الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الخصوصية الفلسطينية

سامي حسن

2006 / 2 / 11
القضية الفلسطينية


يلاحظ المتابع للساحة الفلسطينية أن اهتمام الفلسطينيين بقضايا الشأن العام للدول المضيفة التي يتواجدون فيها قد غلب عليه – مع وجود بعض الاستثناءات- صفة الحياد والحذر والتعامل معها كشأن ثانوي وخارجي؟! وإن انخراطهم في فترات تاريخية محددة في الأحزاب القومية والشيوعية والاسلامية كان دافعه الرئيسي حضور القضية الفلسطينية في برامج تلك الأحزاب ، فالفلسطينيون على ما أزعم أصبحوا بعثيين وقوميين عرب وناصريين و وقوميين سوريين وشيوعيين وإخوان مسلمين و....لأنهم فلسطينيون، وبقدر ما كانت تلك القوى تنشط على الأرض من أجل القضية الفلسطينية بقدر ما كانت تستقطب من الفلسطينيين، سيما في ظل غياب قوى سياسية فلسطينية واضحة المعالم قبل 1965 اي قبل تأسيس حركة فتح والجبهة الشعبية و....التي سرعان ما انخرط الفلسطينيون فيها. ولعل من الأسباب التي دفعت الفلسطيني إلى عدم الاهتمام بالشأن العام للدولة المضيفة هو اعتقاده أن وجوده فيها مؤقت والعودة إلى وطنه الذي هجر منه قريبة؟ ولكن يمكننا إضافة سبب آخر ربما يكون الأهم ألا وهو تكريس بعض القوى الفلسطينية للعقلية القطرية ؟ ولتفسير ذلك لا يمكن أن نقول إلا أن تسوية ما قد تمت بين هذه القوى والأنظمة الحاكمة في البلدان المضيفة، جوهرها أن لا يتدخل كل منهما بالآخر؟! وبالرغم من أن هذه التسوية قد تم خرقها في بعض الأحيان إلا أن النتيجة التي وصلنا إليها هي تكريس نمط من التفكير السياسي- لم ينج منه إلا القليلون- لدى الفلسطينيين في البلدان المضيفة يقوم على مبدأ عدم التدخل في الحياة السياسية للبلد المضيف بذريعة الخصوصية الفلسطينية التي تحولت إلى شماعة للممارسات الانتهازية؟ وهو مبدأ مرحب به كثيراً لدى أنظمة غيبت بالقمع مجتمعاتها عن السياسة بينما أراحت نفسها نسبياً من ذلك اتجاه الفلسطينيين تاركة لقواهم السياسية القيام بهذا الدور؟!
في نقاش أصحاب العقلية القطرية الفلسطينية المزركشة بمفهوم الخصوصية لا بد من التأكيد بداية وبداهة على أن من حق الفلسطيني أينما تواجد وكأي إنسان الاهتمام بكل ما يتعلق بحياته ومستقبله وفي جميع المجالات الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية والثقافية. ومثلما ان من حق أي عربي بل من واجبه العمل من أجل القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، فمن حق الفلسطيني بل من واجبه أيضاً – على الأقل من منطلق الندية والمساواة في الفعل الإيجابي- أن يقف إلى جانب الشعوب العربية والعمل معها من أجل قضاياها العادلة والانسانية.
لقد أدت العقلية القطرية – الفلسطينية وغير الفلسطينية- إلى تشويه طبيعة وأبعاد المشروع الصهيوني، وأدوات واستراتيجيات الصراع معه، وكرست واقع التجزئة للأرض والشعب في الوطن العربي. وربما يفسر غياب الرؤية – بقصد أم بغير قصد- لجدلية العلاقة بين مهمة التغيير الديموقراطي والتنمية الاقتصادية الاجتماعية في الوطن العربي ومهمة الصراع مع المشروع الصهيوني سبب عدم هزيمة هذا المشروع حتى الآن.
إن أي انتصار للشعوب العربية في معركتها من أجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية ومواجهة المخططات الامبريالية والقضاء على التخلف والفساد يعني تقوية المجتمع والدولة وبالتالي توفير الظروف الصحية لمشاركتها بشكل أفضل في الصراع مع المشروع الصهيوني، ولا يخفى على أحد أن من اسباب عدم انخراط الشعوب العربية بشكل فعال- لاسيما في العقود الثلاث الأخيرة- في الصراع هو حرمانها من ذلك بفعل أنظمة لا ديموقراطية، ضعيفة ومستسلمة، وبالتالي فإن مشاركة الفلسطينيين لها في معركتها ليس واجباً فحسب بل إنها مصلحة وطنية فلسطينية أيضاً ، وإن ما ينطبق على الفلسطينيين في البلدان العربية ينطبق على الفلسطينيين المتواجدين في أي بلد في هذا العالم. فإذا كان العالم قد أصبح كما يقال قرية كونية واحدة فعلى المضطهدين والمظلومين فيها والفلسطينيون جزء منهم أن يناضلوا سوياً من أجل عالم أفضل.
إن دعوة الفلسطينيين للانخراط والعمل في قضايا الشأن العام التي تهم غالبية المواطنين-بالتأكيد بعيداً عن القوى ذات المصالح الضيقة والصراعات المشوهة الاثنية منها والطائفية و.... - في البلدان التي يعيشون فيها لا تعني بأي حال إلغاء الخصوصية بما هي الحفاظ على الهوية الفلسطينية والدفاع عنها وتعزيز وتطوير أبعادها القومية والانسانية وجدل اختيار المواقع النضالية تبعاً للحظات التاريخية وأشكال ونوعية ومستويات الصراع.
إن دور القوى الفلسطينية المختلفة في إبراز الهوية الوطنية الفلسطينية والحفاظ عليها وفي قيادة الصراع مع المشروع الصهيوني وضمان استمرار الاشتباك معه سيزداد أهمية في الظروف الراهنة والقادمة ولا سيما في مواجهة المخاطر التي تتهدد حق العودة للاجئين ومحاولات طمس الهوية الفلسطينية في الشتات، والتصدي لمحاولات قوى دولية وعربية وفلسطينية تجزئة الشعب الواحد وقضيته الواحدة، التي كانت وستبقى قضية عودة اللاجئين و التخلص من الاحتلال الصهيوني الاستيطاني العنصريي وإقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية العلمانية على كامل الأرض الفلسطينية، ولكن شرط نجاح هذه القوى في أداء دورها يرتبط بمدى قدرتها على نقد ذاتها وتطوير برامجها باتجاه بناء صيغ تحالفية مع القوى المعبرة عن الشعوب ومصالحها ومشاركتها في معاركها، ومنها كما سبق وأشرنا بالنسبة لمنطقتنا العربية معركة الديموقراطية والعدالة الاجتماعية ومواجهة المخططات الامبريالية والقضاء على التخلف والفساد. وإذا لم تتمكن القوى الفلسطينية القائمة من تحقيق ذلك بسرعة وعلى المدى المنظور ، فإن الواقع والضرورة التاريخية والمصلحة الوطنية الفلسطينية ربما يدفع باتجاه تجاوزها وخلق قوى جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحت غطاءِ نيرانٍ كثيفةٍ من الجو والبر الجيش الإسرائيلي يدخل


.. عبد اللهيان: إيران عازمة على تعميق التفاهم بين دول المنطقة




.. ما الذي يُخطط له حسن نصر الله؟ ولماذا لم يعد الورقة الرابحة


.. تشكيل حكومي جديد في الكويت يعقب حل مجلس الأمة وتعليق عدد من




.. النجمان فابريغاس وهنري يقودان فريق كومو الإيطالي للصعود إلى