الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاريكاتيرات(يولاند بوستن) هدية مجانية لحكومات القمع والاستبداد

فهد ناصر

2006 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


شكلت أزمة الرسومات الكاريكاتيرية المنشورة في جريدة(يولاند بوستن) الدنماركية حلقة جديدة في مسلسل الازمات المتواصلة التي يشهدها عالمنا المعاصر،غير أنها أزمة كشفت عن مدى الكراهية التي يمكن ان تطلق للتعبير عن ما يحدث او ما يواجه الانسان اليوم ،وأنها اداة فاعلة للتعبير عن رفض كل امكانية لتجاوز الاختلاف ووجهات النظر المغايرة،هي كراهية دللت ان كل التصورات والدعوات بوجود عالم قائم على أساس الشراكة والاحترام والتسامح إإإ أصبحت في مهب الريح او انها محض فرضيات متناقضة وان هناك قوى وتيارات وحكومات لايمكن أن تديم وجودها لولا تشديد حدة الكراهية وتعزيز المشاعر والاحاسيس الدينية والقومية وتدعم كافة النزعات العنصرية والمعادية للبشرية الحالمة بعالم آمن ومستقر.
أزمة الرسومات المذكورة قد كشفت للعالم المتحضر وبشكل واضح وغير قابل للتجاوز والانكار،أنه يقف امام قطبين يتساويان في درجة أنحطاط الاساليب والممارسات والاستناد على أرث يتناقض تماما وآمال الانسان المعاصر ويمتلكان قدرة كبيرة على توليد بواعث العنف والكراهية والتطرف.القطبان هما جماعات الاسلام السياسي والمنظمات والجمعيات الاسلامية في الدنمارك وباقي الدول الاوربية ،هؤلاء الذين يريدون تحقيق دولة الخلافة الاسلامية او فرض المعايير والقيم الاسلامية على المجتمعات الاوربية ومحاربة مبادىء التحرر وتجاوزالقيم الديمقراطية التي هي حصيلة نضال هذه المجتمعات منذ قرون .على الطرف الاخر من جبهة الهمجية والكراهية ومقابل الجماعات الاسلامية الرجعية المذكورة تقف احزاب وتجمعات اليمين المتطرف الذي لايتردد في أعلان عنصريته وعدائه لكل ما هو غير أوربي او مسيحي، قسم واسع من هذه التجمعات يحمل شعارات وهتافات النازية الهتلرية.القسم الاعظم من احزاب وتجمعات اليمين الاوربي المتطرف تسعى للحفاظ على دول النقاء الاثني التي باتت قاب قوسين او ادنى من التلاشي و الاضمحلال بفعل الهجرات المليونية او بفعل تطورات العولمة الراسمالية.ان ظهور اليمين المتطرف والعنصري في الدنمارك وبهذه الحدة لم يأتي دفاعا عن حرية التعبير او حرية الصحافة او عن القيم الاجتماعية والحريات والحقوق الفردية التي يتمتع بها الفرد الدنماركي،انما لاطلاق صرحته الكريهة بوجه الجاليات....أخرجوا،هذه بلادنا........
أزمة كاريكاتيرات محمد كشفت ان التطرف والتعصب الديني والقومي بأمكانه ان يحيل حياة البشرية الى جحيم وان يجعل من العنف بمختلف اشكاله أمرا قابل للتحقق وفي كل حين.
هل هي المرة الاولى التي يشعر فيها المسلمون بالاهانة الصادرة من الغرب حتى يقيموا الدنيا ولا يقعدوها هذه المرة بسبب الكاريكاتيرات المذكورة؟ان الوقائع تقول كلا وان التاريخ المعاصر فيه الكثير من الحوادث المشابهة للازمة الاخيرة،غير ان الحكومات العربية والاسلامية قد غضت الطرف عنها وهي تمارس حملات الاستبداد والقمع المتواصل وخنق الحريات السياسية واستلاب حقوق مواطني بلدانها كونها كانت تتمتع بحصانة من الغرب الذي يغض الطرف هو الاخر عن دكتاتوريتها وتوحشها لاسباب لم تعد خافية على احد.ما الذي حدث حتى تتحول الحكومات العربية والاسلامية الى محرك لكل التحركات والاحتجاجات العنفية التي تشهدها الكثير من مدن العالم العربي ضد الدنمارك او ردا على الاهانة التي لحقت بالمسلمين بسبب رسومات محمد في (يولاند بوستن)؟ ما الذي حدث حتى تتسابق الحكومات العربية مع رجال الدين وقادة التيارات الاسلامية من الوهابية القميئة الى رجعية الاخوان وارهابيي حماس والجهاد وحزب الله...الخ وان تبدوا هذه الحكومات وكأنها صاحبة القضية لا بل انها حشدت شرطتها وقواتها الامنية لتشارك في جرائم احراق السفارات او تدمير ونهب الكنائس ولم لا فهي تعود للنصارى وان كانوا في لبنان او اي بلد آخر إإإ ان ما يثيرعلى الاشمئزاز والقرف هو البيان المسموم لوزاء الداخلية العرب الاشاوس الذين يقفون في قمة هرم الاستبداد والقمع وانتهاك كرامة الانسان ،البيان الذي طالبوا فيه بأنزال اقسى العقوبات بحق رسام الكاريكاتير(أقسى العقوبات في عرف وزاء الداخلية وزعمائهم، الاعدام والسجن المؤبد والتعذيب الجسدي والنفسي او الاختطاف وتقطيع الاوصال ..الخ وكل هذه العقوبات تم الغائها من القوانين الدنماركية وغالبية دول العالم المتحضر) ان وزراء الداخلية العرب وعبر بيانهم هذا قد تساوو تماما مع الشخصيات الارهابية التي اطلقت فتاوى اهدار دم الرسام والبعض منهم خصص مبالغ لمن يقدم على ارتكاب جريمة القتل هذه.
أن قراءة بسيطة للواقع الذي تعيشه الحكومات العربية والاسلامية الدكتاتورية تكشف لنا ان هذه الحكومات تبحث عن أي أمل يمكنه ان يجعلها بمنأى عن مسار رياح التغيير والاصلاح السياسي الذي باتت تواجهه في كل لحظة واصبح مطلب حياتي لملايين المحرومين والمنكوبين بالقهر والاضطهاد وبعد ان اصبحت عبأً ثقيلا على الغرب وامريكا تحديدا و نفاذ مدة صلاحياتها وخدماتها التي كانت تقدمها سابقا.كاركاتيرات محمد قدمت كهدية طال انتظارها للحكومات العربية لتحول الشارع العربي والانسان المنكوب والمحروم من كل شيء الى ناطق رسمي ومدافع عن الاسلام.أنها تقول لامريكا والغرب عموما أننا مجتمعات اسلامية وها انتم ترون ان كل ما يهم الانسان العربي هو دينه وان كان ذلك بحرق السفارات كونها تشعره بالمهانة وتدنيس المقدسات،ها نحن نعطيه حرية التعبير والتظاهر فقام بحرق سفارات الدنمارك والنروج .
أمام هذا المد الهمجي للاصولية الاسلامية والتطرف والعنصرية اليمينية في الدنمارك،فأن القوى التحررية وبمشاركة فاعلة من ابناء الجاليات المتواجدة في الدنمارك الذين يفصلون انفسم ومواقعهم وافقهم الانساني والثقافي عن جماعات التطرف الرجعي يمكنها ان تقف لتغيير هذه المعادلة الخطيرة وان تفرض تواجدها كقوة انسانية وتحررية وبشكل فاعل في المجتمع الدنماركي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام في حرم جامعة أوكسفورد البريطانية العريقة للمطالبة بإن


.. القوات الإسرائيلية تقتحم معبر رفح البري وتوقف حركة المسافرين




.. جرافة لجيش الاحتلال تجري عمليات تجريف قرب مخيم طولكرم في الض


.. مشاهد متداولة تظهر اقتحام دبابة للجيش الإسرائيلي معبر رفح من




.. مشاهد جوية ترصد حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات جنوب البرازي