الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة سريعة في المشهد السياسي العراقي..

علي عبد الجبار شمري
كاتــبٌ حُـــر

(Ali Shammari)

2017 / 7 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إن فشل النظام السياسي في العراق، بات من الأشياء المُسلم بها والتي لا يتناطح فيها عنزان؛ ولذلك نجد ان اختلاف النخب على تنوعهم - حتى من كان الى وقت قريب جزء من هذا النظام- على البدائل، وليس على الاقرار بفساد النظام القائم، وعدم كفائته في ادارة الدولة. ولأيجاد الحلول والبدائل، يجب علينا فهم المعادلة السياسية الحالية، وعناصر ديمومتها.
يكفيك عزيزي القارئ، المراجعة السطحية للبيان الختامي لمؤتمر لندن للمعارضة العراقية لعام 2002؛ لترى ان الشئ الوحيد الذي حمله النظام السياسي مابعد 2003 للعراق وطبقه طوال السنين المنصرمة، هو الطائفية، ودولة المكونات والمحاصصة، بكل ماتحمله من اقصاء للكفائات على حساب الطائفة، وتمزيق للوحدة الوطنية، واستخدام الدين للتحشيد السياسي، والتي هي بالتأكيد خِلاف دولة المواطنة المؤسسات، التي ينشدها كل غيور على تراب هذا الوطن، ووحدة شعبه واراضيه. كذلك ومنذ اول انتخابات عراقية والى يومنا هذا فالبوصلة الطائفية، هي الموجه الرئيس للناخب العراقي، الا من رحم ربي. فقد عزف سياسوا العراق الجدد على هذا الوتر لسنين طوال، يدعمهم في ذلك الجهل والأُمية المتفشية في المجتمع العراقي الذي عانى ويلات الحرب والحصار، كذلك عاطفة الناس وميلهم للدين، لما فيه من ميثولوجيا، وعدالة الهية تداعب احاسيس المظلومين ، وتمنحهم الأمل بقصاصٍ عادل... ولوبعد حين. لذلك فأن الطائفية هي اهم عنصر يغذي النظام السياسي الحالي في العراق، وان اي حركة او حزب او تيار سياسي يتبناها؛ فهو لا يريد بالعراق خيراً.
وعند الحديث عن المعادلة السياسية العراقية، يجب ان لا يفوتنا عامل الإرهاب، فرغم كل ما جره الإرهاب الأسود من دم ودمار للعراق؛ الا انه كان ومازال اهم عوامل كسب الأسناد والدعم الخارجي للنظام ، فما الدعم الدولي بشقيه؛ العسكري، والسياسي الا فاتورة لحرب الوكالة التي كان العراق ومازال من اهم متعهديها. فلقد القت الحرب على الإرهاب، بظلالها على المشهد السياسي العراقي الداخلي بقوة، بطريقة جعلت حتى من يفكر بالخروج على النظام الحالي؛ يتوقف عند البدائل! فتداعي النظام الحالي وانهياره يعني سيطرة الإرهاب على المشهد، والعودة الى نقطة الصفر ، و درس الموصل ليس عنا ببعيد "فالي يشوف الموت يرضى بالصخونة". وبذلك ضمن النظام الحالي الغطاء الدولي، والاستقرار السياسي الداخلي، من خلال الباس معارضيه ثوب الإرهاب تارة، او اتهامهم بعرقلة سير المعارك تارة اخرى، " فنحن في حالة حرب على الإرهاب" ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة!
ان العراق بحاجة فعلية الى نهضة فكرية، وحركة توعوية، تخاطب المواطن البسيط، وتبين له الحقائق التي يجهلها عن هؤلاء السياسين. فما عمليات اعادة تسويق الوجوه بعناوين جديدة، ولا مسلسل التصريحات القومية والطائفية، التي تأتي قبيل كل انتخابات، الا استمرار لنفس المسلسل الذي نعيشه منذ عام 2003. ان رصيد تلك الوجوه البائسة من توفير خدمات، ووظائف، وعيش كريم للمواطن، هو صفر؛ لذلك فهي ليس لديها ماتلجأ اليه، سوى تلك اللعبة التي تجيدها باحترافية، من ترويج الأكاذيب والوعود الإنتخابية، واعادة تدوير الوجوه الكالحة بألباسها ثوب المدنية والاعتدال تارة، وثوب التكنوقراط تارة اخرى.
الى جانب الحركة التوعوية، يجب علينا ان ندرك، ان العراق بحاجة فعلية الى معارضة وطنية حقيقية، ذات توجه واضح، تؤمن بقيم المواطنة والمدنية، ودولة المؤسسات، لا الطائفية ودولة المحاصصات. ان غالبية الموجودين على الساحة السياسية العراقية، اما مستفيدين، او موالين، والمعارضة الموجودة حاليا؛ هي معارضة من ورق، لاترقى الى مستوى الطموح، او ماتتطلبه المرحلة الحالية؛ وذلك لأفتقارها الى الإصطفاف الوطني، والرؤية الموحدة، وعدم تبنيها مشروع بديل، كذلك افتقارها الى العلاقات الدولية والاقليمية، التي باتت مع الأسف، هي الموجه الرئيس لدفة السياسة العراقية. لذلك ينبغي رص الصفوف، وبيان خطورة استمرار النظام الحالي للداخل والخارج؛ من خلال عقد المؤتمرات، وتشكيل الوفود، ووضع خطوات جادة للتتغير، وتبني مشروع موحد واضح المعالم.
هنالك بالتأكيد عوامل اخرى، ساعدت في ديمومة واستمرار النظام الحالي؛ لكن الطائفية، والإرهاب هما اكثر من ساهم في تدمير هذا البلد من خلال ساسيوا السوء الذين تاجروا بهما؛ ولن يكتب للعراق اي نهضة حقيقية، مالم يسقطهما من على كاهلهِ، ويدوسوهما بقدمه.
علي شمري
السويد 27 تموز 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24