الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى هدرا للوقت

رشاد الشلاه

2006 / 2 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


طالما حذر الحريصون والمخلصون، على نجاح سير العملية السياسية السلمية العراقية، قبل وبعد تشكيل الحكومة الحالية المؤقتة، من خطورة اعتماد مبدأ المحاصصة الطائفية والقومية، ناهيك عن تكريسه، لكن المتابع لمسيرة هذه الحكومة خلال الأشهر الماضية يتيقن من وقوع المحذور في هذا البلد الذي ظل يعاني أوضاعا كارثية بالمعنى الحرفي للكلمة، وكان التدخل الإقليمي في الشأن الداخلي العراقي، و غياب برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي محدد لهذه الحكومة، عاملين آخرين زادا في الطين بلة، فانتشرت الجريمة المنظمة المدعومة بالميليشيات، وشاع الفساد الإداري لينهش مفاصل الدولة العراقية المنهكة أصلا، وتعمق الحس الطائفي لنجد صداه في ريبة وشك متبادل، و مشهد دموي يومي "مجهول" الإخراج و التنفيذ، وتحولت هذه الوزارة أو تلك إلى إمارة مملوكة لهذا التشكيل السياسي أو ذاك، يأتمر وزيرها بأمر مرجعه الديني أو السياسي، لا بأمر "الحكومة المركزية".

إن سلطة بأصل شروط تكوينها ومواصفاتها هذه، لا يمكنها أن تنهض بمسئوليتها الجسيمة، وتحقق ما كان مؤملا منها، وبدل أن يتحقق للعراقيين بصيص أمل كان يراودهم بعد تخلصهم من النظام الديكتاتوري، نُغصت حياتهم بالرعب من الإرهاب اليومي، ومشاهد القتل و الجثث المرمية، ومن البطالة وغلاء المحروقات وشحة الكهرباء وفوضى الخدمات العامة الأساسية.

وفي هذه الأيام التي يغادر فيها قادة المحافل السياسية العراقية غرف مطابخ صنع الاتفاق والقرار السياسيين، متوجهين إلى قاعة الولائم السياسية، تفوح من صفقات هذه الولائم رائحة ذات نظام المحاصصة الطائفية والقومية، الذي وسم الحكومة الحالية بأداء مرتبك، مما أدى إلى ابتلاء الشعب بالمزيد من المحن، بل تم التمادي في استغلال هذا المبدأ، حتى غدت وزارات بعينها من حصة احد مكوني هذا الائتلاف أو ذاك، وكثر استعمال اللون الأحمر في رسم الخطوط التي لا حدود في رسمها ما دامت مصلحة الفئة السياسية ومن ثم المكوّن السياسي، هي الذات التي لا ينبغي المساس بها.

لقد قيل مرارا، وهو قول لا خلاف عليه، إن محن البلد كبيرة وثقيلة، والمخاطر تهدد كيانه حاضرا ومستقبلا، ومحيطه الإقليمي يزداد احتقانا. لذا بات التصدي لهذه التحديات مهمة تستدعي تضافر جميع من يسعى مخلصا لإنقاذ الوطن من بلواه. ولهذه الأسباب وغيرها بذات الأهمية، تتجدد المطالبة بانبثاق حكومة وحدة وطنية، لا تلغي نتائج انتخابات مجلس النواب، بل تحرص مع استحقاقاتها، على اكبر مشاركة فعالة وفاعلة من جميع المكونات السياسية، في رسم وتنفيذ برنامج حكومي، يضع في مقدمة مهامه، تحقيق استتباب الأمن للمواطن، واستكمال سيادة الوطن، والشروع بعملية إعادة بنائه.

إن مهاما جسيمة كهذه تتطلب بداهة، الإتعاض بدروس الأشهر الماضية من حياة وزارة الدكتور الجعفري. والائتلاف العراقي الموحد وحلفاؤه مطالبون بكشف حساب صريح للشعب، بما أنجزوه و بما اخفقوا فيه، ومن يتشرف بمفخرة الإنجاز، ومن يتحمل وزر الفشل. وعليهم احترام مسؤولية المنصب الحكومي وشرف النهوض به بحس وطني، لا بدوافع وحسابات فئوية، ولم يعد هناك من مسوغ لإهدار مزيد من الوقت والتأخير في تشكيل الحكومة الجديدة الدائمة، فشعبنا ينزف على مدار اليوم، دما وثروات.
لقد بُددت ثلاثة اشهر من عمر حكومة الجعفري الحالية، في سبيل إنجاز تشكيلها النهائي، من مجموع اثني عشر شهرا من عمرها المفترض، فكم شهرا سيمضي في سبيل تشكيل حكومة عمرها ثمانية وأربعون شهرا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي