الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو كتبت هيومان رايتس واتش التاريخ؟

عمار عرب

2017 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا لو كتبت هيومان رايتس ووتش التاريخ ؟:

ما لا يذكره الكثيرون أن الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن قام في الحرب الأهلية التي جرت بين الولايات الشمالية و بين الولايات الجنوبية الأمريكية عام 1861 بمجازر و جرائم حرب كثيرة وذلك من أجل الإبقاء على أميركا موحدة من باب أن الغاية تبرر الوسيلة عند الكثيرين وخصوصا في الحروب..
و قد فكرت كثيرا أنني ربما لو كنت بدلا عنه لسمحت للولايات الجنوبية بالإنفصال لكي أحقن الدماء وأتجنب الدمار والفاتورة البشرية العالية للحرب و عندها ربما لن أكون عظيما بعرف التاريخ ..
هذا واقع ..

طبعا في أميركا يقال عنه العظيم أبراهام لنكولن وصورته تزين الدولار وهو مصدر فخر كبير للأميركيين ..
وإعتقادي الشخصي بأن قصة تحرير العبيد لم تكن وقتها إلا حجة لتشريع الحرب أخلاقيا والدليل أن الولايات الجنوبية عادت بقوانين عنصرية ضد السود ربما كانت تماثل أو أسوأ من العبودية نفسها مباشرة بعد إنتهاء الحرب ولم يحرك في الشمال المنتصر أحد ساكنا ..

التاريخ لم يعد يذكر كثيرا ملايين الضحايا لهذه الحرب بين قتيل وجريح ولكن ذكر أبراهام لنكولن -ولو بعد حين - بأنه عظيم ولا أنكر دون شك أن نتيجة عمله كانت عظيمة وهي وحدة أميركا وتحرير العبيد - ولو نظريا - ولا أنكر أيضا أن تبعات الحرب كانت عظيمة على مستقبل أميركا بأن أصبحت أقوى بلد في العالم بعد مدة منها ..

وكذلك هو الأمر مع الرئيس الأميركي هاري ترومان الذي ألقى قنبلتين ذريتين أزهقت أرواح ملايين المدنيين في هيروشيما وناغازاكي..
التاريخ توجه بطلا و منتصرا في الحرب العالمية الثانية ولم يعد أحد من الأميركيين يذكره بسوء ..

ولو فرضنا جدلا أن هتلر إنتصر في الحرب العالمية الثانية لرأينا رأيا آخر اليوم فيه ولربما ملأت تماثيله ساحات العالم وليس فقط ألمانيا ولكانت ربما اللغة الألمانية هي اللغة الأولى في العالم اليوم بدل الإنكليزية ...

و لن أذهب بعيدا عن تاريخنا فكذلك كانت الأمور للسلطان صلاح الدين الأيوبي فخر المسلمين اليوم وهو الذي قتل مئات الآلاف من الأبرياء في سبيل توسيع مملكته في الشام و مصر و السودان وأفريقيا و هو من أعدم كثيرا من المفكرين المتنورين دون وجه حق فقط لأنهم خرجوا عن الرؤية التقليدية لمؤسسته الفقهية كالسهروردي رحمه الاه وغيره..
ومثله كثير في تاريخنا من مجرمي الحروب لازلنا نقول عنهم إلى اليوم رضي الله عنهم ونسمي أبناءنا تيمنا بهم ..

إذا الحروب تقاس -تاريخيا - بنتائجها وليس بخسائرها ولا بعدد ضحاياها..

أسقطوا الآن ما قلت على الموضوع السوري !
نعم لا تستغربوا فهذا واقع وأي ردح بعد نصر المنتصر النهائي لن يفيد ولن يغير من المعادلات شيئا ..
ودماء أبرياء ذهبوا على مذبح شعارات كبرى ك " الحرية " أو " الكرامة " أو " الوطن " كدماء المبرمج الفلسطيني السوري العالمي باسل الصفدي سيتم نسيانها إذا إنتصر من عذبه في معتقله حتى الموت بل وربما يخلد التاريخ قاتله كبطل و ومثله الكثيرون كما نعرف ..
ووجود مؤامرة على بلد مهم جيوسياسيا ك سوريا نقر بها جميعا .. ولكن ذلك لايبيح مطلقا تعذيب الناس في المعتقلات حتى الموت بينما يخرج الإرهابيون من معتقلاتهم بعفو رئاسي عن سبق إصرار وتخطيط ..
هذا واقع ..

التاريخ يكتبه إما منتصر أو متملق لهذا المنتصر وليس "هيومان رايتس ووتش" مع تقديرنا لجهودها الجبارة ولو فعلت لتهاوت كثير من مسلماتنا اليوم ..أردنا أم لم نرد ومن لا يقبل الواقع فليترك السياسة وليذهب للعمل في الإغاثة وهذا ليس تقليلا من شأن الإغاثة طبعا فكلا الحقلين على اختلاف توجههما مهم للآخر ...
هذا أيضا واقع وواقع مر فالموضوع لا يعدو عن كونه رهان على أحصنة تتسابق من أجل النصر وويله من يراهن على الحصان الخاطيء فهو لن يخسر نفسه فقط بل سيصمه التاريخ بالعار حتى ولو كان قمة في الوطنية والأخلاق ..

عموما لم تكن نهاية أبراهام لنكولن عظيمة كما يعرف معظمنا وهو الذي مات إغتيالا فهل هذا مجرد صدفة؟
أنا شخصيا لا أعرف ولكن ما أعرفه أن مقاييس الدنيا ليست كمقاييس الآخرة و هذه التدوينة أتركها للتاريخ عله ينضم يوما ل " هيومان رايتس ووتش ".

د. عمارعرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها