الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاشلون مائة

فارس حسن صالح الشنكالي

2017 / 8 / 16
الادب والفن


في صباح احد الايام استيقظ من فراشه. بلحية تشك في انها لشخص دخن الحشيش حتى اغمي عليه، فتح احدى عينيه بحركة بطيئة وشعر وكأن شيئا ما ينتظره، ثم اغمض عينيه مجدداً، ليرى حلما وراء حلم، رأى انه ذهب الى المدرسة ورأى انه بعد الظهر ذهب الى العمل مبكرا وكان المدير راضيا عنه تماما واكمل كل شيء بدقة لا متناهية، وفجأة قفز من سريره ونظر الى ساعته وكانت الرابعة عصرا وقال متمتماً: الدماغ اللعين خدعني هذه المرة ايضاً، وراح يتسائل عن اسباب هذه الافعال التي يقوم بها دماغه ليوقع به في فخ الفشل، ورجح على انه من الكسل! ثم قال: ولكن ما سبب الكسل ؟ . لكنه ما كاد يبحث حتى يأس واشمئز من وجوده كأنسان، كان يحسد المجانين كثيراً ويحلم لو كان مجنونا ويقول: لو كنت مجنوناً فهذا يعني انني حر، حر ان اعيش كحيوان او حر بما افعله، لأنني املك مبرر، ولأن المجنون يمكن ان يقول اي شيء ويمكن ان يتحدث بأشياء يعجز العاقلون عن قولها ويفعل اشياء يعجز حتى مدعي الحرية بان يفعلوها، ما اجمل هذا! ثم توقف وعلم انه مع كل هذه الافكار لن يصبح مجنونا ففقد الامل في ان يكون كذلك، يا له من يوم تعيس، قال ذلك، ثم عاد وفكر في امر العمل والدراسة والاصدقاء والاسرة والزواج والوالدين والمال، نعم المال يوفر كل شيء، قال وهو يمسك بشعره الاملس. ويفكر كيف يجمع ثروة بقدر ثروة احد الاغنياء الذين قرأ عنهم في الفيسبوك، كان يتعود كل يوم ان يقرأ عن عالم وفيلسوف ويقرأ عن الاغنياء ويبحث عن اقوالهم الكلاسيكية التي تقول "لا تفقد الامل " و "المحاولات الفاشلة ما هي الا بداية نحو طريق النجاح فلا تستلسم "
كان كل يوم يستيقظ بكسل ويدعو نفسه بالا يكسل، ولسوء الحظ كان هذا اليوم الذي استيقظ فيه متاخرا هو نفسه اليوم الذي قرر فيه ان يدرس الرياضيات، وان يقرأ كتابين وان يقوم بالعمل على الة ما لتصليحها، كان كسولا وطموحا. واشك انه لكثرة الاهداف لم يعد يستطيع اختيار اي شيء من الحياة، كان يريد ان يصبح فنانا وروائيا وصاحب افضل اختراع ومنقذا للبشرية، كان يهتم بامر الوقت كثيرا لدرجة انه يكتئب لمجرد انه اضاع ربع ساعة من وقته في المرحاض ، بل كان ياخذ معه الهاتف ويقرأ الصحف وهو فيه، ففقد كل شيء مع مرور الوقت وظل هو عاملا بسيطا، لا عائلة لا اصدقاء لا زوجة، ظل على كسله طوال عمره وبعد ان اصبح فكره صافيا من اي بشر، صافيا من التفكير بانقاذ البشرية ، فكر لايام عديدة، وألف كتابا بأسم ( الفاشلون مائة ) وكتب: " انهم يخدعوك بقولهم ان النجاح يأتي بالعمل وان الفشل ما هو الا الطريق نحو النجاح ولكن هلا عرفتني بالفاشلين الذين ماتوا قبل ان تعرفهم ؟ هلا عرفت لي عن كل اؤلئك الجنود الذين ماتوا مع احلامهم بدون تحقيقها ؟ والعبيد؟ فلو كنت عبدا حينها، كانوا سوف يتحدثون معك عن عبد بطل افدى بروحه لاجل سيده،يا للغباء.. انهم يخدعوك عزيزي القارئ، انهم يبقوك طموحا ليس لكي تدخل التاريخ، بل لكي يحصلوا على ثرواتك فقط، ولكي يبقوك كالثور تجر لهم المحراث ليحصدوا بعدها ما قمت به ، ولكن الشر ! الشر يبقى خالدا، ومهما فعلت، لن تستطيع محوه، بل كل كلمة تخترعها انت، سوف يستعملونها في تأليف كتاب عن فن الحرب " وعلى هذا السطر توقف قلمه وشعر بالنعاس وعاد الى النوم وهو ممدد على احدى ارصفة الشوارع امام ارجل المارة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري