة التي تبقى هي هي، إننا هنا أمام جدلية الإنسان مع الواقع،،،
،،، و هذه هي هويته التي لا يتنازل عنها، و لذلك ينقي صفاته بيده، دون أن يبيع.
دمت ِ بكل ِّ الودِّ!
.. متداول.. أجزاء من الرصيف الأميركي العائم تصل شاطئا في تل أبي
![](https://i4.ytimg.com/vi/5LwRBSqgGBs/default.jpg)
.. قطاع الطاقة الأوكراني.. هدف بديل تسعى روسيا لتكثيف استهدافه
![](https://i4.ytimg.com/vi/wJPDARM6I5M/default.jpg)
.. أجزاء من الرصيف الأمريكي الذي نُصب قبالة غزة تظهر على شاطئ ت
![](https://i4.ytimg.com/vi/JTw39WrHfco/default.jpg)
.. حاملة طائرات أمريكية تصل إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تدري
![](https://i4.ytimg.com/vi/oo887FGt8kU/default.jpg)
.. طلاب فرنسيون يحتجون من أجل غزة بمتحف اللوفر في فرنسا
![](https://i4.ytimg.com/vi/LXLqjxKKCf8/default.jpg)