الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خليك عالخط

ميشال شماس

2006 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أخي المواطن:
"خليك عالخط"، "أحلى هدية"، "عالرنة بغنيلك"، "شاركهم في وحداتك بتحلى أوقاتك"، "خدمة الرنة بغنية"، "نحن بانتظارك"، لا تتردد أتصل الآن ، نحن في خدمتك دوماً. "صار فيك تهدي وحدات لمن تحب"، فما عليك أخي المواطن سوى الاتصال بنا، فنحن في شوق شديد إلى نقودك..وسيبقى شوقنا إليك مستمراً طالما أن جيوبك مازال فيها بعض النقود..الخ
أخي المواطن:
أين المفرُّ ؟ أينما توجهت أو ذهبت، تسير في الشارع، تركب الباص أو السيارة، تذهب إلى البيت، تقرأ جريدة أو مجلة، تسمع الراديو أو تفتح التلفاز.. فأنت محاصر بتلك الإعلانات والدعايات المتلاحقة التي تروجها شركات الخلوي التي تدعوك إلى التغيير واستهلاك كل جديد بغض النظر عن مضمونه وبدون أية قيود، ويفرضون عليك سماع أو مشاهدة فنٍ رخيص مبتذل..
إنه احتيال منظم، وكذب مبرمج هدفه تشويه عقول الناس، وإطلاق غرائزها لتعيث فساداً بدون عقل ينظمها ويعقلن شهواتها، وتخريب الذوق والقيم الأخلاقية والروحية عبر نشر ثقافة الاستهلاك ولاشيء غير الاستهلاك، والأطباق على جيوب الناس وسلب ماتبقى فيها من نقود.
وتستمر شركات الخلوي بصرف الملايين على الإعلانات والدعايات تدعو فيها الناس إلى تشجيع استخدام الهاتف الخلوي في الثرثرة والاشتراك بالمسابقات وتنزيل صور الفنانات وأغانيهن المبتذلة، وتبادل النكات والصور الفاضحة، وليس هذا فحسب، بل أخذت تستغل الدين في ذلك حين تسمع عن الترويج لخدمة الأغاني والأشعار الدينية..الخ والهدف من تلك الدعايات والإعلانات واضح وصريح هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس لجمع المزيد من المال من خلال السطو على جيوب الناس وسلب ما تبقى فيها من بعض الدراهم،علماً أن هذه الملايين كافية لأن تجعل الاشتراك في الخط مجاناً وأجور المكالمات في حدها الأدنى، وان تحسن من وضع شبكة الاتصالات الخلوية وترفع من سوية خدماتها السيئة.
ويبدو أن وزارة المالية كانت على حق في فرضها "لضريبة الرفاهية "على الاتصالات الهاتفية عندما تناهى إليها أن المواطنين وبخاصة الفئات العمرية الشابة "طلبة المدارس والجامعات"، وحتى الموظفين من ذوي الدخل المحدود، وغيرهم من العطالين البطالين يسيئون استخدام الهاتف النقال والثابت في أغلب الأحيان، حيث وصلها أنهم يتبادلون الرسائل والصور والنكات الفاضحة، ويقضون أوقات طويلة على الهاتف الخلوي يثرثرون بأحاديث لاطعم لها ولا لون، كأن تسمع مثلاً: ( شفتي هيفا شو كانت لابسة؟ "شو بدك تطبخي اليوم؟" "دقيلي حتى يعرفوا زميلاتي في العمل أنو عندي أصدقاء..؟" "عرفتْ مبارح طبقت الصبية لي قلتك عنا، وصارت تبتعلي رسائل على الموبايل"، "وينك بعتلي شي صورة على كيفك" ..الخ من الثرثرة التافهة وأمتد هذا الأمر إلى الهاتف الثابت أيضاً، فتسمع عن صبايا وشباب وحتى كباراً يقضون أوقات طويلة على الهاتف في ملاحقة البرامج والمسابقات والطبخات، وقضاء أوقات حارة مع المحطات الساخنة.
وأعتقد أن تلك الأمور كانت من بين الأسباب الموجبة التي دفعت وزارة المالية إلى طرح مشروع فرض ضريبة الرفاهية على الاتصالات الهاتفية على مجلس الشعب الذي كعادته وبدون تردد أقر فرض تلك الضريبة. وترك المجال لشركات الخلوي كي تستمر بجمع الأموال ووضعها في حسابات لدى البنوك الأجنبية.
وبعد ماذا ننتظر أكثر من ذلك ؟! هل نترك ثقافة الاستهلاك تطغى على سلوكنا وسلوك أولادنا ؟ لإن من شأن استمرار هذا السلوك المنفلت والمبالغة في استهلاك وإساءة استخدام أي شيء قادم من الخارج، سوف يقودنا في النهاية إلى طريق الذل والعبودية لذلك الأجنبي، ويجردنا من هويتنا وذاتنا حتى نصبح بلا هوية، بلا قيمة همه الوحيد الركض ثم الركض وراء الاستهلاك، وإشباع شهواته الغرائزية ..
ولن نستطيع التخلص من هذا السلوك الطائش إلا من خلال إعادة الاعتبار للعقل كي يأخذ دوره في ترشيد سلوكنا وإدارة شؤوننا بتفاعل بعيداً عن الاتكال والتلقي الأعمى، ونعيد الاعتبار للعقل وحرية الفكر والتفكير والبحث العلمي، ونبني مجتمعاً ينتفي فيه الظلم، ويخيّم العدل عليه ويسود فيه القانون على الجميع حكاماً ومحكومين .
دمشق في 9/2/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ