الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصادي بإطار عشائري في الانتخابات الأردنية

صالح أبو طويلة

2017 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


غدا هو الخامس عشر من آب؛ موعد الاقتراع للانتخابات البلدية ومجالس اللامركزية في الأردن، ويرى الكثيرون أن العملية الانتخابية في الأردن تتميز بأنها ممارسة سياسية ذات صبغة عشائرية تخلو من البرامج والرؤى التنموية المدروسة، هذا الأمر يتضح بشكل كبير في مناطق المحافظات أكثر من العاصمة عمان.
ويرى كثير من المتابعين أن النزعة العشائرية هي طبيعة كامنة في المجتمعات المحلية ولا يمكن التحلل منها، وهي نزعة لا زالت تحكم المناطق الريفية والبدوية في الأردن بالدرجة الأولى ومساحات كبيرة من المدن الرئيسة.
ربما يكون هذا الأمر بارزا بشكل واضح لأول وهلة ومن خلال الحراك الانتخابي والتزام الأفراد بشكل عام بمرشح العشيرة، لكن لو تعمقنا قليلا في تحليل جوانب تلك التجمعات الانتخابية سيتضح لنا بروز العامل الاقتصادي بالدرجة الأولى في تحديد حراك القوى الاجتماعية لكن بإطار عشائري.
لا يعني هذا الأمر أن الأفراد وخصوصا فئات الشباب تنطلق في تحديد مواقفها من منطلق اقتصادي، بالطبع لا يوجد هذا الأمر ولكن القوى المتحكمة في تحريك تلك الفئات هي قوى اجتماعية تسعى لتحقيق مصالحها الاقتصادية بالدرجة الأولى وتستخدم الشعارات العشائرية لحشد المزيد تجاه مرشح معين.
اخترت عينة مناطقية مقصودة وهي مدينة معان مركز محافظة معان جنوب الأردن، وقمت بتحليل مبدئي لحراك العشائر والعائلات وانتظامهم في العملية الانتخابية، حيث قمت بتحديد القوى الاجتماعية الفاعلة وتتمثل ب: شيوخ العشائر، رجال الأعمال في عدة قطاعات أبرزها المقاولات والتعدين والنقل، الملاكين العقاريين، مؤسسات المجتمع المدني، التجار، الفئات الوسطى (الموظفون) – يبدو أن دور الفئات الوسطى ضعيف للغاية - ، أما القوى الأخرى وهي الشرائح الأوسع فهي فئات الشباب والمرأة وتشكل تقريبا 80% من مجموع الناخبين، وهذه الفئة غير فاعلة في توجيه الدفة نحو مصالحها إذ تخضع لسطوة ودعاية وابتزاز القوى الفاعلة المسيطرة على المشهد السابق.
هناك أربعة مرشحين للمجلس البلدي بقوائم، وهناك عدد من مرشحي اللامركزية وهي مجالس استحدثت في الأردن لأول مرة، ويعدها الناخبون أقل درجة في المصالح والامتيازات، لذا يجري التركيز على المجلس البلدي بالدرجة الأولى.
بحسب الرصد والمتابعة والتحليل لمواقف القوى الفاعلة في الانتخابات؛ اتضح لنا أن مواقفها في اختيار المرشحين تأسست على مصالح اقتصادية بحتة أبرزها؛ التهرب الضريبي، الإفادة من العطاءات الإنشائية، الإفادة من الأراضي المؤجرة، الإفادة من أملاك البلدية التي سيتم تأجيرها أو ممن تم تأجيرها بعقود غير نزيهة، الإفادة من فرص العمل، هناك مصالح خفية تتمثل بتوجيه نشاطات مؤسسات خاصة وعامة ومنظمات دولية لخدمة بعض الفئات من خلال المنح المقدمة وهي تتجاوز بضعة ملايين تكون موجهة سنويا لخدمات ومشاريع وبرامج مختلفة يتم توجيهها لتلك القوى المتنفذة للإفادة منها وتبديدها لصالح تلك الفئات، هناك جانب سياسي خفي يتمثل بتوجهات جماعة الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسي لدعم بعض المرشحين ممن يناصرون تلك الحركات في مواقفها السياسية والدينية، ويعتبر عامل التهرب الضريبي من أهم العوامل التي تدفع فئات التجار والملاكين العقاريين لتحديد مواقفهم، مؤسسات المجتمع المدني تسعى لتحديد مواقفها بحسب مصالحها المتمثلة بتوجيه المنح المالية والمشاريع والبرامج نحوها للإفادة منها بشكل تجاري بحت، المقاولون العاملون في مشاريع الطاقة الشمسية والتعدين وشركات الفوسفات يغدقون بسخاء على الدعايات الانتخابية لتحقيق مصالحهم، جزء كبير من المقاولين تمكنوا من الحصول على عطاءات بالملايين من خلال الدعم المجتمعي المتمثل بمؤسسات الحكم المحلي.
شيوخ العشائر أحد عناصر القوى الفاعلة وهي فئة طفيلية غير منتجة لكنها تعتاش على بعض الامتيازات الدائمة أو الموسمية و تقوم بتحريك المشهد بشعارات عشائرية لكنها تخفي مصالحها الاقتصادية المرتبطة إما ببيروقراطيين كبار أو بعض رجال الاعمال، تلك الفئة تستفيد من المواسم الانتخابية وتمارس سطوتها تجاه الفئات الفقيرة وتنتفع موسميا مقابل خدماتها الدعائية والتحشيدية وشراء الأصوات.
يبرز دور آخر لفئة يمكن تصنيفها تحت مسمى (برجوازية بيروقراطية – وزراء ونواب وأعيان وضباط متقاعدون كبار) تقيم في عمان وتعود في أصولها إلى معان ولها امتداد وشبكات اتصال مع المجتمع المحلي ويرتبط بها شيوخ عشائر وقوى أخرى فاعلة، تعمل تلك الفئة من أجل الاحتفاظ بمواقعها ومصالحها الإدارية والسياسية لدى الدولة الأردنية، وتسهم في دعم وتوجيه الحملات الانتخابية وتستخدم أيضا شعارات عشائرية لتحفيز الشارع، ويكون نجاحها كبيرا في حال تمكنت من وضع موطئ قدم لها في المشهد الانتخابي وتوجيه أكبر عدد من الفئات.
تسعى القوى الفاعلة والمسيطرة في المجتمع الأردني نحو تحقيق امتيازاتها الاقتصادية والسياسية بالدرجة الأولى من خلال تطويع العشائر وتقديم خطاب عشائري عنصري مناطقي، وتوجيه فئات الشباب والمرأة نحو خيارات انتخابية تخدم مصالح تلك القوى المسيطرة، ولذا يعتقد الكثير من الإعلاميين والمثقفين أن تلك المجتمعات عشائرية بحتة تتحرك وفق نزعات عشائرية قبلية مناطقية بحتة، مع أن التحليل المبدئي لتلك الظاهرة يشي ببروز العامل الاقتصادي والسياسي المؤطر بصيغ وشعارات عشائرية، كما يبرز التحليل المستوى المنخفض للوعي الاجتماعي والسياسي لدى فئات الشباب والمرأة؛ تلك الفئات التي تخدم أجندات غيرها بعيدا عن مصالحها الطبقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا