الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيحاء والجميل سيّار...

طارق حمو

2006 / 2 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حقاً لقد أوجد العراق الجديد حالة من تدفق النفح الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط العربية الغارقة في الديكتاتورية والشمولية. لقد أذهلّ الإنموذج العراقي الصريح والمنطلق بلاحدود أنظمة العرب والعجم وأيقظ في شعوبها الشعورالكامن بالغبن والذل في ظل أنظمة" وطنيّة وقومية" نهبت البلاد والعباد ودمرّت الزرع والضرع. فلاعجب اذاً، أن يجهد طغاة الجوار لنسف هذه التجربة وإفشالها والعمل على إلحاق الهزيمة بالعراقيين: حيث فتحوا الحدود على مصراعيها للمجرمين والساقطين والسفلة من عاهات ومنتوجات المجتمعات العربية الغارقة في التعصب والحقد على كل شيء مدني وحضاري ومايٌحسب على ذلك من مفاهيم ديمقراطية ومشاركيّة ومسلمّات الرأي الآخر. ليس بخاف على أحد أن الدول العربية وقفت في جلها ضد عملية تحرير العراقيين من عملية الموت الجماعي على يد عصابة صدام ورهطه المجرم، وليس بخاف كذلك، أن الأنظمة العربية رصدت كل طاقاتها وفنون القتل السري والجريمة المنظمة، وإستنفرتها لذبح كل القوى الديمقراطية الجديدة في هذا البلد المنكوب، وذلك خوفاً من إنتقال السيناريو التغييري لها، وشمول المخطط الجديد لبقية البلدان العربية( وياليته يصل) حيث سقوط العصابات الحاكمة وإعادة السلطة المغتصبة والمال المنهوب للناس. وكانت الأنظمة العربية قد سلطت وسائل أعلامها التحريضي وجوقات سحرة فرعون من الكتاب الكذبة وكتائب المأجورين لنفث السموم الزعاف ضد العراق وأهله( ونقولها بوضوح: ضد الكرد والشيعة والقوى العلمانية والديمقراطية السنيّة) بحجة إرتباطها بالأجندة الغربية وعدائها لما يسمونها بمبادئ العروبة والإسلام...
لقد إرتكبت الأنظمة العربية الجرائم بحق العراق مرتين: مرة لما سكتت عن كل جرائم صدام بحق العراقيين طيلة أكثر من ثلاثين عاماً، ومرةً أخرى لما تواطئت وتخاذلت مع ـومن ثم ساندت خفيّةـ القوى الإرهابية والبعثية الفاشية الساعية لعرقلة التقدم والديمقراطية في البلاد، وعدم ترك العراقي يهنئ بتحرير حياته من منجل موت صدام الدائر في طول وعرض البلاد، وجعله، بالدم الذي يسفكه المجرمون كل يوم، يندم على وقوع التحرير ويتحسر على أيام صدام وطغمته "العروبية"!!.
لاشك أن العراق، ومعه المنطقة، يمر بمرحلة فاصلة، سيؤثر نجاحها أو فشلها على خريطة المنطقة وربما العالم، من جهة الحرب العالمية على الإرهاب وفكره، فنجاح الإنموذج العراقي هو ضمان عدم سقوط المنطقة في براثن العنف والإرهاب وبساطير عوائل المافيا الحاكمة في كثير من بلدان العرب.
في أخبار العراق الطازجة: أن خطر الإغلاق يٌهدد قناة الفيحاء الفضائية، وذلك بسبب عدة مشاكل، نظن إن الباعث لها سبب تقني لاعلاقة له بتوجهات القناة والآراء التي تبثها وتدافع عنها.
والحال، أن قناة الفيحاء العراقية هي من القنوات الشعبية الملتزمة بالديمقراطية والمشاركية ومنح السواد الأعظم من أبناء الشعب العراقي حق الصراخ والشكوى وبث الألم على أثيرها. لقد إستقطبت هذه القناة الجديدة، إحدى ثمار العراق الجديد، ملايين المشاهدين العراقيين( بكردهم وعربهم وبقية الموازييك) والعرب لما لها من بساطة وصدق في الطرح، ورفعها لكل التابوهات والخطوط الحمر التي رسمتها أنظمة العرب وثقافة الإقصاء والرهاب المتجذرة لديها من الحقيقة والواقع.. أستطيع هنا الزعم، إن "الفيحاء" هي صوت الجميع بغض النظر عن الإنتماء والتوجه والفكر. لقد عرفت "الفيحاء" وتابعتها( بحكم عملي الإعلامي في قناة {روج تفي} الكردية، تلك التي تتعرض ومنذ عام لحملة تركية موتورة تهدف لإغلاقها) وكان لي شرف المشاركة مرات عديدة في التعليق على حوادث الساعة في نشراتها الخبرية، حيث وجدت فيها الهامش العريض من حرية القول والتعبير. ويمكنني القول، إن إغلاق "الفيحاء"، لاسمح الله، سوف يقطع صوت الملايين من المغيبين والمهمشين في العراق والمحيط العربي. وأني أتوجه من هنا لقيادة دولة (الإمارات العربية المتحدة)، ذلك البلد العربي الناجح والرائد في التنمية وتطويرالإنسان، أن تنحو المرونة في التعامل مع هذه القناة الشعبية الضيفة، وأن تتجه لإيجاد صيغة لإبقاء بث هذه القناة، سواء كان مبناها في مدينة الإعلام في دبي، أو في أي مكان آخر...

وفي الأخبار العراقية كذلك، ماسمعناه عن الكاتب والأكاديمي العراقي الطليعي الدكتور سيّار الجميل ترك الشأن العراقي السياسي وعدم الخوض في تفاصيل الحياة السياسية في بلاده، وأغلب الظن، أن الكاتب تلقى تهديدات قد تجتاز شخصه لتصل إلى الحد الذي يصل فيها لأقرباءه الموجودين في العراق. كتابات الدكتور سيّار تصب كلها في صالح العراق، وتعالج الحالة العراقية بإسلوب راق ورصين، حيث أنها تنطلق من كاتب ومفكر إجتازّ الطائفة والقومية والعشيرة والمنطقة ليكون عراقياً خالصاً همه بناء وطنه، والوصول به لبر الأمان. والأرجح، إن هذا هو سبب سعي جهات شريرة رأت خطورة كتابات هذا الرجل التنويري عليها فعمدت لتهديده بطرقها الجبانة المعهودة. إن الدكتور سيّار وكوكبة أخرى من رجالات القلم في العراق، نذروا أنفسهم للدفاع بفكرهم عن هذا البلاد في أزمتها، وهم راهنوا على شعبهم وحضارتهم في إجتياز هذه الأزمة والوصول لبر الأمن والأمان، وينبغي على الحكومة العراقية مساندتهم بكل قوتها.

إن القوى الإرهابية الشريرة تستهدف إسكات كل صوت مدافع عن حق الإنسان في الحياة بغض النظر عن أصوله ومنابته العرقية والدينية، وقد نجحت هذه القوى، تدعمهّا الأنظمة العربية وإعلامها الرسمي الفاشي، في اسكات الكثير من أصوات رموز العراق الجديد، ليتسنى لها تطبيق أجندتها المدمرة في البلاد.

لانملك، والحال هذه، سوى التضامن التام مع هذا الرمز الفكري العراقي الكبير، والتنديد بالجهات التي تستهدف قلمه، وترتعد من فكره الوسطي، الليبرالي، التنويري الهادف للإرتقاء بالعراقي فوق كل الإنتماءات والعصبيات، والوفاء لبلاده ومواطنيه لبناء بلد ديمقراطي جديد يستحكم القانون والشفافية والمشاركية في سير حياته وتحديد علاقاته الداخلية والخارجية....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل