الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أربعة .. وخامسهم نتنياهو

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


وخامسهم نتنياهو

لم يكن من الغريب أن يصرّح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتينياهو بعدائه لقناة الجزيرة الاخبارية ورغبته في غلق مكاتبهم في القدس واتهامهم بتأجيج الأوضاع، وذلك بسبب الهجمة الهوجاء التي شنتها من قبل حكومات مصر والسعودية والبحرين والامارات على قناة الجزيرة وعلى دولة قطر، وليس بخافي على أحد أن مواقف هذه الدول الأربع تتسق بشكل كامل مع الموقف الاسرائيلي بل وتكون في اغلب الأحوال خير معبر عنه.

الا أن عدم اندهاشي من موقف نتنياهو لا يعني أنني لم أشعر بالصدمة من الموقف المفاجئ الذي اتخذته هذه الدول في فجر أحد الأيام ضد كل ما يمت لقطر بصلة، على الرغم من روابط الدم والنسب واللغة بينها وبينهم والعلاقات الاقتصادية والسياسية التي كانت تجعل الجاهل والغافل يعتقد بناء عليها أن الخليج وحدة واحدة لا انفصام لها.

لم تكتفي هذه الدول بالحصار برا وبحرا وجوا، ولكن طردت القطريين شر طردة من أراضيها ولم يسلم منهم حتى الإبل التي قضت نحبها عطشًا على رمال الصحراء بدون ان تحرك في صدورهم الرأفة أو الرحمة التي يبدو أنها لم تعرف الطريق اليهم في يوم من الأيام.

ولم تتواني هذه الدول في ادارة آلتها الاعلامية لكيل التهم للحكومة القطرية وقناة الجزيرة وكل ما يمت لقطر بصلة حيث اصبح شغلها الشاغل التشهير والتضليل والصاق التهم زورا، حتى وكأنها تصر اصراراً لا رجعة فيه على حرق كل المراكب ورائها والوصول الى نقطة اللاعودة.

والحقيقة أن هذا النهج هو معتاد تمامًا من هذه الحكومات ومكرر في العديد من المواقف، حيث أنها لا تكتفي بالحاق الأذى بخصومها ولكن عليها أيضًا أن تشهّر بهم وتقضي على سمعتهم وتلحق بهم أقصى درجات الأذى الممكنة.

لم يسلم من هؤلاء ولا حتى أقرب المقربون لهم، فبمجرد أن ينتهي أمرك لديهم أو تصبح حجر عثرة في طريقهم سيحرقونك حيًا، وليس بخافيًا على أحد ما حدث مع ولي العهد السعودي المخلوع بن نايف، حيث لم يكتفي هؤلاء بانتزاع ولاية العهد منه ولكن كان عليهم أن يسربوا أخبار عن ادمانه للكوكايين، وكأنه لم يكن حارسهم الأمين الذي حكم البلاد بالحديد والنار وثبت لهم عرشهم وأهلك عدوهم.

لم أستغرب أبدًا من موقف الدول الأربعة التي اعتادت على انتهاك حقوق الغير وتجاوز كل الخطوط الحمراء التي وضعتها الأديان والقوانين والدساتير والأخلاقيات فكل هذ الأمور لا تعني لهم شئ البتة.

ومن المثير للسخرية أن يخرج علينا مسؤول اماراتي يحدثنا عن الدولة "العلمانية" التي ترغب الدول الأربعة في رؤيتها في منطقة الشرق الأوسط بينما قطر تدعم الحركات الدينية المتطرفة، هل يعرف السيد المسؤول عدد الأشخاص الذين تعرضوا للجلد والسجن بل وقطع الرقبة بسبب دعوتهم لعلمانية الدولة في السعودية؟ .. هل يعرف أن الدول الأربعة تصم دعاة العلمانية بالكفر والزندقة وكل صنوف الاتهامات والوصمات وتشهّر بهم وتطاردهم في حياتهم وارزاقهم؟ .. الفارق كبير بين الدولة الدينية والدولة العلمانية والدولة القمعية .. وهذا النوع الأخير هو وحده ما تعرفوه وما تدعموه.

ما أثار تعجبي حقًا في هذا الموضوع برمته أنني شاهدت من قطر والقطريين وجه لم أكن أعرفه ولا أتصوره، حيث خرج علينا مسؤوليهم واعلامييهم ومثقفيهم وحتى مواطنيهم العاديين للحديث فأذهلوني بحجم ما لديهم من ثقافة وتهذيب ووعي وجعلوني استوعب حقًا لماذا قطر تحتل مراكز متقدمة في جودة التعليم وفي جودة الحياة.

تحركت الدبلوماسية القطرية ببراعة وذكاء يجب أن يدرس للخروج من هذه الأزمة، وبعد أن كانت قطر في موضع الاتهام جعلت من محاصريها متهمين، متهمين بالاخلال بالقوانين الدولية وبقوانين الانسانية، اظهرت مدى تبعيتهم وقلة حيلتهم وهشاشة ما لديهم من قيم ومن أفكار، هؤلاء تصوروا أن البلطجة والقوة المفرطة والتشهير أدوات لا يمكن مواجهتها وخاصة من دولة صغيرة الحجم لا أحد يسمع لها صوتًا، ولكن أثبتت لهم قطر أن المسألة ليست بالعضلات ولا بالصوت العالي ولكن بالذكاء وبالصوت العاقل المثقف الواعي.

الحكومات التي تصيبها قناة تلفزيونية بكل هذا الفزع والهلع وتستدعي منهم أن يشنوا عليها حرب شعواء هي حكومات بلا اساس تعتمد على ترويج الأكاذيب وعلى القمع والقمع وحده، ليس لها قاعدة شعبية، وبالرغم من كل ما تمتلكه من آلة اعلامية تصيبها أي كلمة معارضة بالجنون، ليتكم تتعلمون من قطر احترام مواطنيكم وتحقيق شعبية حقيقية وليس شعبية مبنية على شراء الذمم والأقلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تدخلت أمريكا عسكريًا في عملية إسرائيل لإعادة 4 رهائن؟


.. مراسلنا: قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سك




.. حزب الله يعلن استهداف مبنيين يتمركز فيهما جنود إسرائيليون في


.. الاتفاق الدفاعي بين الرياض وواشنطن يلزم السعودية بتطبيع العل




.. رئيس معهد أبحاث الأمن القومي: الضغط العسكري سيؤدي إلى مقتل ا