الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقاعة البرزانية والنصر الشيعي

جواد كاظم الدايني

2017 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


الفقاعة البرزانية والنصر الشيعي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيادة اي بلد هي مرآة لقوة نظامه السياسي, وحكمة طبقته السياسية, وعلى اساسها تتفاوت البلدان في تأثيرها الاقليمي ومكانتها الدولية, التي ترغم الاخرين على احترام وجودها في هذا العالم, لذا فمن غير الحكمة ان لا تقدر حجمك, ولا تعرف نسبته الى الاخرين. السيد البرزاني من النوع السائد لدينا في الطبقة السياسية, ممن يعانون من مشكلة تقدير حجمهم, لذا فهو يعتقد ان " نفخته " على ابناء جلدته وشركاءه في الوطن كافية لتعويض قصره الاقليمي والدولي, وكافية كذلك لتعويض انعدام دستورية رئاسته للاقليم او التغطية على سلوك العائلة البرزانية التي تتخطى القانون وتتعدى على الحريات.
من السهل ايضا, ادراك ان مسألة استقلال الاقليم البرزاني ليس قرارا كرديا فحسب, واذا اعتقد مخطئاَ امكانية تجاوز المسألة الوطنية, فأن التعقيدات الاقليمية, لها ابعادها الخطيرة على الاستقرار السياسي للدول الاقليمية المحاذية لكردستان, فتلك الدول تعاني ايضا من مشاكل مع اقلياتها الكردية قد يشجعها الانفصال البرزاني للمطالبة بالمثل, وتقويض سيادة تلك الدول. كل ذلك سيأخذ ابعادا دولية مهمة بسبب اهمية المنطقة بالنسبة للاستقرار الاقتصادي العالمي. لا اعتقد ان الحجم البرزاني يسمح له بالوقوف ضد الارادة الاقليمية والدولية, ومع ذلك جازف مؤخرا بماء وجه, وطرق ابوابا وهو يعرف انها موصدة, لا بفكرة الاستقلال وانما بفكرة الاستفتاء ايضا. اذن, لما الاصرار على الاستفتاء الان؟ وما الذي ستهدفه؟ .
اتمنى بالطبع ان اكون محقا, لو اعتبرت ان ما حققه عراقيون, بهزيمتهم للارهاب, هو " نصرا وطنيا " بعنوانه العراقي الكبير, لكن ما لا يمكن لاحد ان يتجاوزه, او يحسن التعامل معه, هو ان ذلك النصر كان نصرا " شيعيا ", ابتداءا بفتوى المرجعية الشيعية في النجف وانتهاءا بالهوية الشيعية الغالبة على التشكيلات العسكرية والامنية العراقية, بسبب ظروف تشكيلها بعد العام 2003, كما ان التضحيات الكبيرة التي حسمت المعركة تحملها " مكاريد " الشيعة, الذين في غالبيتهم كانت الفتوى الدينية والغيرة العراقية دافعا لهم, وتم ذلك بمعونات فاعلة لاطراف متعددة اختلفت دوافعها بين الطائفية والانتهازية والمصلحة الدولية.
اعتقد ان كلا من الاكراد والسنة, تحسست طبيعة هذا النصر, وان الكثير من الشيعة ستحاول الاستثمار في هذا النصر, بتحويل جزئه العسكري الى نصرا وثقلا سياسيا يضاف للارادة الشيعية لو انها فكرت بفرض شروط المنتصر, رغم انها كانت تحارب داعش دون الاكراد والسنة !. لذا فان التحرك السياسي ظرورة ملحة, لمعادلة الاضافة السياسية الشيعية الجديدة, ليس اوله بالطبع, الاستفتاء البرزاني كورقة ضغط, او التهديد بالانفصال " الفارغ ", ولا اخره الانفتاح الكردي على السنة, او الحراك السني الجديد القائم على اعادة تغيير الوجوه ومراكز القوى, في استجابة للانشقاقات التي حصلت داخل البيت السني عقب محنة سقوط مدنهم الكبيرة, وربما يكون هدفهم القادم هو كيفية استعادة تلك المدن من المحتلين الجدد! او هكذا تبدوا لهم.
لا اعتقد ان الطبقة السياسية العراقية سوف تنجح كثيرا بالحفاظ على قيمة ما قدمه الابرياء من تضحيات ودماء تحت العنوان العراقي " الوطني ", فتلك الطبقة تشكلت بفعل الجهل والتخلف الذي تعاني منه مجتمعاتنا, وتتحكم بها اطر طائفية وقومية متعصبة, شكلتها سنين من الاضطهاد السياسي, على يد النظام البعثي, وهو ما لم يتم تجاوزه بعد, بل وشكلت مبررات واهية لسلوك سياسي لايختلف كثيرا, عن سلوك جلاديهم السابقين, الذين كانوا اكثر مصداقية منهم, لانهم كتبوا قوانين ودساتير للجلادين وضلوا امناء عليها, اما هذه الطبقة الجديدة فقد كتبت لنا قوانين ودساتير للانسانية وضلت تتعامل معها ومعنا بعقلية الجلادين. رغم ان " العنتريات " لا تليق بالاقزام, الا ان زمنها, قد ولى, وهو ما لا يفهمه الكثير من الساسة العراقيون الان, فليس هناك غير الحكمة والحوار طريقا لترتيب وضعك الوطني والاقليمي والدولي, على مبدأ لا غالب ولا مغلوب, فاذا كنت تريد الاستقلال فأفعل ذلك بشكل محترم ومتحضر وفي حدود الامكان لا العناد, وسوف يحترم الجميع ارادتكم, واذا كنت تريد ان تبني وطنا, فخذ بيد شريكك واخلص النية معه.
جواد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد