الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلم فاسد

جلال حسن

2017 / 8 / 6
كتابات ساخرة


حلم فاسد
جلال حسن

البارحة حلمت، ولكن ما فائدة أن تحلم؟ الحلم انعكاس لواقع ونقيض حالة صحو، وربما يكون صدمة إزاء تناقض تتخلله كوابيس، وقد يكون أشد ضررا من الواقع.
حلمت مرتين في حياتي. الأولى بعد انتهاء حرب الثمان سنوات وكان حلم مزعجاً للغاية، لكن نسيته، والثانية ليلة أمس. سأخبركم ما رأيت:
رأيت عشرات من ناطحات السحاب على شارع "أبي نؤاس" يخترقها مترو حديث بمواصفات عالمية ومئات المراكز التجارية والثقافية وملاهي الأطفال وحدائق وملاعب كرة قدم وسينمات ومسارح ودور أوبرا ومكتبات وجامعات ومشافي وأحدث المولات والسيارات والعطور والأجهزة الكهربائية وأفخر أنواع المطاعم والنوادي والكافيتريات والسفريات.
فقلت: الى الجحيم يا مشروع "بسماية" يا من زرعت بداخلنا الظنون والشكوك، وداعاً يا كراجات باب الشرقي وباب المعظم وأبو دشير وعلاوي الحلة والنهضة وساحة عدن.
سرحت وأنا أتجول في الشوارع العريضة والنظيفة والحدائق الفسيحة والنافورات الموسيقية الراقصة، واضعا يدي في جيب البنطال الملئ بالعملة الصعبة من فئة أبو الشايب، وأسمع السيدة فيروز،
وأردد: العراق بلد غني، بلد بترول وكبريت وفوسفات وزئبق أحمر.
انتشيت في نسيج الحلم الطويل، وأنا أرى همة ونزاهة المسؤول وهو يسهر الليالي من أجل البناء والاعمار والعمل على تمتين العلاقات مع الدول الكبرى من أجل أن يكون العراق بوابة للاستثمار ومكتوب على بوابة مطاراته لافتات ( العراق جنة الله على الأرض).
قلت: سأراهن على مستقبل الأجيال بإنشاء أفخر الجامعات ومراكز البحوث المتقدمة وتعمير رياض الأطفال ومدارس الابتدائية وتحسين التغذية، وهدم كل بيوت الطين والبلوك والشيلمان وتشييد أعلى العمارات السكنية وكل مواطن له الحق في شقة سكنية محترمة فيها كل وسائل الراحة والهدوء ومؤثثة على أخر طراز بعد امتلاك ورقة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي وبسط الأمن من أجل الغد المنشود.
قلت: سيذهب كل موظف بسيارته الشخصية الى مقر عمله ومن حقه الذهاب بالمترو، ورفع كل المظاهر المسلحة والشعارات والصور الزائدة ، ومن حق الفلاح استيراد أفضل الآليات والأسمدة لكي يكون العراق حقيقة بلد السواد ويصدر للعالم أجود أنواع المنتجات الزراعية والألبان،
ومن حق العامل أن يحصل على حقوقه القانونية وإنشاء أعدل النقابات العمالية في دوائر الدولة والاعتناء بالمتقاعدين وعدم تأخير رواتبهم واستلام المعاش أول الشهر دون تأخير. واحتضان دور الأيتام والمشردين والشحاذين والمطلقات وطرد كل المرتشين والسراق والسفلة.
توقفت قليلاً ثم أسرعت الخطى وأنا أقطف وردة جميلة وأشمها بعمق كأنها أمنية حقيقية،
لكن ما أن وصلت الى رأس الشارع، توقفت، والتفت لم أر أي شئ جديدا، فأدركت أن الحالم عندما يحلم بأنه يحلم في داخل الحلم فأنه يفز مرعوباً من هول الكوابيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??