الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولٌ أم مَتَاع ؟ (2) ولا شيء أكثر

محمد هشام

2006 / 2 / 8
كتابات ساخرة


نُحي الشيخُ المريضُ أو تنحى، وحلَّ محلَّه شيخٌ آخر ينحدر من "فخذ" آخر في نفس العائلة، وفي الظل ينتظر شيوخٌ من هذا "الفخذ" وذاك أن يحين حيْن الشيخ الجديد، وهو آتٍ لا ريب فيه، فيتبوأ كلٌ مكانَه المأمول في دواوين الإمارة. غضب الأقرباء والنُسباء من "فخذ" المريض حيناً، وأصروا على "حق" كبيرهم في خلافة الأمير الراحل. استُدعيت، في غمار الغضب، أحكامُ "دستور" ينص على إمارة وراثية يتوارثها أحفادُ الأمير الكبير الذي جاء إلى سدة الحكم قبل أربعة أعوام من أفول القرن التاسع عشر، وبنود "قانون" لتوارث الحكم في الإمارة يقضي بتناوب الحكم بين "الفخذين". أُشير من طرف خفي إلى أن الأمير الراحل لم يكن أوفرَ صحة من الشيخ الذي يُراد تنصيبه، ولكن كرسي الإمارة ظل قابعاً تحت جسده العاجز زهاء عقد من الزمان دون أن يقدر هو على تركه أو يجرؤ غيرُه على إزاحته. ربما سيقت الحُجَّةُ أيضاً: ألم يكن الشيخ المريض ولياً للعهد منذ سنوات طوال، ولم يحُل مرض الولي دون استمرار العهد، فلماذا يُحال الآن بينه والانتقال من سُباته في قصره إلى سُبات أعمق في قصر الأمير؟ تنقل رُسل بين "الفخذين" لحمل الكبراء من "الفخذ" الذي حان دورُه في الولاية على مبايعة الشيخ الذي لم يحنْ دورُ "فخذه". بدا أن الكبراء أذعنوا حرصاً على صلات القربى بين "الفخذين"، ولكن بقي أن يُكتب للشيخ كتابُ تنازل، وتُعقد للشيخ الآخر جلسةُ مبايعة. تلكأت الشيخة، زوجة الشيخ المريض، في تسليم كتاب التنازل إلى من ينتظرونه، وطلبت في المقابل أن تحتفظ بلقب السيدة الأولي وحرم سمو الأمير، وأن تُخصص لها مخصصات أميرية تصل إلي أربعة وثلاثين مليون دولار سنوياً، وأن تُمنح طائرة خاصة من الديوان الأميري لرحلاتها، ثم أن يُعين نجلُها الشيخ، المسمى باسم جده، مستشاراً في ديوان ولي العهد المقبل. ربما لم يكن لائقاً منها أن تصر على اللقب، فالأمير القادم له هو الأخر "حريم" لا يدري عددهن، ولابد أن تكون إحداهن هي الأولى، ولكن ليس من اللائق أيضاً أن يتساءلَ سائلٌ عما كانت الشيخةُ ستطلبه من أموال أو طائرات لو وُضع شيخُها على كرسي الإمارة... أتطلب وهي مقصد الطالبين؟ في نهاية المطاف، لم يطق المنتظرون صبراً، فعزلوا المريض وبايعوا الأقل مرضاً. نُحي "فخذ"، وذهبت الإمارة إلى "فخذ" سواه.
ولا شيء أكثر، لا شيء. ليس هناك سوى لغةٍ آسنةٍ لا تفضي إلا إلى صحراء يتوسطها "فخذان" لا يدلان على بشر أو بهيمة يتعاركان على كرسي لا ينتمي إلى وطن أو زمن. ولا شيء أكثر. لا شيء. لغةٌ تحض على التثاؤب، لا يؤرقها سؤال ولا تُحيل إلى أبعد من حدودها. صحراء من كل اتجاه لا سر فيها ولا دهشة. فخذان مُتخمان بالهزال لا حَوْلَ لهما ولا حيلة. عِراك بين باطلَيْن لا فخر فيه ولا انتصار.
صحراء من كل اتجاه. ولا شيء أكثر. لا شيء.

6 فبراير/شباط 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي