الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد العزيز مياج، أستاذ الحريات العامة بكلية الحقوق بالمحمدية، يتحدث عن حرية الاعتقاد، حركة البهائيين، -عبدة الشيطان-، العلمانية

مصطفى عنترة

2006 / 2 / 11
مقابلات و حوارات


هل يضمن الدستور المغربي حرية الاعتقاد والشعائر الدينية؟ وما حكم القانون عن هؤلاء الذين يخرجون عن الدين الرسمي ويعتنقون ديانة أخرى؟ وكيف يمكن تفسير قانونيا المتابعة التي لحقت ما سمي بـ" عبدة الشيطان" بالدار البيضاء؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها الأستاذ عبد العزيز ميـاج، أستاذ الحريات العامة بكلية الحقوق بالمحمدية بجامعة الحسن الثاني في الحوار التالي.

* هل تعتقدون أن الدستور المغربي ينص صراحة على حرية الاعتقاد؟
ينص الدستور على أن الإسلام هو دين المملكة المغربية، كما ينص الباب الخاص بالحريات على أن الدولة المغربية تضمن حرية المعتقدات لكن الحريات المنصوص عليها دستوريا هي حريات معلنة وليست حريات معترف بها، وهنا يكمن اللبس عند العموم. فالحريات المعلنة تحتاج إلى اعتراف بنص قانوني.

*كيف ذلك؟
إذا تصفحنا القانون الجنائي، نجده يتضمن ثلاثة فصول فقط. فصل واحد يهم الدين الإسلامي وفصلين يحميان الشعائر والديانات الأخرى، وهي فصول على بخلها تتضمن فكرة أساسية وأن حماية الديانات والمعتقدات ربطها المشرع بالنظام العام، ولعله خيرا فعل. فكل ما يندرج في إطار النظام العام يهم فقط الأماكن العمومية وليس الأماكن الخاصة، بمعنى آخر أن القانون يبيح لأي شخص أن يمارس الشعائر والديانات على اختلاف أنواعها في الأماكن الخاصة، لكنه ألزم الجميع باحترام النظام العام عندما تمارس في الشعائر في أماكن عامة.

*ماذا يعني المشرع بالأماكن العامة؟
إذا تصفحنا الترسانة القانونية المغربية منذ 1913 إلى اليوم، لا نجد إشارة واحدة تحدد معنى المكان العمومي باستثناء القانون المتعلق بمنع التدخين والذي حدد الأماكن العامة على سبيل المثال وليس الحصر، وهذا خلافا للقانون الفرنسي الذي أعطى تحديدا واضحا للمكان العام.
وباستنجادنا بالاجتهاد القضائي لسد هذا الفراغ التشريعي نصادف قرار المحكمة الفدرالية السويسرية التي وضعت تصنيفا للأماكن العمومية وحددتها في ثلاث :
ـ المكان العام للطبيعة
ـ المكان العام للصدفة
ـ المكان العام للتخصيص

*ما علاقة هذا التصنيف بحرية ممارسة الاعتقاد والشعائر الدينية؟
إن علاقة ممارسة الشعائر بالنظام العام ومن ثمة بالمكان العمومي الذي يعد أحد مكوناته لا تهم سوى المكان العام بالتخصيص، أي أن الشعائر الإسلامية لا يمكن أن تمارس في المساجد وهي مكان عام للتخصيص أي أنها خضعت لهذا الغرض، ونفس الشيء بالنسبة إلى الشعائر الدينية المسيحية أي الكنيسة وتلك المتعلقة بالشعائر اليهودية أي "البيعة" ( السيناكوك). ومن هنا نفهم لماذا ثارت ثائرة السلطات العمومية عندما جعلت جماعة إسلامية من الشواطئ المخصصة للاستجمام مكانا للصلاة كرد فعل ضد إقفال مخيم" أبو نعيم"، ذلك أن الشواطئ مخصصة للاستجمام فقط لأنها مكان عام للتخصيص وليس لغرض آخر. وهنا أورد مثال أخر إذا أخذنا امرأة تستجم في الشاطئ فلا يحق للقوات التي تباشر ردع المس بالأخلاق الحسنة أو بإخلال الحياء أن تعتقلها بتلك التهم لأن الشاطئ مكان عام مخصص لهذا الغرض، لكن إذا انتقلت بنفس اللباس إلى مكان عام مجاور يرتاده العموم قصد التسويق أو غير ذلك فإنها تعتقل تحت طائلة ذلك. ومن هنا نفهم، وعلى الجميع أن يفهم، أن ممارسة الشعائر الدينية هي حرة شريطة أن تمارس في الأماكن المخصصة لها، وهذا ما استقر عليه الاجتهاد القضائي وكذا الفقه في المغرب، لكن هذا لا يعفي المشرع من إصدار مجموعة من النصوص التشريعية وكذا المراسيم التطبيقية باستجلاء الغموض الذي يكتنف هذا الموضوع تفاديا لتداخل ممارسة الحريات في نفس المكان وقد تكون حريات متعارضة لممارسة الشعائر وممارسة الاستجمام.

*ماذا عن هؤلاء الذين يخرجون عن الدين الرسمي ويعتنقون ديانة أخرى مع العلم بأن تقارير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمغرب ما فتئت تشير في العقود الأخيرة إلى الاعتقالات التي كان يتعرض إليها مثل هؤلاء؟
عاش المغرب على مستوى التجربة مجموعة من الحالات تتعلق بأشخاص تمسحوا، لكنهم لم يخضعوا للإجراءات القانونية لأنهم غادروا التراب الوطني بممارسة العقيدة الجديدة في بلد آخر طبقا لإقليمية القوانين، لكن تستحضرني قضية البهائيين الذين توبعوا من طرف المحكمة الابتدائية بالناظور وشنت عليهم صحيفة حزب الاستقلال حملة قوية تطالب بإدانتهم، مما جعل الصحف الغربية آنذاك تتهم المرحوم عـلال الفاسي بـ "التركوماضا" وهو القائم على محاكم التفتيش السابقة في العصور الوسطى، لكن المسألة تم تسويقها سياسيا لأن عدم وضوح القوانين كان محرجا للسلطات المغربية وهنا أطرح سؤال: إذا كان تغيير العقيدة يبيح المتابعة تحت ذريعة أن الضوابط القائمة في المغرب بين المواطن والسلطة ليست روابط قانونية فقط، بل هي روابط دينية تجمع الرعايا بأمير المؤمنين بمقتضى عقد البيعة، فكيف تفسر أن اليهود المغاربة يرتبطون بالملك بنفس العقد؟

*وكيف فسرتم قانونيا المتابعة التي لحقت ما سمي بـ" عبدة الشيطان" بالدار البيضاء؟
لا أعرف بالضبط دوافع هذه المتابعة، لكن على حد علمي ممكن أن أفسرها بالمهزلة، فكيف استطاع القضاء في هذه النازلة أن يقوم بالوصف والتكييف في قضية تنعدم فيها النصوص القانونية وتهم شباب" أسكرتهم رياح الحرية والتأثيرات الإعلامية الخارجية بتداخلها مع المستوى المعيشي المرتفع؟ إذا بحثنا في التعليل الوارد في الأحكام الصادرة في حق هؤلاء الشباب سنكتشف لا محالة أن القضاء لم يكن لصيقا بالقانون بقدر ما كان سجين تعليمات لا أحد يمكن أن يحدد مصدرها. وكيف ما كان الحال تبقى قضية "عبدة الشيطان" وصمة عار على جبين القضاء المغربي، كما تحمل المسؤولية للمشرع لكي يتدخل ويسد الفراغ القانوني في اتجاه تمطيط الحريات.

*هل نفهم من جوابكم أن احترام حرية الاعتقاد ببلادنا تحيل على علمانية الدولة؟

لا يمكن أن نتحدث عن العلمانية بالمغرب بالمعنى الذي سطره قانون 1905 الفرنسي لأنه هناك فرق بين دولة تجعل الشأن الديني منفصلا عن الشأن السياسي كفرنسا وبين بلد يستمد فيه السياسي شرعيته من الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل