الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فليغضب من يغضب

كمال عبدالله

2017 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


فليغضب من يغضب...

يبدو أن كلمة ماركسي- لينيني قد أصبحت علامة تجارية لا تختلف في شيء عن كلمة "كوكا كولا" أو كلمة " كريستيان ديور"...تماما مثل كلمة " شي جيفارا"...التي تحوّلت إلى مجرّد كلمة يستعملها الشّباب للتعبير عن نزعاتهم التّمرّدية لا الثّورية...ويكفي للتعبير عن ذلك من ارتداء صدار صيفي ترسم عليه صورة لهذا الأخير...وتحوّلت كلمة ماركسي – لينيني عند الشيّوخ من أمثالي إلى نوع من الحنين إلى أيّام كانت أجمل حتّى و إن كانت أشدّ بؤسا و تعاسة...لا أقول هذا من واقع ما أشعر به من الألم لما أرى ما أصبح عليه اليسار، بل من باب توصيف ما أصبح عليه هذا اليسار البائس والذي تحوّل إلى مجرّد صورة لــ "منجل ومطرقة"...اختفت المعاني الايديولوجية الجميلة...واستطاعت الفاشية الليبيرالية بالتحالف المعلن مع الفاشية الدينية فرض سلطتها وسلطانها على الدولة و المجتمع...يكذب كل من سيدّعي بأنّ هنالك يسارا ثوريا على امتداد هذا الوطن الصّغير(تونس) وعلى امتداد هذ الوطن (الكبير) و الذي كان يسمى باستعارة شوفينية (الوطن العربي)...هناك حالة انفصاميّة حادة...لمن لم يفهم التعبيرة من القرّاء الصّغار( كوادر الأحزاب التي تسمي نفسها ماركسية – لينينية ) هي حالة سكيزوفرينية تم فيها فصل الايديولوجي ( الشيوعية) عن السياسي (الماركسية)...ولم ينتج عن هذه الحالة الانفصامية أي وعي جديد متطور أو استثنائي بقدر ما نتج عنه حالة مرضية حادة وجديدة هي الأخرى و تمثلت في محاولة انتاج نظريات ( تقول عن نفسها كذبا بأنّها ثورية) وتمثلت في الدمج الاستراتيجي بين النقابي و السياسي على مستوى الفعل السياسي و محاولة انتاج زيجة متعة بين ما هو دينيّ وما هو ماركسي ...سمّى الماركسيون التونسيون هذه الحالة المتقيحة بالــ "واقعية"...ولو أخضعنا هذا السلوك الانتهازي لأدوات التحليل الماركسية من دون حتى الرّجوع إلى المصادر الأولى لهذه الأخيرة لوجدناه سلوكا " إخوانيا صرفا " ( انظر مقالتنا...استراتيجية الوباء/ الاسلام السياسي على الحوار المتمدّن)...وقد دفع هذا السلوك الغريب عن المبادئ الماركسية إلى خلق هوة " هُوِّيَّاتِيَّةٍ" بين الفكرالذي كان يمكن أن يكون ثوريا عند الشباب وبين واقع المصالحات الرّخيص مع التيارات الدينية أو الشبه دينية...بعد المحاولات الانقلابية التي سمّتها قطر " الربيع العربي" و هو التوصيف الذي تبناه اليسار بغباء لا مثيل له، انخرطت الأحزاب اليسارية في جبهات انتخابية لا تمتلك أي أرضية للفعل السياسي الممكن...أي تحليل لمكوّنات الجبهة الشعبية في تونس ( الأحزاب المكوّنة لها) ستفرض السؤال التالي...ماهي المرتكزات النظرية و السياسية لهذه الجبهة...؟....إذا كان الجواب هو الوصول إلى الحكم فنحن في مشكل...أما اذا الجواب هو السلطة فسنكون في مشكل أعمق...هكذا تبدو الأمور لمن سيتابعها من داخل المشهد...واذا كان هذا المتابع متشبعا بالمعاني الثورية...أما اذا كان مجرد " راصد" لما يحدث، فلن يتمكن من تفكيك المشهد...و لنحاول اسقراء المعنيين التاليين لخلق حالة من الفهم السياسي...
1- الاخوان لا يفكرون في الحكم ولكنهم يفكرون في السلطة...( المعنى الأول)
2- اليسار لا يفكّر في السلطة بل يفكر في الحكم ( المعنى الثاني)

سنضرب مثالين لتوضيح الأفكار 1 و 2 ...

1- لا تدخل حركة الإخوان المسلمين أي انتخابات من منطق السلطة لأنها تتمتع بهذه الأخيرة من خلال آليات أخرى تفرض من خلالها أخلاقياتها المتعفنة ( آلية التكفير) و آلية التكفير ليست آلية حكم بل آلية سلطة...( فرض سلوك اجتماعي معين ( مظاهر الافطار في رمضان...ارتداء الفولار/الخمار/الحجاب) و لا يتعامل القانون مع كل هذه المظاهر الا من خلال النصوص التي توضحها و لكن الإخوان يفرضون سلطتهم الأخلاقية على الشعب لتنفيذها حتى و إن اباحها القانون أو سكت عنها)...هذا لا يعني أن الاخوان لا يهتمون بالجانب السياسي...على العكس تماما...هم يفرضون وجودهم االبرلماني من خلال كتلة انتخابية تجعل من وجودهم داخل مؤسسات الحكم وجودا " معطلا"...
2- على عكس الاخوان...يدخل اليسار الانتخابات من منطق الوصول للحكم و نرى لو وجودا بمعنى السلطة خارج الحكم...فلم يؤسس اليسار لوجود ثقافي جماهيري...او شعبي و بالرغم من ان الحركات الدينية لا تحتكم هي الأخرى لقاعدة شعبية اوجماهيرية كبيرة إلا أنها تحتكم لآليات تفرض بها سلطتها حتى على يرفضها انتخابيا....

كتبت في ورقة سابقة حول أزمة اليسار...وقد استعملت كلمة أزمة للخروج من حالة الاحباط الياسي و الايديولوجي التي يعيشها هذا التيار اليوم لأن التعبيرة الحقيقية سوف لم تكون " ازمة" بل "كابوس اليسار المزمن"....ولكي أكون عملي بعض الشيء فسوف أقدم بعض الرؤى التي قد تشكل مقترحات حلول و سوف ألخصها في ما يلي....
- 1 تفعيل آلية النقد و النقد الذاتي ( بالمعنى اللينيني)...
- 2 تفعيل دور اتحادات الشباب...
- 3 تفعيل دور اليسارالنقابي ( كعمل نقابي لا كبديل للأحزاب )...
- 4 تفعيل آليات التكوين النظري ( بشكل جدي لا كحلقات فلكلورية)...
- 5 تفعيل دور اتحادات المرأة...
- 6 تفعيل مؤسسات الانضباط الحزبي...

هذه مجموعة من الرؤى التي قد تشكل أساسات ممكنة لنقاشات بنّاءة لما يحصل داخل البيت اليساري العربي عموما و الذي أصبح محتاجا لإعادة ترتيب حقيقية لا تنطلق فقط من المعاني السياسية بقدر ما سيكون عليها ان تنطلق من معنى المشروع الحداثي حتى تتمكن من فرض سلطتها داخل الشارع العربي الذي أصبح لا يعرف لليسار معى الا من خلال صور "جيفارا"...

كمال عبد الله...تونس....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو