الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رَجُل الحُلم-1-(الجزء الثالث من الرواية)

ريتا عودة

2017 / 7 / 30
الادب والفن


-1-
مرّتِ الأيام ...
ها أنا أستلم اقرارا أنّه تمَّت الموافقة على انضمامي لهيئة التَّدريس في جامعة حيفا, قسم أدب مقارن, بعدما أكملتُ تعليمي الجامعيّ بتفوّق فيها.
كان حلمُ تحقيقِ الذّات عبرَ الدِّراسة والكتابة هو هاجسي.
قررتُ قبلَ أن أبدأ يومي الأوّل في الجامعة أن أذهبَ إلى توأم روحي خولة لأستمدَّ منها طاقة ايجابيّة وغذاء لروحي المُتعبة.
عبرتُ الحواجزَ المؤدية إلى بيت لحم..
والتقينا.
كلقاءِ عجزِ بيتِ الشِّعْرِ بصَدْرِه... التقينا.
كلقاءِ قطرةِ مطرٍ ببَتَلَةِ شجرٍ ... إلتقينا.
ضمّتني إلى صدرها.
أحسستُ بحنانها يغمرني.
أجمل علاقة في هذه الحياة هي علاقة الصداقة وأجملها هي صداقتي وخولة فهي مبنيّة على الصّخر لا على الرَّمل.
الصِّدق والتَّقارُب الفكري والسّياسي الذي يُولّد الإنسجام والتناغم هو بوصلة بناء الصداقات. حتّى العلاقات العاطفيّة .. الإنسانيّة.. تخجل من خرقِ هذه القاعدة.
وكان لقائي بجمال!
كَمْ كانَ لقاءً مُمَيزًا لكونِهِ رجلاً لا يتكرَّرُ إلاّ نادرًا.
تحدّثَ عن حياته.. معاناته.. لقائه الأسطوري بخولة.
قال إنَّ لقاءَهما لم يكن صدفة أو ضربة قدر إنّما هو تخطيط إلهي.. هدفه أن يأتي هو ليكون سبب فرح خولة.
استمعتُ إليهما يتحدثان عن قصة حبّهما بلهفة.
كانا كطائريِّ حُبّ مُتناغمين.
هذا هو الحُبّ الحقيقي الذي تحلم به أي فتاة.
مَن مِنا.. مهما حققتْ ذاتها عَبْرَ الشهاداتِ الجامعيّة.. مهما ارتقَتْ فكريّا ..اجتماعيّا واقتصاديّا.. لا تحلم برَجُلٍ كَ جَمال!.
هو رَجُلُ الحُلمِ لأيّ امرأة لكونه يتعامل معها ك: كِيان. رَجُلٌ يحتويها بحنان.. يغمرها بحبّه وإهتمامه بكلّ تفاصيل حياتها حتّى أبسط الأمور.. يُشعرها أنّها إنسانة وأنّ وجودَها في حياته ضرورة كما الهواء والماء.
آآخ خولة!
لو تعلمينَ كم بحثتُ عن رَجُلٍ كَ جمال.. لكنّه ظلَّ للآنِ حُلُمًا.
أنتِ وجمال تجسيدٌ رائع لحُلم الحُبّ الحقيقي.. فطوبى لكما!
...
..
.
فجأةً قفزَ فيصل من أتونِ الذاكرة.
ارتجفتُ.
شعرتُ بغصَّةٍ في حَلقي.
أغمضتُ عينيَّ.
...
..
.
أهذا رَجُلٌ وذاكَ رَجُل؟!
شتّان بين هذا وذاك. أحدهما نقيض الآخر!
فيصل.. تعامل معي من منطلقِ كونه هو محور العلاقة.. هو سي السيّد وأنا أمينة المطيعة التي ترتجفُ رُعبًا عندما تسمع وقعَ خطواتِهِ في المَمَرِّ عائدا إلى البيت.
فيصل لم يُعطِني المجالَ أن أتناقش معه في أيّ موضوع كان. لو فتحتُ فمي فورًا يثور .. وقد تصل ثورته إلى الضَّرب.
أذكر أنني تجادلتُ معه في أولى سنة زواج حولَ موضوع ما. كانَ يأكل البطيخ. لم يُعجبه كلامي. لم يناقشني. إكتفى بقذفِ شَوْكةِ الطّعامِ التي في يدِهِ بإتّجاهِ وجهي فتسبَّبَتْ بخدشٍ بين عيني وأنفي.
منذ ذلك اليوم.. بدأتُ أتقوقع داخل محارتي فلا أجادله ولا أبادرُ في التحدّثِ إليه فأيّ كلمة قد أتفوّه بها قد تكون كفيلة بإشعال نيران غضبه وقد تؤدي إلى عملية قمعي عن طريق الضَّرب.. كأنّني ذبابة تطِنّ قربَ أُذُنِهِ .. تزعجه.. فيتخلص منها بمنتهى البساطة عن طريق ضربها بالمنشة. كأنَّ قانونَ الغابِ هو الذي يُسيّره فَ البقاء فقط للأقوى جسديًّا.
...
..
.
ودّعتُها.
أحسَسْتُ لحظة تعانقنا كأنّ قلبي انسلخَ عن جسدي.
عدتُ وفي رأسي سؤال يُلِحُّ على كِياني: تراني أعثرُ يومًا ما على رَجُلِ حُلُمي أنا في هذا الكون كي أكتملَ كما خولة وجمال أم أنّه حُلمٌ والحُلُم إنْ تحقَّقَ فقد خاصيّةَ كونِهِ حلمًا!؟












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | روح أكتوبر حاضرة في أغاني النصر وسينما الحرب |


.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال




.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية


.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري




.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد