الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نعيد النازحين العراقيين إلى مدنهم

زيد كامل الكوار

2017 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية




يقول الشاعر العربي العراقي الموصلي أبو تمام حبيب بن أوس الطائي:
نقل فؤاد حيث شئت من الهوى * ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى * وحنينه أبدا لأول منزل

وإذا كان الانسان في انتقاله بين المنازل والمساكن في حياته يترك فيها الكثير من البصمات والذكريات الجميلة، من نجاحات وأفراح ومسرات وذكريات مؤنسة مفرحة، فهو يترك فيها كذلك ذكريات مؤلمة سوداء كئيبة لما حدث له من مصائب ومصاعب في بعض تلك المنازل كفقد أحد أفراد أسرته ، أو انتكاسة مالية مادية أو أية مشكلة عاطفية أو عائلية تركت أثرها المؤلم والسيئ في ذاكرته فلا يذكرها إلا وهاجت في قلبه مشاعر الحزن والألم.
وكما قال شاعرنا أبو تمام فإن الإنسان مهما تنقل بين المنازل والمساكن الكثيرة طوال حياته فإنه يحتفظ في قلبه بمنزلة أثيرة وكبيرة لأول منزل سكنه ففيه ذكريات الطفولة والبراءة والطمأنينة ، ولا يستطيع أحد من أسر تلك الذكريات الجميلة فكاكا، إذ يبقى المرء مهما تباعدت وتقدمت به السنون مشتاقا ويشعر بالحنين الدافق لأول منزل شهد أولى ذكرياته.
وما دام حال الإنسان كما ذكرنا من الحنين لمنزله الأول موطن ذكرياته الأولى فما عسانا نقول في النازحين المساكين الذين يعانون أشد المعاناة وهم في انتظار العودة سالمين إلى منازلهم الأولى التي تركوها مرغمين غير مختارين؟ من منهم لا يتذكر بكل الحنين واللوعة والمرارة منزله الأول مهما كان بسيطا ومتواضعا فإنه يبقى هو الأجمل والأكثر هدوءا وبهاءً وشاعرية. فلو تأملنا اليوم المشهد الذي يعانيه العراقيون المهجرون من مدنهم ومحفظاتهم ولنا أن نتخيل مبلغ الشوق العارم لديهم للرجوع إلى محافظاتهم ومدنهم الحبيبة التي انتزعهم منها إرهاب داعش المجرم، لاسيما وهم يعانون الأمرين من تل الخيم البائسة التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، لكنهم في الوقت عينه يحتاجون ما نحتاج اليه من خدمات الماء والكهرباء والخدمات البلدية غير المتوفرة في مدنهم المدمرة التي تنتظر إعمارها لتسعد بعود أهلها الغائبين عنها مرغمين غير طائعين. ولا يصح إنسانيا بحال من الأحوال إرغام أولئك النازحين على العودة إلى مدنهم تحت تهديد السلاح كما قامت بعض القوات الأمنية بفعله قبل أيام في بغداد وبعض المحافظات الأخرى ففي ذلك خرق لحقوق الإنسان وتجاوز على قيم المروءة، ومخافة للدستور العراقي في مادته الرابعة والأربعين، التي تتيح للعراقي السكن في أية بقعة على أرض العراق يشاء السكن فيها. فالأولى بنا مواطنين ومسؤولين أن نطالب ونعمل على إعادة إعمار تلك المدن التي هجرها أهله بسبب تدميرها من جانب داعش أو العمليات العسكرية التي طرد فيها داعش من تلك المدن، فمن منا سادتي الأكارم يرضى لعائلته أن تسكن خيمة في مدينة مخربة لا كهرباء فيها ولا ماء ولا خدمات بلدية؟
إنها الحقيقة المرة فالموصل والرمادي والفلوجة لحقها من الدمار ما لا يمكن معه العيش فيها عل حالها الراهنة، فالهمة والعزيمة والنزاهة والنية الصادقة والعمل الدؤوب هي أدواتنا المطلوبة في إعادة إعمار تلك المدن قبل الأموال والآليات والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات