الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوانب من فشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي

عزيز الصغير

2017 / 8 / 4
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا



تقديم
لقد أثبت التاريخ وقانون التطور البشري أن كل الإمبراطوريات تهلك. وكل وفِيٍّ للنمط الواحد ينتهي خاضعا أمام أطياف التعددية، إذ ليس ببعيد ما أثبتته الأحداث التاريخية التي ميزت القرن العشرين، والتي أضحى أبرز معالمها انهيار الشيوعية التي كانت شكلا من أشكال التنظيم السياسي لمجتمع بدأ بثورة اشتراكية تحررية وانتهى بخضوع حتمي لجلادي الليبرالية. فبإجماع الرأي العام، و المحللين السياسيين والمؤرخين، أن مقدار الانهيار الذي سحق إمبراطورية الاتحاد السوفياتي زودته جهود الرئيس "ميخائيل غورباتشوف" الذي ألح على التغير والإصلاح استجابة لتفاعل عوامل كثيرة كانت تؤطرها الساحة السياسية للجوار الأوربي ويمسك بزمامها آنذاك الند الأمريكي، مجموعة من الظروف جعلت التغيير حتميا لا مفر منه، على قائمتها الفشل الاقتصادي، والمنافسة مع القوى الغربية، وتنامي القوى المعارضة.
بداية إرساء النظام الجديد
في نهاية الحرب العالمية الأولى تفاقم الوضع على الجبهة الروسية، الملايين من الجنود قتلوا، وخسرت البلاد العديد من المناطق وعانى المواطنون من الجوع بسبب نقص الغذاء وتفاقم الأزمات. هذا الوضع كان كافيا لنشوب ثورة تحررية تغير الوضع القائم وتتجاوزه إلى وضع مغاير وجديد.
ما بين 24 و 25 أكتوبر 1917، فعلا وقعت ثورة في روسيا. تقريبا دون عنف ودون إراقة دماء. ثورة من صنع البلاشفة بزعامة "فلاديمير لينين" الذي سعى إلى تغيير الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للبلد من خلال مصادرة الأراضي وتأميم البنوك، وإلغاء الملكية الخاصة، والإشراف على إنتاج وتوزيع الأراضي على المزارعين.
فبمساعدة وحدات من الجيش، استولى البلاشفة على السلطة، وشكلوا حكومة جديدة خططت لتغيير التركيبة السياسية لروسيا وتحويلها إلى الجمهورية السوفياتية. كان "لينين" رئيسا للوزراء، عين وزير الخارجية "تروتسكي"، و"ستالين" وزير للقوميات. وقع البلاشفة معاهدة سلام مع ألمانيا وانسحبوا من الحرب (مارس 1918). بعد ذلك سعت الحكومة الجديدة إلى تحقيق فكر كارل ماركس وتطبيقه على أرض الواقع، بحيث يصل الوضع إلى إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، والقضاء على الفوارق الطبقية في المجتمع وترسيخ أسس المساواة والعدالة الاجتماعية.
فعلا تجربة النظام الشيوعي بدأت مع الثورة البلشفية عام 1917، بزعامة "فلاديمير لينين" (1870-1924)، زعيم الحزب البلشفي الذي فتح حقبة جديدة في التاريخ الحديث وصنع في الواقع "عهدا جديدا" قوامه نظام مناهض للرأسمالية، استقطب العالم إلى معسكرين بعد الحرب العالمية الثانية، وفيما بعد إلى "حرب باردة" نظمت العلاقات الدولية وعلاقات القوة في العالم. و بعد وفاة لينين، تقمص ستالين سياسة الإمبريالية، كهدف رئيسي لتعزيز وتوسيع الإمبراطورية الروسية الجديدة.
أزمة الشيوعية و فشل إصلاحات غورباتشوف
وفي نهاية الثمانينيات ، دخل الاقتصاد الشيوعي في مرحلة تباطؤ شديد في سلسلة الإنتاج. وباستثناء الصين ، كان العالم الشيوعي بعيدا عن الاقتصاد الغربي. وقد اقترنت مشاكله بانخفاض قدرة هذا الاقتصاد على تلبية احتياجات المستهلكين. وقد كان هذه الجانب طرفا سلبيا آنذاك في دواليب الاقتصاد الشيوعي، حيث كسر وتيرة التنمية بعد أن أعطى التخطيط المركزي الأولوية للصناعة الثقيلة والمكلفة على النقيض من الصناعات الاستهلاكية. وكل ذلك كان في كنف أزمة النفط لعام 1973.
فبعد إقدام "غورباتشوف" على "البيريسترويكا" و "الغلاسنوست" لإيقاظ سبات المجتمع السوفياتي، جعل بلده يدخل في حقبة جديدة كانت منعطفا تاريخيا حاسما أثر على السياسة الخارجية و تطور العلاقات بين القوتين العظيمتين، وبالأخص بعد اقترح تدمير جميع الأسلحة النووية (15 كانون الأول/ديسمبر1986) قبل عام 2000، حيث كان هذا الإجراء يتماشى مع الأفكار التي قدمها "رولاند ريغان" 23 مارس 1983.
إن انتصار الفلسفة الرجعية للكرملين قد أثر على الإمبراطورية ليس في الداخل فقط، ولكن أيضا في الخارج، كما أثر أيضا على باقي الدول "الاشتراكية" الذين شكلوا الكتلة السوفياتية خاصة وأنهم لم يتفاعلوا بنفس الطريقة مع الإصلاح الجديد الذي كان بنيوي الشكل بقواعد ليبرالية، وسطحي المظهر بأسس اشتراكية.
ما بعد الشيوعية و تمزق الاتحاد السوفيتي
كان عام 1991 ليس فقط سنة استقالة "غورباتشوف"، ولكن أيضا تفكك الاتحاد السوفياتي. فقد فشل غورباتشوف" في احتواء الوضع القائم. خاصة بعد وقوع زلزال (ديسمبر 1988) وبداية تمرد المؤسسة العسكرية، وفي السياق نفسه ظل مستوى المعيشة في دول البلطيق دائما أعلى من المستوى المتوسط. وبدأ تنامي الشعور القومي على قاعدة المطالب الاقتصادية والسياسية. فقد أعلن البرلمان الليتواني الاستقلال 11 مارس 1990، وعلى الفورإستونيا ولاتفيا وفيما بعد أوكرانيا أوزبكستان وكازاخستان وجمهوريات الاتحاد السوفييتي. في نهاية عام 1991، غادرت 13 دولة من أصل 15 الاتحاد بما في ذلك روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء وثماني جمهوريات أخرى. بعدها بقليل نجح بوريس يلتسين" في إنشاء رابطة للدول المستقلة (CEI) في 21 كانون الأول/ديسمبر.
خلاصة
عموما كان رحيل "غورباتشوف" يرمز إلى نهاية الاتحاد السوفياتي. نهاية ختمت ما بنته الثورة البلشفية1917 ، والإيديولوجية الاشتراكية، وما أرساه زعماء الاتحاد السابقين، لكن عمق الأزمة يبدو جليا في طريقة النسيج الفلسفي للإيديولوجية التي أقرت بمبدأ الأحادية في الإنتاج والأحادية في التفكير والأحادية في الإبداع والانفرادية في التدبير وصنع القرار، كل هذا غطى تماما؛ إن عن قصد أو عن غير قصد؛ أسس التكيف مع التطورات الظرفية وتماشيا مع تطور الأجيال و تطور نمط العيش و طرق تدبير الأزمات.
الهوامش
Brezinski Zbigniew, « Marele e?ec: Na?terea ?i moartea comunismului in sec. XX », Editura Polirom, Ia?i, 1991
Aborele Lumii, (revist? de cultur? general?), Vol. IV, Editura MC- Enciclopedia Marchall Cavendish, Bucuresti 2006
Georgescu Titu, « România între Yalta ?i Malta », Bucure?ti 1993
Kissinger Henry, « Diploma?ia», Traducere: Mircea ?tefancu, Radu Paraschivescu, Editura: BIC ALL, Bucure?ti, 2003
Thom Françoise, «Sfâr?iturile comunismului», Editura Humanitas, Bucure?ti 1994










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزي عزيز الصغير
فاخر فاخر ( 2017 / 8 / 13 - 12:03 )
يلزمك يا عزيزي تفتح على الجدل الماركسي إذ يبدو أن حضرتك لا تعي من الماركسية شيئاً ذا بال
ماركس وإنجلز رفضا رفضاً قاطعا أن يكتبا حرفاً عن تطبيق الإشتراكية وأكدا أن التطبيق لا بد وأن يختلف من بلد إلى آخر
الإشتراكية السوفياتية رسم خطوطها الهريضة كافة خطوطها لينين واسترشد بها ستالين بعبقرية موصوفة
الإشتراكية السوفياتية لم تفشل على الإطلاق بل حققت المعجزات أولها سحق النازية والفاشية في كل القارة الأوروبية
انهزمت أكبر امبراطوريتين استعماريتين بريطانيا وفرنسا أمام جيوش هتلر إلا أن الاتحاد السوفياتي طارد النازيين هتى الرايخ ورفع علم المنجل والشاكوش على الرايخ وانتحر هتلر
كيف يمن القول بعد النصر السوفياتي المؤثل أن الاشتراكية السوفياتية فشلت !؟


ما حدث هو أن العسكر كسبوا ثقة الشعوب السوفياتية وانتقل صناعة القرار السيادي من الحزب إلى العسكر بعد اغتيال ستالين والعسكر هم بطبيعة الحال ضد الإشتراكية وقد أرغموا الحزب على إلغاء الخطة الخمسية الخامسة من مقررات مؤتمر الحزب

لك أن تعلم أن الاشتراكية السوفياتية لم تنهزم وما زالت في الأرض تنتظر انهيار البورجوازية الوضيعة التي تحكم عالم اليوم لتبزغ شمس


2 - بسبب الجهل، يتجنب هذا الكاتب العوامل الخارجية
أبو كريم ( 2017 / 8 / 21 - 23:50 )
سؤال مهم: لماذا يؤكد الكتّاب، والإعلاميون الرأسماليون عامة، ومن سار على نهجهم أو خُدِع بإدّعاءاتهم، على العوامل الداخلية في انهيار السوفييت؟
هذه الخدعة كان لا بُدَّ لها أن تواكب العوامل الخارجية، أعني التخريب، بل هي لصيقةٌ بها وجزءٌ منها، حيث لا تقل أهميةً عن دور التخريب نفسه؛
خلاصة رأي الكاتب إذن: السبب في الانهيار يعود إلى طبيعة النظام نفسه! أي أنه يؤكد على العوامل الداخلية
وهو هنا إنما يُفصِح عن أمرين: الأول، هو أنه يتحدث من وجهة النظر الرأسمالية؛ والثاني: إنه لا يتابع الآن ما يجري بصدد هذا الموضوع، أي أنه توقف عن متابعة ما يقوله كَورباتشوف على سبيل المثال، فقد أكّد هو أكثر من مرة على أنَّ خيانة الوطن هي التي دفعت شركاءَه إلى أعمالهم الخيانية، لكنه، بالطبع، يستثني نفسَه رغم أنه كان في مقدمة الخونة؛


3 - مقال ضعيف للاسف الشديد
محمد البدري ( 2017 / 8 / 22 - 02:51 )
ليس بالمقال اي تحليل للعوامل الداخلية او للطبيعة الفردية للقادة التي ادت للانهيار او للتحولات. لم اجد في المقال سوي ارتكاز الكاتب علي اللحظات المفصلية بين نهاية حرب وقيام ثورة الي آخر ما يشابهها. لم نعرف لماذا فشل لينين وهل كان التأميم تطبيقا لما قاله ماركس؟ وما علاقة ستالين به حتي يكون امبرياليا ... الخ ما لم يتم شرحه بعمق لنفهم لماذا فشلت اعظم تجربتين في القرن العشرين

اخر الافلام

.. إسرائيل مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة إذا فشلت المف


.. واشنطن متفائلة وإسرائيل تبدي تشاؤما بشأن محادثات هدنة غزة




.. التصعيد العسكري الإسرائيلي مستمر في رفح .. فماذا ستفعل واشنط


.. الصفدي: نتنياهو يتجاهل حتى داعمه الأول.. ومواصلة اجتياح رفح




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا 3 مسيرات من اليمن دون خسائر