الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التمييز بين الموت الظالم و العادل .
يوسف حمك
2017 / 8 / 21الادب والفن
![](https://www.ahewar.org//debat/images/fpage/art/3.jpg)
ممن الممكن مواجهة أي أمرٍ مهما كان عظيماً ، و مقامه رفيعاً إلا الموت .
فهو الغالب دوماً ، و غيره المغلوب حتماً ، مهما امتلك القوة و النفوذ و الجاه و الغطرسة . لأن الهزيمة ستكون من نصيبه كيفما علا شأنه في الجولات الأولى من صراعه مع الحياة ، فسقوطه في آخر الجولة محتمٌ .
يتحدثون كثيراً عن إنصاف الموت إزاء المخلوقات و عدالته بين العباد .
على اعتبار أن كل كائنٍ تخطفه يد المنون بلا استثناءٍ ، و الرحيل الأبدي مصير الجميع .
اتفق معهم في مساواة المصير ، و دفنهم تحت الثرى .
لكنني في توقيت الرحيل أجد الغبن ، و في نوع المخطوف و مدى صلاحيته للعمل أو عدمه أرى الظلم بدلاً من العدل .
كما إنني أنأى بنفسي عن ( الاستغفار ) . لأن قول الحقيقة – و إن كان مراً - لا يستوجب الاستغفار . و لاسيما إذا كان الحزن الذي يعجز الإنسان عن تحمله من أهم نتائج هذا الفعل .
فالموت هو الفعل الذي يولد الألم ، و بعض أنواعه يفجر أشد المواجع إذا كان مدوياً .
منذ أكثر من عقدٍ مد الموت يده فاختلس صبيةً كان دواؤها الموت ذاته . و لم تكن الحياة بها تليق .
على المقبرة أثناء الدفن ، دنوت من والدها لأعزيه على طريقتي .
صافحته مبتسماً ، و أخبرته همساً : ( أشاركك الفرحة لا الحزن ، كانت تستحق الموت ، أحسن الله صنعاً ، و أبارك مشيئته الصائبة بموتها .
فرحيلها يجلب راحة البال لكم ، و لها الاطمئنان الأبدي .)
لم يمضي وقتٌ طويلٌ حتى غدر الموت بأخيه الشاب و هو في عز شبابه و أوج عطائه .
ترملت زوجته في مقتبل العمر ، و ترك في عهدتها أولاداً صغاراً .
قدمت له عزائي بأسلوبي الخاص أيضاً .
و مقارنةً بالمرة الأولى قلت له : ( لقد زاره الموت في الوقت الخطأ ، و لم يكن مصيباً في حقه ، بل كان قاسياً عليه و عليكم ، و على عائلته كان جائراً .
لم يدعه يكمل رسالته العائلية ، فمنعه من إتمام واجباته الاجتماعية .
استأنفت الكلام : الموت زارك في المرة الأولى عادلاً ، و في زيارته هذه كان ظالماً .)
أعرف امرأةً أخرى كان لها ابنٌ معاقٌ تخدمه بإخلاصٍ ، و تعتني به كثيراً ، فتسهر على راحته بقلبٍ صبورٍ منفتحٍ .
يدخل الموت بيتها فيخطئ الهدف مرةً أخرى بخطف الأم ، و يبقي المعيق بلا سندٍ لتزداد حياته تعقيداً و بؤساً .
في حين أنه كان الأولى به أخذ المعاق و الإبقاء على الأم .
ثم ما ذنب الرضيع الذي يفقد والديه في حادثة سيرٍ أو هدم المنزل فوق رأسيهما ، أو الموت غرقاً ؟!
حينما يخفق الموت في اختيار الزمن السليم ، و يفشل في التمييز بين الشخص الفاعل المعطاء و العاجز المقعد . و بين الفاضل الوفي و السفيه الشرير . و بين راجح العقل الرزين و الجاهل الحاقد ، عندها سيكون سلوكه مداناً بكل المقاييس .
أما قول : ( قدر الله و ما شاء فعل ) . بدون تمييزٍ بين القدر العادل و الظالم . ففيه مذلةٌ و هوانٌ .
نقر بأن الموت آتٍ لا محالة ،ولا نملك القدرة على إبطاله .
لكننا نملك العقل للتمييز بين الموت العادل و الظالم .
انطلاقاً من توقنا للتفكير الحر ، و إعطاء العقل دوره الفعال .
دون خوفٍ من قول الحقيقة و المنطق السليم .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات
![](https://i4.ytimg.com/vi/ssW9r4-GVLg/default.jpg)
.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية
![](https://i4.ytimg.com/vi/jAVSZKZ1xVw/default.jpg)
.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو
![](https://i4.ytimg.com/vi/poYK6ScXXmY/default.jpg)
.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية
![](https://i4.ytimg.com/vi/pa3cRJo8_k4/default.jpg)
.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم
![](https://i4.ytimg.com/vi/m5Z7AvyOtdo/default.jpg)