الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقعية التشكيلية بإسبانيا بين الفكر الكنسي وإيديولوجية الملكية

محمد الشاوي

2017 / 8 / 12
الادب والفن


الواقعية التشكيلية الإسبانية 
             بين 
الفكر الكنسي وإديولوجية الملكية 
بقلم: محمد الشاوي(*)
عندما تلج متحف بْرادُو بمدريد لمشاهدة الأعمال التشكيلية الكلاسيكية التي وسمت مراحل تطور  الفن التشكيلي الإسباني؛ فإن الملاحظة الجوهرية التي يمكن الوقوف عندها هاهنا أن لكل مرحلة من المراحل اتسمت بالتعبير الفعلي عن البيئة والمناخ الثقافي والإجتماعي للحركة التشكيلية بإسبانيا إبان العصر الكلاسيكي الكنسي والباروكي وعصر النهضة  ووصولا إلى العصر الحديث الذي سطع فيه نجم فيلاسكيز والتشكيليين من رواد الحركة الواقعية وأذكر بهذا الصدد أعمال كل من الفنان مُورِيُو  و الفنان غُويا.  
ولعل هذه الملاحظة لا تنفصل عن بحث كنت قد بدأت كتابته ولم أنته منه بعد حول موضوع: "الأثر الكنسي في بزوغ العبقرية التشكيلية بإسبانيا خلال العصر الحديث. دراسة نقدية للواقعية الإجتماعية."
 وهو أثر حسب دراستنا لازم العديد من التشكيليين الإسبان، إذ تبؤوا من خلاله مكانة إجتماعية مرموقة تمكنوا بمعيتها التقرب من االبلاط ومن سدة النظام السياسي في العهد الملكي الكلاسيكي ومع تناوب السلطة التي كانت تقوم بتمريرها الكنيسة لفائدة الأسرة الحاكمة وهو تقليد مازال إلى اليوم رغم الملكية البرلمانية التي تعرفها إسبانيا في راهننا. 
ويظهر أيضاً في إستراتيجية تعامل الدولة الإسبانية مع مؤسساتها الثقافية وخصوصا المتاحف الوطنية وعلى رأسها المتحف الوطني للعاصمة  مدريد الذي يتوفر على زخم هائل من اللوحات والمنحوتات الكلاسيكية التي اتسم بها تاريخ الفن التشكيلي الإسباني، وهي إستراتيجية ارتبطت بتاريخ  قديم  قعَّدَ للدور الكنسي في ميلاد الفن التشكيلي الذي يخدم أهدافا بعينها ذات أسس إيديولوجية ساهمت في الحفاظ على النظام الملكي  بمعية رجال الدين : الرهبان، الأساقفة، الكرادلة، القساوسة...  
فبالرغم من توفر متحف بْرادُو على أعمال تشكيلية تعبر عن عراقة الثقافة الإسبانية، فإنها ظلت تخدم إيديولوجية الدولة ونظام حكمها الذي جسده بصدق تلك الأعمال بلغة النقل الحرفي للطقوس والعادات والتقاليد والأعراف التي كانت آنذاك ولا سيما في نمط عيش الأعيان والطبقات العليا، وقد استطاع أيضاً فنانون تشكيليون الإسبان أن يرسموا مختلف الأنشطة الإجتماعية داخل مجال الشغل وحركة البيع والشراء في الأسواق والساحات العمومية ومختلف مظاهر الحياة اليومية، وكذلك رسم المناظر الجمالية للطبيعة الحية والميتة وبورتريهات متعددة بتعدد الموقع الإجتماعي لأصحابها...
وعلى سبيل الختم فإن هدف هذا المقال الموجز هو محاولة للغوص في ثنايا القضايا والموضوعات التي ارتبطت بالأعمال التشكيلية الموجودة بمتحف  بْرَادُو بمدريد والتي ارتبطت بتاريخ موغل في القدم، إنه تاريخ الدفاع عن المؤسسات الملكية، والدور الهام الذي لعبته الكنيسة في بلورة النظام السياسي الإسباني الذي بصم بصمته على الحياة الإجتماعية والثقافية التي أعاد بلورتها الفنان التشكيلي الإسباني في قالب واقعي تصويري.  
______________
(*) فنان تشكيلي مغربي وباحث في النقد الفلسفي للفن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس


.. ليلى عباس مخرجة الفيلم الفلسطيني في مهرجان الجونة: صورنا قبل




.. بـ«حلق» يرمز للمقاومة.. متضامنون مع القضية الفلسطينية في مهر