الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتلال أصل الاختلال ولكن...

هويدا نمر-زعاترة

2017 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


حين يكون احتلالٌ تكون مقاومةٌ. الواقع تحت الاحتلال يختار طرقه لرفض الاحتلال ومقاومتة، أو يُدفع اليها دفعًا بفعل ضغط الاحتلال وقمعه.
و حتما فإنّ الشعب الفلسطيني ليس استثناء وليس من المفترض أن يكون! وككلّ شعب حيّ ينتفض، أمام ما يواجه من إساءات وظلم، فيخرج بشبابه وشابّاته ويتحرّك برجاله ونسائه كي يدافع عن حقّه في الحياة والكرامة. لكنّ المؤسف في واقع الأـمر أنّه تُرك وحيدًا، فلا عالَم عربيّ يقف جناحَ دفاعٍ خلفه، فهو بذاته يعاني بين مطرقة اﻷنظمة وسدّان التطرّف ويواجه التفكّك والضياع، ولا سلطة قوية مستقلّة تآزره وتشدّ من عوده وتكون له العنوان، ولا قيادة سياسية تخطّط وتقود. لقد تُرك للأنبياء الكَذَبةِ... للذين يلعبون بفتيل الدين ويوظّفونه للوصول إلى غاياتهم وتحقيق أجنداتهم المرتبطة بدول ومراكز قوًى خارجية والذين لا يرون المركز في الوطن والإنسان.

وفي هذا السياق، يحضرني الفيديو الذي شاهدته لشخص بهيئة شيخ متأسلم، يلقي وعظته محصيا أعداد حور العين التي تعد الجنّة بها الشهداء وخاصّة من يستشهد في يوم الرباط! فيسترسل في الشرح والترغيب بفتح الشهيّة بما يلذّ ويطيب في الجنّة من خمور وحور عين... ولمن؟! لأطفال في مخيّم صيفيّ! أطفال في سنّ البراءة حيث ربّما لا يتعدّى معدّل أعمارهم السابعة! وهكذا يتشوّه وعي من سيكونون أعمدة المستقبل. هكذا تغتصب طفولتهم وتنتهك احتمالات شبوبيتهم فتتشكّل لتلائم أفقًا ضيّقًا ونظرة مشوّهة للقيم، للحياة، للطموحات وللدين ذاته، حيت تُنقض زبدة الدين حين يختصر بملهىً، تحت رعاية وضمان ربّ متخيّل وملائكته!

وفي الناحيه الأخرى من الخارطة، وخلف الغشاء شبه النفّاذ للخطّ الوهميّ اﻷخضر، الذي ﻻ تتمكّن كلّ كميات اﻹسمنت المسلّح التي سكبت فيه ولا كلّ نقاط التفتيش والحواجز، من فصل شقيّ برتقالته! وبعد كلّ عملية مقاومة، تصدر ردود الفعل الشاجبه المتعالية في الشارع اليهوديّ ويتعالى نعيق ساسته وتباكيها. ينشط احتفال شيطنة الفلسطينيّ وتستغلّ الحالة للتحريض ضدّه، فيوصف العمل باﻹرهابيّ والتخريبيّ ويُنعت منفّذه بأسوأ النعوت.
أصوات قلّة فقط تضع الإصبع على الجرح وتعترف أنّ الاحتلال هو السبب وأنّه لا يمكن لشعب أن يستكين له، وتقرّ بأنّ الاسرائيليّ لن ينعم بالسلام والسكينة والحياة الآمنة ما دامت دولته تحتلّ شعبًا آخر وتمنع عنه الحياة الطبيعيّة: أن تكون له السيادة على أرضه. أن يتحكّم في معابر حدوده. أن يسيطر على موارده الطبيعية. أن يقرّر مصيره ويتمكّن من رفع اقتصاده والعيش بكرامة، ورسم مستقبل زاهٍ زاهرٍ آمنٍ لأطفاله... أن يكون حرّا مستقلًّا غير مرتبط بمزاج ومصالح ساسة دولة أخرى!

أما أمنيتي فأن يستمرّ شعبي في المقاومه الى أن يكنس الاحتلال- فعل العنف المتواصل بمجرّد وجوده: بأقلّ عنف مضادٍّ ممكن. أن يختار، هو المتعرّض للعنف اليوميّ، اللاعنف ضدّ المدنيّين في مقاومته. ليس لأنّه ملزمًا ولا لأنّه لا يحقّ له، بل لأنّه يختار منع الاحتلال من مسّ نواة روحه وإنسانيته...
فالشعب الفلسطيني صاحب حقّ والحقّ أمضى من السكين... صوته يعلو على البارود!


وأخيرًا، ملاحظة ليست خارج السياق: أعتذر مِنكم أهلي، يا من تعانون وتكافحون تحت وطء الاحتلال في الضفة وقطاع غزّة، إن بدوت في أمنيتي ساذجة أو حتّى متعالية. لا يمكنني ولا يحقّ لي أن أحكي باسم أحد، فما بالك- أنتم، حيث لا تجربة تشبه في تفاصيل قسوتها- تجربتكم. لكنّ هذه أمنية، وطبيعة الأماني أنّها موجودة في مكان قصيّ يحلّق فوق النهر الجارف للواقع... او ربما هي ليست قصيّة الى هذا الحدّ، فقد أثبتنا كفلسطينيين في كافة أماكن تواجدنا، مراسنا ومقدرتنا على ضبط النفس في مواجهة الة العنف الاسرائيلية بنضال سلمي حشد الناس ومن كل اطياف شعبنا والأمثلة عديدة منها الهبّة ضدّ برافر، وفي امّ الحيران ومؤخرا تتوّج في القدس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر