الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عَشِقَتهُ ميتاً

مزن مرشد

2017 / 8 / 16
الادب والفن


عَشِقَتهُ ميتاً
حتى بعد موته احتفظ بسحره.
عيشيقاته كلهن بقين على ذكراه .
واصدقاءه اغرقوه بالمرثيات والقصائد والمقالات.
اما هي تلك التي لم تعرفه حياً ابداً ،وقعت في غرامه منذ ان سمعت نبأ مقتله بحادثةٍ مفجعةٍ صعقت كل من عرفهُ.

كان لاسمهِ وقعٌ خاصٌ على مسامعها اسمه اخترق روحها كسهم من نار،لم تعد تدري ماذا تفعل تحرقها نيران الوله ،تتبع برقيات تعازيه ،تغار من دموع الاصدقاء ،ومن مرثيات الاقرباء ،وترثي لحالها عندما تتصفح صوره .

كان حباً لم تشهده من قبل ،امتلكها ،غُرِسَ في قلبها مثل ناب ذئب لم تستطع استئصاله .

تابعت بشوقٍ،وحسرةٍ،وحزنٍ ،وشغف ،كل كلمة كتبت عنه ،وكل حرف نشر عنه ،واحتفظت بكل صوره ،حتى تلك التي جمعته بأصدقائه كانت تحدق فيها ، تتأمل بوجوه النساء في تلك الصور الكثيرة ،والاصدقاء الكثر، تتامل في تفاصيل وجوههن ،في بريق عينونهن في شعرهن ،وتفاصيل أجسادهن، تغرق لساعاتٍ متأملة ً كل الوجوه،محاولةً أن تصل الى لمحةٍ، نظرةٍ، تشي بعلاقةٍ ما مع إحداهن.
تغار عليه ميتاً، يا لحظها البائس.
تترك جهازها المحمول وتدخل الى غرفتها .

أمام مرآتها الكبيرة، تتعرى وتسدل شعرها الاشقر على كتفيها تنظر بحقد الى جسدها النحيل وتقارنه بتلك الصور التي حفظت تفاصيل نسائها عن ظهر قلب.

تمد يدها للأعلى متحسسه قمة راسها سادلة يدها ببطئ شديد على شعرها حتى اخر خصلة ،مكملة مشوار يدها على صدرها، على خصرها ،على فخذها ،وتنحني حتى تلمس اصابع قدميها.
تقف امام المرآة محدقةً بجسدها ، بوجهها بتفاصيل انوثتها،متساءلةً بحقد أفعى ،وشوق انثى ،وايمان كاهن : لو عرفته هل كان سيحبني ؟؟
خالت نفسها مجنونة كيف لها ان تعشق رجلا مات .
كيف تغرم بهذا الشكل برجل ميت .
تلبس ثيابها تدخل مطبخها الصغير تغلي ابريق قهوة يكفي قبيلة ،وتشربه وحدها مع سجائر لم تعد تعدها منذ ان عشقته.

امتلأ بيتها بصوره ولوحاته ومشاريع لوحاته
واكتظت رفوف مكتبتها بكل الصحف والمجلات التي كتبت عنه منذ ان بدأ وحتى مماته .
طبعت كل حرف نشر عنه في الفضاء الالكتروني .
وجلست وحيده تتامل عيناه الغائرتان ولحيته الخفيفة الموشاة بالشيب ، شعره الطويل ، شفتاه المكتنزات ، اغمضت عيناها وحلمت بقبلته
ايقنت انه الحب الوحيد الذي غزاها،أدركت أن في اسمه حياتها.

نون نسوتها اختزلت في نظرته الغائرة، في زرقة عينيه ،في حمرةٍ غريبة لبشرته السمراء.
من الصورة على الجدار المقابل لسريرها أدركت ان حبه ولد معها يوم ولدت وسيبقى معها بعد الممات ،لم تعرفه في هذه الحياة لكنها عرفته منذ ألف عام .

في سريرها وبثوبها الازرق الشفاف الذي تحب ، اختصنت صورة اخرى له ،صورة كبيرة ماتزال تنام بجانبها منذ أن وقعت في سحره ،نظرت في عينيه ،عبرها الحزن كنهر ، وانفطر قلبها للمرة الألف كما كل ليلة.

نظرت في فراغ الوقت ،وفي فراغ الموت ،وفي فراغ الحياة ،تلمست صدرها ، شعرت بالصدمة ، فجوة كبيرة في صدرها .
فجوة كبيرة مكان القلب ، أدخلت يدها فيها لتتأكد انها لا تحلم ، عبرت يدها الفراغ المتروك كثقب في جدار، تكورت على جسدها مشدوهة من هول صدمتها من اين اتت هذه الفجوة وكيف ؟
نظرت حولها لا صورة له في حضنها لا مكتبة في منزلها لا معالم للمكان
تذكرت ...
هي من ماتت وهو ما زال يعيش هناك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا