الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خامنئي شاجبا العنصرية الأميركية

عادل محمد - البحرين

2017 / 8 / 21
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بقلم سلام السعدي
السبت 19 أغسطس 2017

ما يثير السخرية أن يأتي الانتقاد من علي خامنئي، مفتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي يقوم كل نظامه السياسي على بناء طائفي استبدادي يشطب الفرد وحقوقه بصورة مطلقة لصالح جماعة مختارة من الصالحين.
لم تقتصر الانتقادات الواسعة الخاصة بتعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع أعمال العنف التي قامت بها مجموعات من اليمين المتطرف والنازيين الجدد ودعاة التفوق العرقي للبيض على الداخل الأميركي، بل امتدت لتشمل دولا غربية تكرّست فيها الحقوق الديمقراطية للأفراد ورفض التمييز على أساس العرق أو الدين أو اللون أو الجنس.

ولكن ما يثير السخرية أن يأتي الانتقاد من السيد آية الله علي خامنئي، مفتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي يقوم كل نظامه السياسي على بناء طائفي- استبدادي يشطب الفرد وحقوقه بصورة مطلقة لصالح جماعة مختارة من الصالحين.

هكذا، ودون ذرة حياء، دعا السيد خامنئي من خلال تغريده أطلقها على مواقع التواصل الاجتماعي الرئيس الأميركي إلى التركيز على مشاكل بلاده، ومعالجة العنصرية المتفشية بدلا من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

وفي مناسبات أخرى، كانت تغريدات المرشد تشجب عنف الشرطة الأميركية ضد المواطنين الأميركيين على وجه عام والسود على وجه خاص. لم تمنعه حقائق التمييز الديني والعرقي والجنسي والاضطهاد السياسي في إيران الخمينية من إطلاق تلك التصريحات.

وإذ يتشابه التمييز والقمع الجسيم ضد النساء في إيران مع دول شرق أوسطية عديدة خارج منظومة الحداثة، لكنه في جمهورية المرشد هو قمع منظم بالقانون. فحيث تكون بعض الإجراءات التمييزية ضد النساء في بعض البلدان مرتكزة على اضطهاد الأعراف والتقاليد الاجتماعية، فهي ترتكز على القانون في إيران. وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، تدخل المرأة السجن لدى حديثها ومطالبتها بالمزيد من الحريات أو بالمساواة مع الجنس الآخر. كما تمارس السلطات الإيرانية تمييزا متعدد الأشكال ضد الأقليات الإثنية والدينية والعرقية، مثل الأكراد والبلوش وأتباع الديانة البهائية.

بالطبع، يتلطى المرشد وجهاز إعلامه خلف أكذوبة الديمقراطية الإيرانية التي تنتخب رئيسا وبرلمانا بصورة دورية يتنافس عليهما حزبان سياسيان. ولكن تلك الديمقراطية تتداعى أمام الرجل الأقوى على الإطلاق، الإمام الخامنئي، وهو يشكل رأس هرم الطغمة الحاكمة التي تمسك بمفاصل الدولة على نحو يفرغ نظرية وجود تيارين أو جناحين يتبادلان السلطة من أي محتوى.

تروي المحامية الإيرانية شيرين عبادي، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في العام 2003، أنه لدى اعتراف الحكومة الإيرانية أخيرا بأنها نظمت بصورة ما عمليات القتل المتعمّد التي وقعت في أواخر التسعينات من القرن الماضي ضد العشرات من المثقفين والناشطين المعارضين، أو المشكوك بولائهم وادعت التحقيق فيها، مُنح القاضي الذي يترأس المحكمة المحامين عن الضحايا ما لا يزيد عن عشرة أيام لقراءة الآلاف من الملفات المكدّسة واستخراج دلائل إدانة منها. يدل ذلك بوضوح على أن المؤسسات “الديمقراطية” في الدولة الإيرانية، وحتى القانون نفسه، قد وجدا كأداة إضافية لزيادة التحكم بالمجتمع والدولة وزيادة استقرار الطغيان وإدامته.

ليست محاولات المزايدة من قبل مرشد الجمهورية الإسلامية على الديمقراطية والحريات الأميركية ومحاولات توظيفها في خدمة الهيكلية الاستبدادية الخاصة به مقتصرة على إيران.

فخلال الاحتجاجات بمدينة فيرغسون الأميركية في العام 2014 على عنف الشرطة الأميركية ضد المواطنين من أصول أفريقية، انتقدت وسائل إعلام النظام السوري ومسؤوليه الشرطة الأميركية على استخدام “العنف المفرط”، فيما كانت قوات النظام تقصف المدن السورية بالمدافع والصواريخ والسلاح الكيميائي دون تمييز.

لم يجد نظام بشار الأسد إذن غضاضة في انتقاد عنف الشرطة الأميركية في تلك الأحداث والتي لم يسقط خلالها أي قتيل أميركي، في الوقت الذي تسبّب نظامه بمقتل أكثر من نصف مليون سوري، غالبيتهم الساحقة من المدنيين.

لا يبدو أن لدى هذا النوع من الأنظمة الطغيانية الإرهابية أي ذرّة حياء عندما يتعلق الأمـر باستغلال أحداث خارجية للدفاع عن ممارسات النظام ونشر رسائل تحشيدية تخترق عقول المؤيدين. وهؤلاء ليسوا “الشعب”، بل فئة قليلة وذات نوعية خاصة من عموم الشعب.

هناك نسبة كبيرة من المواطنين، وخصوصا بين صفوف الشباب، تجد في تعليقات قادة أنظمتها عن الحريات في أميركا مادة للسخرية أكثر من مادة للتعلم كما يأمل كل من خامنئي والأسد، كمـا تجدها سببا إضافيا للتحول الديمقراطي إلى نظام أكثر عقلانية وصلة بالواقع.

الخطاب موجه لقاعدة اجتماعية ضيقة نسبيا ولكنهـا تشكل عمـودا فقريا يقيم عليه النظام الطغياني المؤسسات العسكـرية والأمنية والاقتصـادية التي تضمن بقاءه بوجه أي اعتراض داخلي أو خارجي.

يشعر خامنئي بحاجة دائمة إلى الدعاية الزائفة لرص صفوف نواته الصلبة، وخصوصا في بلد شهد قبل سنوات قليلة “ثورة خضراء”، شارك فيها الملايين من الإيرانيين، وقد شكلت الفئة الوسطى النازعة نحو الحداثة والديمقراطية النسبة الأكبر منهم. فالدول الغربية بحسب رسائل خامنئي لمؤيديه وللطامحين إلى التغير الديمقراطي ليست ديمقراطية حتى يعتبرها البعض مثالا يمكن اتباعه.

يدعو خامنئي، ومعه رؤساء سوريا وروسيا والصين، إلى التمسك بالخصوصية المزعومة لشعوب الشرق الأوسط. خصوصية تناسبها ديمقراطية من نوع خاص: دكتاتورية.

كاتب فلسطيني سوري
المصدر: موقع صحيفة العرب
----------
رابط مقال: خامنئي شاجباً العنصرية الأميركية
http://www.alarab.co.uk/article/%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D8%A1/116892/%D8%AE%D8%A7%D9%85%D9%86%D8%A6%D9%8A-%D8%B4%D8%A7%D8%AC%D8%A8%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق التسلح العالمي يحتدم في ظل التوترات الجيوسياسية


.. جنوب إفريقيا تقدم طلبا عاجلا لمحكمة العدل لإجراءات إضافية طا




.. إخلاء مصابين من الجيش الإسرائيلي في معارك غزة


.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |




.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي