الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيض الجوع

طارق الحلفي

2017 / 7 / 28
الادب والفن


فيض الجوع


الى صباح كنجي



" حينما حملتني قدماي
بليل الجوع "



كنتُ أجوسُ جِبالَ الصَّمتِ ـ العَنِتِ

وانتَ تُداري، في حَيرَتِكَ، الجُوعَ

وتوابيتَ الناسِ ـ رفاقُ الرِّحلةِ

عِبرَ مضائِقَ من احجارِ طَنينِ العَهِتِ *

تَشهَدُ موتاُ يُشبهُ موتي

وحَوانيتاُ من احشاءِ جَرادٍ خَرِصِ **

نَطَقَ الدَّمعُ

وهو يُقَبِلُ ثَغرَ الفَجرِ

ففاضَت ظُلمة

................

................

تزدَرِدَ الخاطِرَ، ظَناً منكَ

ان أمانَ السُّلطَةُ وَهمٌ

ويَقينيّاً كنتَ سَتَعني

ان وَعودَ السلطةِ غدَرٌ

مثلَ عُهودِ الأفاقينَ

وَلؤمِ السَّفلة

................

................

يَكبَرُ صَوتُ صَهيلِ الجوعَ

على الانباءِ

فملاقيكَ الآتي كَفناً

بينَ شَريكِ الفِتنَةِ والتاريخِ

بينَ البَينِ وبينُ البينِ

جمرٌ من أشَواقِ وداعٍ

وتخاريفُ عبورٍ آمن

نَحوَ ضِفاف جحيمِ الحرب

................

................

ينطفيءُ الثلجُ

تحتَ بَساطيلِ فَجيعَتِنا

وعويلُ قلوبٍ لن يتَوَقفَ

عندَ سواحلِ فيضُ الخيبةِ

مُتَمَرِّدةٌ

كانت كُلُّ حُظوظِ الحزنِ

متمردةٌ

كانت كلُّ اغاني اللَّهفةِ

بينَ ضَبابِ الخوفِ المُعتِم

وخَساراتِ القهرِ الكابي

................

................

هل زَيَّفَنا السِّرَّ مَساءً

تَحتَ ربايا عُريِ الجوعِ

هل مّرَّت اسراِرُ الفاقةِ

بينَ الخبزِ وبينَ الخبزِ

كي نتحملَ هذا الجوعَ على المسكوتِ

ببابِ الكُفرِ؟

هذا الجوعُ وما ادراكَ بِنَبضِ الجوعِ

او ما مَلكَت أيدي القَتَلَةْ

غَيرَ القتلِ

................

................

أمسى صوتَ الجَوعِ طبولاً

او بارِقَةً صَوتَ الأهلِ

رُبَّ وَلِيّاً

او اصحاباً قد فارَقَهُم دودُ الشَّكَّ

او تَهويمِ العَطفِ المائِلِ

نحو رِياحِ هِجير القَسوَةِ

او بطلانُ حُروفُ القَصدِ

نَفيُ النَّفيِّ

حتى من لا يُخفيَ أمراً

قُضيَ الأمرُ

اضحى رَقما

في قائِمَةِ الوقتِ الآخر

................

................

وَعدا يَبدأُ بالتصخابِ

ويُقفَلُ صَمتا

فوقَ خريطةِ صيفٍ امرَد

يُقطَفُ من أبَنوسِ الخُلدِ

اين يُخلِّدُ هذا الخُلدُ

بِظُهرِ الغيب

ام بترابٍ

من هَيْمانِ قُلوبِ الوَحشَة ****

................

................

ذات صباح حَلِمَت امّي

فزَّت مِثلُ صَبايا العشقِ

فَتَحت خُصا من مكمَنِها

في بَتَلاتِ السِّدرِ الأخضرِ

قَطَفَت شمساً وهِيَ تظنُّ

ان الخبزَةَ زُرقَةُ ليلِ

سُربُ يَمامٍ

كُحلَ رفيقةُ دربِ الأبدِ

................

خَجِلَت امّي

اذ ضَيَّعنا حادي العيس

بمواقيتِ رمادِ المنفى

................

مُرّاً يَصبَحُ جَمرُ الحَرفِ

بالهَذَيان



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العنتِ – الشَّخصُ الواقِعُ في شدَّة
** العَهِتِ - رجُلٌ مُتَعَهِّت أَي تَحَيُّرٍ
*** الخَرِصِ - الْجُوع مَعَ الْبَرْدِ
**** هَيْمانِ - العَطْشَانُ أَشدَّ العَطَش













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل