الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعابةٌ خاتمتها مسكٌ .

يوسف حمك

2017 / 7 / 26
الادب والفن


كان يحصد المراكز الأولى في العمل الوظيفيِّ ، قبل أن تطرق البطالة أبوابه ، و تكتسح الضغوط الثقيلة روتينه الممل ، و تقفل الوظائف المعروضة أبوابها في وجهه .

الإرهاق يطال ذهنه قبل الجسد لهشاشة وضعه المعيشيِّ ، و يفقد توازنه في عالمٍ مكتئبٍ لانعدام توافر موارد الانفاق دون عملٍ .
فكان التسكع في الشوارع وسط ضباب الحاضر للمضيِّ خلف سراب الغد الذي يأمل إنقاذه من الضياع .

يحاول أن يخفي خلف بطالته المرهقة اختناق روحٍ تتكرر إخفاقاتها ، بانسداد الأفق أمامه .
أناه الاجتماعيُّ مضطربٌ فاشلٌ .
لم يجمع ثروةً ، و لا حقق جاهاً ، مهما كان أناه الإبداعيُّ متوهجاً مستنيراً
فكان التأرجح المستمر بين وطأة عذاب الفشل المحطم لحظه العاثر ، و الإرادة الصلبة للعثور على حياةٍ جميلةٍ تمسح آلامه .

كل هذا في كفةٍ و توبيخ الزوجة بكلماتها المتسللة إلى أعماقه لتحيل عزيمته إلى الضمور و الانطفاء و قصقصة الجناح في كفةٍ أخرى .
امرأةٌ من نموذج زوجة سقراط التي لا ترى الزوج سوى صفقةً رابحةً من المال و الذهب .
على النقيض من اهتماماته التي تنحصر ضمن دائرة اللحظات الأسمى من القراءة و متعة الكتابة التي لا تمت إلى المادة و الحليِّ بأدنى صلةٍ .

كان الوقت عصراً ، قرع عليَّ باب المكتب ، أذنت له بالدخول .
و إذ به يقبل بوجهٍ ضحوكٍ ، يتهلل بهجةً .
اختلط عليَ الأمر بعد أن نفى عثوره على وظيفةٍ يبتغيها بتوقٍ جواباً لسؤالي .
ما السر الذي يواريه هذا الوجه المتبسم يا ترى ؟!
كان يتلاعب بمداركي التي لم تسعفني هذه المرة من نصب شباك احتياله ، فاصطادني بخدعةٍ أقرب إلى الواقع ، رغم أنني قدمت له حججاً مقنعةً لأثبت عدم صحة ادعائه .
غير أنها لم تنتشلني من حبائل شباكها .
ربما كنت أثق به ، أو لأنني لم أتوقع أن يمارس هذا اللون من المزحة الثقيلة عليَّ .
لكنه بعد أن أيقن إمساكه بي بشدةٍ ، و وقوعي في قبضته وقوعاً محكماً ، بدأ يفك حبائله ، و يرخي أصابعه ، فأمسيت حراً طليقاً من فخ دعابته ، باعترافه الصريح أنه وقع عقداً طويل الأجل لمنصبٍ متواضعٍ لإحدى المنظمات التي يفضل العمل فيها .

شاركته الفرحة ، و سررت بحظه الذي كاد أن يقضي عليه ، و يسحقه .
أدركت على الفور لماذا يتبع رجال الأمن أسلوب فصل المغضوب عليه من العمل و الوظيفة ، لبلوغه مرحلة الخطر على أمنهم ( لا أمن الدولة و الوطن ) .
طبقاً لقول الفيلسوف الألمانيِّ فيخته : ( إذا أردت القضاء على شخصٍ اتركه دون عملٍ ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بياع اللبن
سيدة الظل ( 2017 / 7 / 28 - 12:21 )
نصيحة لكل من حطمته الدنيا0
يبيع لبن في شوارع باريس مثلا ..يعني0
احترامي للأستاذ يوسف

اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع


.. اعرف أكتر عن وزير الثقافة أحمد هنو




.. وزراء الزراعة وقطاع الا?عمال والاستثمار والعمل والثقافة يو?د


.. لبنى.. ابنة الفنان المصري أحمد راتب تخطت صدمة وفاة والدها ب




.. نصير شمة يحتفل باليوبيل الفضي لتأسيس بيت العود العربي في الق