الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البارزاني ينهي الحلم الكردي بالاستقلال الجزء الأول / مقدمة تاريخية لابد منها د.غدير رشيد

غدير رشيد

2017 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


1. مذ كنا شبابا ونحن عرب العراق نؤمن بحق الكرد في تقرير مصيرهم متأثرين بأفكار الحزب الشيوعي العراقي و بعض القوى القوميه اليسارية والمرجعية الدينية الشيعية ، و كنا نلقي اللوم بالكامل على الحكومات العراقية المتعاقبة بإعتبارها المسؤولة عن مآسي الشعب الكردي المتتالية منذ الحكم الملكي وصولا الى حكم البعث .

2. ومع تطور وعينا وقراءتنا للتاريخ وخاصة المعارك بين البارتي والإتحاد الوطني لأكثر من عشرين سنة ومتابعتنا للأحداث خلال السنوات الثلاثين الماضية، أدركنا إن مآسي الشعب الكردي لا تتحملها الحكومات العراقيه المتعاقبة فقط، بل إن القوى السياسية و العشائرية الكرديه تتحمل جزء غير قليل من المسؤولية، ولو وزعناها بشكل نسبي لأمكننا القول إن هذه القوى تتحمل المسؤوليه بنسبه لا تقل عن 45% فيما تتحمل الحكومات نسبة لا تزيد عن 55%.

3. وتزداد نسبه مسؤولية القوى الكرديه عن مآسي الشعب الكردي بعد 2003 لتصل الى 80% و ساحاول أن اثبت لكم ذلك في هذه المقالة بأجزائها الخمسة.

4. من يتابع ممارسات القوى الكردية العراقية سيجد إنها أخطأت أخطاء قاتلة من خلال :


• النزاعات العشائرية -الحزبية فيما بينها وكلها كانت على مصالح شخصية مهما حاولوا قولبتها بتوجهات آيدولوجية، لأن طبيعة النزاعات وأساليبها كانت بعيدة عن الايدولوجيه تماما ، التي تمنع من يؤمن بها من التنازل عن مبادئه ، بينما كانت القوى السياسية الكردية تتناوب المصالحة - النزاع بينها وبين الحكومات ، ففي بداية السبعينات كانت جماعة المكتب السياسي( جلال الطالباني) مع الحكومة وجماعة البارتي ضدها ، وعند بدء المفاوضات مع حكومة البعث إنقلبت الحالة فأصبح البارتي مع الحكومة لينقلب جماعه المكتب السياسي ضدها
( فهل كان ذلك تصرفا ايدولوجيا) ..
وفي الثمانينات .. تفاوض الاتحاد الوطني مع الحكومة فأ نقلب البارتي ضدها، وعندما تفاوضت الحكومة مع البارتي إنقلب الاتحاد ضدها ..
ووصل الأمر أرذل مراحله عندما إستعان البارتي بجيش صدام ليقتل كورد الإتحاد والقوى العراقية المؤيدة للقضية الكوردية في أب 1996....
ورغم صرخات الإتحاد وإتهامه للبارتي بالعمالة لصدام، تراهم يذهبون سوية في 1997 إلى صدام ليصالحهم..
فأين الايدولوجية وأين مصلحة الشعب الكردي من كل هذه التقلبات ..
إذن القضية الكردية لدى الحزبين الكرديين الكبيرين هي صفقة وليست قضية، والمشكلة انها لازالت كذلك بالنسبة لهما.
• أما الخلافات العشائرية فقد كانت دائما على مصالح شيوخ العشائر الكردية و لدرجة مشينة والكرد يتذكرون ما قام به ( محمود اغا الزيباري ) في صيف 1945 من هجوم لمساندة الحكومة الملكية على الحركة القومية الكوردية بالرغم من إن إبنته كانت زوجة للملا مصطفى .
و الكل يتذكر الحجوش الذين كانو يقاتلون الكورد مقابل ثمن تدفعه لهم الحكومه منذ ستينيات القرن العشرين إلى بداية التسعينيات .

5. كما اخطأت القوى السياسية الكوردية أخطاء سياسية قاتلة لا يمكن تبريرها إلا إنها بسبب مصالح شخصية وحزبية، إضافه لما تدل عليه من جهل سياسي خطير لازال مستمرا لحد الآن .
ففي صيف 1943 كتب الملا مصطفى للسفير البريطاني يعلن فيها الطاعه التامة للبريطانيين مقابل دعمه، دون أن يدرك توجهات التاج البريطاني آنذاك والذي كان يخوض حربا عالمية وكان العراق الموحد مهما للسياسة البريطانية لسد الطريق أمام المانيا النازية الطامعة في الوصول إلى مياه الخليج لتطويق بريطانيا.
وفي شباط 1963 أخطأ الكورد خطأ سياسيا قاتلا في دعمهم لإنقلاب شباط 1963 المدعوم من وكالة المخابرات الأميريكية ضد نظام وطني قدم للكورد ما لم يحلموا به، إلا إنهم ولمصالح حزبية - شخصية تعاونوا مع قوميين شوفينيين...
فأضروا بالكورد أولا حيث قام البعثيون بمهاجمه كوردستان بوحشية في 9 حزيران 1963 أي بعد أربعة اشهر فقط من إتفاقهم معه..في حين إن (قاسم) وحتى بعد خلافه معهم وجه الجيش العراقي بإتخاذ موقف الدفاع وليس الهجوم بإعتراف أعداء قاسم نفسهم ومنهم الكورد
كما أضروا بالعراق .. اذ ضيعوا فرصة لتطوير النظام الوطني، الذي بالرغم من أخطائه الكارثية إلا إنه كان مخلصا للشعب والوطن وهو مادفع الشيوعين إلى الدفاع عنه رغم زج قاسم لكوادرهم في السجون لأنهم كانوا يفكرون بمصلحة الوطن لا الأفراد ولو إستمر قاسم لكان من المحتمل أن يتطور ليكون نظاما مؤسسيا وديمقراطيا وكان من المؤكد إنه سينظر للقضية الكوردية بمنظار وطني وإنساني.
وفي منتصف السبعينات لم تدرك القوى الكوردية طبيعة الصراع المحلي والدولي فأخطأ البارتي في معاداته للقوى الوطنية العراقية وخاصة الشيوعيين لأنه أراد إحتكار العمل السياسي في كردستان لوحده قبل البدء بتطبيق الحكم الذاتي طمعا في التفرد بالحكم متغافلين عن خطط النظام، حتى وصلت معاداته للشيوعيين حد إغتيال عشرات الكوادر الشيوعية كما فعل (عيسى سوار) في دهوك أئنذاك وكان أحد قادة البارتي العسكريين المعروفين.

6. أما الخطأ السياسي القاتل للبارتي، فهو ما فعله بين السنتين 1974-1975 في تحالف مع ايران مصدقا الوعود الامريكية والاسرائيلية والايرانية التي كانت تريد الضغط على نظام البعث وإذلاله لينخرط أو يؤيد إتفاقات السادات مع إسرائيل بعد حرب تشرين 1973 والتي كان يقودها (كيسنجر) نفسه الذي وعد الكورد بالمساندة كما يدعون،ولو إمتلك البارتي الوعي السياسي الحقيقي والصادق لعرف إن المصلحة الأميركية العليا أئنذاك كانت في إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي والأهم إنقلاب مصر على السوفييت والتحول إلى المعسكر الغربي الذي كان في حالة حرب باردة بلغت أوجها في منتصف السبعينات،وكانت مصر هي بيضة القبان وبالتالي لابد من توفير الدعم لها خاصة في ظل إصرار حافظ الأسد على معادات السادات وكان العراق وبسبب حربه مع الكورد في أضعف حالاته فلم يعلن معارضته للسادات علنيا مقابل إنهاء الحركة الكوردية، ولازال كيسنجر يتباهي بإنجازه ذلك وله الحق في هذا التفاخر لأن منتصف السبعينات كانت نقطة تحول تاريخية في إضعاف قوى اليسار الداعمة للسوفيت وصولا إلى إسقاط الإتحاد السوفيتي وبروز القوى الإسلامية في المنطقة والتي تشترك مع الأميركان في معاداة السوفيت...
لذلك لم تكن في سياسة أميركا إسقاط البعث أو تفتيت العراق كما توهم البارتي في ذلك الوقت وفهم الدعم الأميركي خطأ وكذلك الدعم الإيراني الحالم بنصف شط العرب.
وما إن حقق الأميركان هدفهم وحصل الإيرانيون على نصف شط العرب(إتفاقية الجزائر 1975) حتى لم يعد للكورد حاجة،فتخلوا عن الحركه الكورديه وسقطت الحركة في بضعة أيام دفع ثمنها الشعب الكوردي، فيما هربت القوى السياسية الكوردية إلى خارج العراق فنجا القادة وعوائلهم ودفع الثمن الفقراء الكورد...

و كما يقول الشاعر أحمد مطر..

ألم تسالوا......
كيف يفنى بها من يقاد..... وينجو بها من يقود

والسبب في تلك المآساة هو سوء التقديرات السياسية للبارتي و بالذات للعائلة البارازانية.

7. قد يرفض البعض هذا التحليل ويعتبرها إتهامات، مشيدا بنضالات العائلة البارزانية، وهي مواقف لا يمكن أن ينكرها أحد فالعائلة البارازانية عائلة مقاتلة قدمت الكثير من الشهداء، ولكن ما لا يدركه الكثير وقد يعرفه القليل ويسكت عنه، إن القيادة العشائرية تنفع في فترات الصراع العسكري لكنها لا تستطيع إدارة الصراع السياسي، حيث العقلية العشائرية مبنية على الاخلاق والالتزام بالوعود الشفهية والكرم والشجاعة والكرامة والطاعة العمياء للكبير، مقابل العقلية السياسية المبنية على المصالح فقط ولا تلتزم بل لا تعترف بالاخلاق أبدا وهو ما قاله (كيسنجر) للكورد عام 1975 .... ( أنا أفكر بمصلحة بلدي فقط ).

8. ولو تامل الكورد في التاريخ،لعرفوا حقيقة لايمكن تجاهلها، وهي إن من يصلح للقيادة في الصراع العسكري غالبا ما يفشل في إدارة الصراع السياسي والأمثلة كثيرة،فقد نجح (ديغول) في قيادة فرنسا اثناء الحرب العالمية الثانية ولعب دورا فذا في تحرير فرنسا من الإحتلال النازي، لكنه بعد نهاية الحرب فشل في إدارة فرنسا،وعندما أدرك ذلك إنسحب من الحياة السياسية والعامة لأن ما كان يهمه هو مصلحة فرنسا وليس مصلحته أو سمعته الشخصية، علما إنه حصل في الإنتخابات على أكثر من 60% من الأصوات لكنه لم يعتبرها نسبة كافية تؤهله لقيادة فرنسا ولم يتبجح بتاريخه لذلك لازالت ذكراه خالدة فرنسيا وعالميا.

9. كما أسقط البريطانيون (تشرشل) بعد الحرب العالمية الثانية بالرغم من براعته وحنكته في قيادة بريطانيا أثناء الحرب ، نعم فعل البريطانيون ذلك لأنهم شعروا بالحاجة لقادة جدد بعقلية جديدة غير مقيدة بإلتزامات وأفكار الماضي، وبالتالي لم يعد (تشرشل) صالحا فأسقطوه غير مبالين بقيم الوفاء والعيب وكبير القوم لأنها قيم لا تتوافق مع السياسة في ظل إنتقال جوهري في مراكز القوى الدولية آئنذاك والمتمثل ببروز أميركا وبداية الحرب الباردة.

ومن يدقق في الحالة الكوردية يجد إن القادة الحاليين مقيدين بأخطاء ومواقف وإلتزامات تاريخية قاتلة تحد من حركتهم في إدارة الصراع السياسي في عراق مابعد 2003،مما يجعلهم غير مؤهلين لإدارة المرحلة الحالية كما سنحاول إثباته......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي