الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل ومحيطها .. علاقة الحب والكراهية

رامى عزيز

2017 / 8 / 21
السياسة والعلاقات الدولية


عادت إسرائيل كدولة إلى محيطها التاريخي في منطقة الشرق الأدنى مرة أخرى في عام ١٩٤٨بعد الفين عام من الغياب القسري، ولكن كما يقولون الزمن لا يبقى شيء على حاله فالمنطقة التي تركتها إسرائيل منذ ٢٠٠٠عام لم تعد هي نفس المنطقة التي عادت اليها، فاختفت هوية الشعوب الأصلية تحت وطأة الغزو الإسلامي، الذي يلقبه المسلمون بالفتح!!
وأصبح التعدد الثقافي والعرقي الذي كان أحد اهم سمات هذه المنطقة امر من قبيل الماضي السحيق، ليس هذا وحسب بل أصبح امر غير مقبول ولا مسموح الحديث عنه، وتم محو كل الحضارات والثقافات التي كانت موجودة في المنطقة لصالح الغازي القادم من شبه الجزيرة العربية الذي فرض عاداته وتقاليده الصحراوية المنفرة الفظة التي لا يمكن وصفها بالحضارة أو الثقافة، وتراجعت وانحسرت الحضارات الأصلية لهذه المنطقة من القبطية والفينيقية والأشورية وطمست هوية الكرد والأمازيغ ودمر كل شيء وقضت رمال الصحراء ورياحها الملتهبة على كل أخضر في المنطقة.

وهنا أصبح اليهود بعد عودتهم جسم غريب في وسط منطقة فقدت التعددية والتعايش، بعد ان أصبحت كلها شبه أمة واحدة مؤمنة تنظر لليهود وهم من الشعوب الأصلية للمنطقة بأنهم محتلين وغزاة ليس هذا وحسب ولكن طالهم من التكفير والتحقير الذي طال الأقليات الدينية الأخرى قسط وفير فأصبحوا "أبناء للقردة والخنازير" وأصبحوا من الضالين.
ولكن بعد التغييرات الكثيرة التي وقعت في المنطقة وبعد العديد من الحروب والهزائم، أدرك العرب ان إسرائيل أصبحت امر واقع لا يمكن تغيره بسهولة وبعد توقيع حكومتي مصر والأردن لمعاهدات للعلاقات مع إسرائيل، وبعد التطورات المتلاحقة التي ضربت المنطقة مؤخراً، بدا الحديث عن إقامة علاقات لأهداف محددة وليس علاقات متكاملة تشمل الكثير من المجالات، فبدا الحديث عن تعاون بين إسرائيل ودول الخليج وعلى راسها المملكة العربية السعودية من أجل التنسيق لمواجهة وردع العدو المشترك المتمثل في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ورغم زيارات بعض الشخصيات الخليجية البارزة لإسرائيل سواء كان بشكل سرى أو علني، لان كثير من العرب والمسلمين يذهبون إلى إسرائيل ولكن بشكل سرى، ولكن من الواضح ان كل الزيارات وكل هذا التقارب لا يعدو كونه أكثر من تقارب بين الحكومات لتحقيق بعض المصالح ولكن تبقا إسرائيل هي العدو الأول من وجهة نظر هؤلاء وحتى الدول التي وقعت معها إسرائيل اتفاقيات او معاهدات للعلاقات، لأنى لا أقدر أن اصفها هنا باتفاقيات أو معاهدات للسلام لأنها لا ترتقي إلى ذلك ، لا ن الحروب بين الدول العربية وإسرائيل لم تحدث مرة أخرى حتى الأن ليس رغبة من تلك الدول في السلام ولا احتراما لتلك المعاهدات والاتفاقيات ولكن لعدم قدرة تلك الدول على شن الحروب ومعرفتهم جيدا بكلفتها الشديدة اذا اقدموا عليها ودرايتاهم بنتائجها مقدماً.

وفى نفس سياق العلاقات المرتبكة بين العرب وإسرائيل، قرات تغريده للجنرال المتقاعد أنور عشقي مدير مركز الشرق الأوسط بجدة، والمقرب من طبقة الحكم في السعودية والذي تعرفه بعض وسائل الإعلام بانه مستشار الملك السعودي، والمعروف بانه مسؤول ملف العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل والذي التقى بالعديد من المسؤولين الإسرائيليين وتأتى على رأس تلك اللقاءات لقائه بمدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري جولد في يونيو/ حزيران ٢٠١٥ بمجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، ولكن لم يكون هذا اللقاء أو الظهور الأخير لعشقي مع مسؤولين إسرائيليين، ففي صيف عام ٢٠١٦ قام الجنرال عشقي بترأس وفد سعودي بزيارة لإسرائيل والتقى خلالها مرة أخرى دوري جولد بجانب عدد اخر من المسئولين وأعضاء الكنيست، ولكن في خضم الحرب الإعلامية والسياسية الطاحنة بين قطر والسعودية زعيمة جبهة الدول المقاطعة التي تضم كلا من:(مصر، الأمارات، البحرين)، استخدمت قناة الجزيرة القطرية هذه الزيارة لمهاجمة عشقي، ولكن الجنرال لم يتأخر لحظة واحدة حتى يخرج ويكتب تغريده ينفى فيها نفيا قاطعاً زيارته لإسرائيل ووصف الأمر بأن الجزيرة تريد الانتقام منه باستخدام تلك الفبركة على حد وصفه.
https://twitter.com/DrEshki/status/899452885569855488

وصف الجنرال عشقي خبر زيارته لإسرائيل [بالانتقام]، مما يدفعني للتساؤل هل زيارة إسرائيل هي اداءة يستخدمها العرب للانتقام من بعضهم البعض وتشويه صورتهم وتصفية الحسابات بينهم؟ هل زيارة إسرائيل شيء يخجل منه العرب؟ وإذا كان الأمر كذلك فلما قام الجنرال عشقي بزيارة إسرائيل؟
وبعدين عن كل تلك التساؤلات، كنت أتمنى ان يكتب الجنرال عشقي تغريده يُذكر فيها مذيع الجزيرة بان قطر كانت من أوائل دول الخليج التي تمتلك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وأنها كانت تستضيف مكتب إسرائيلي للتمثيل التجاري على أراضيها في الفترة بين عامي ١٩٩٦ ٢٠٠٠، وأن الرئيس الراحل شيمون بيريز وقت أن كان رئيساً للوزراء قام بزيارة الدوحة في عام ١٩٩٦وتم استقباله استقبال رسمي كبير، أي انه لم يأتي ويذهب إلى الدوحة في السر دون علم أحد، وبهذا لا يقدر أحد أن ينفى مذيع الجزيرة ذلك الأمر الذي وقع بالفعل.

ولكن ما حدث من الجنرال عشقي بمبادرته بنفي زيارته إلى إسرائيل والتبراء منها ووصفها بالانتقام يثبت بأن لا شيء قد تغيير وأن العلاقات ما بين السعودية وإسرائيل هي علاقة قصيرة مؤقتة يمكن وصفها بعلاقة الضرورة، فمازالت المنابر في المساجد في السعودية ومصر والأردن تدعو على اليهود بالزوال والخراب والدمار وأن حاولت الحكومات أن تُظهر غير ذلك، ولكنها في نهاية المطاف تسمح به؛ إرضاء لشعوبها حتى لا تستخدم التيارات الدينية المتشددة تلك كنقطة انطلاق لمهاجمتها سواء كانت أنظمة جمهورية او ملكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24