الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى الزعيم عبد الكريم قاسم

بدر الدين شنن

2006 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ليس يوم الثامن من شباط 1963 ، الذي جاء فيه حزب البعث بقطار امريكي _ كما صرح لاحقاً علي صالح السعدي - إلى السلطة ، هو يوم شؤم على الشعب العراقي فحسب ، بل هو يوم شؤم على الشعب السوري أيضاً . فلولا نجاح إنقلاب حزب البعث في هذا اليوم في العراق ، لما كان هناك يوم الثامن من آذار في نفس العام ، الذي قاد فيه حزب البعث السوري وحلفاؤه " المغدور بهم لاحقاً " إنقلاباً ناجحاً في سوريا . إذ منذ أن سيطر إنقلابيو 8 شباط على الحكم في بغداد بدأوا بتقديم كل الدعم للبعث السوري وحلفائه للقيام بانقلابهم المشؤوم في دمشق . وعندما انسحب العقيد زياد الحريري بقطعاته العسكرية من الجبهة مع إسرائيل ، وانقض على الإذاعة ورئاسة أركان الجيش في العاصمة السورية ، أعلن انقلابيو بغداد وقوفهم إلى جانب الإنقلاب السوري ، وأعلنوا على الملأ أن الطائرات الحربية العراقية جاهزة على مدارجها للقيام بضرب أي تحرك ضد الإنقلاب البعثي السوري . ومنذ 8 شباط العراقي و8 آذار السوري عام 1963 بدأت مرحلة ا ستبداد وانحدار وفساد في المشرق العربي لم تتوقف حتى الآن

وفي مشهد آخر ، لم يكن يوم 14 تموز 1958 عرس حرية في العراق فحسب ، بل كان عرس حرية لسوريا وللمشرق العربي كله ، يوم انقض الثوار العسكريون والمواطنون الشرفاء العراقيون بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم على الحكم الملكي الرجعي الموالي للإنكليز ، وأسقطوا نظاماً كان أحد رموزه " نوري السعيد " يقول بوقاحة : أنا صهيوني وافعلوا ماشئتم ، وأسقطوا معه " حلف بغداد " الذي كان يضم إلى جانب العراق كل من بريطانيا وتركيا وإيران وباكستان كأعضاء أساسيين والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائل أعضاء داعمين ، الذي كانت أهدافه أن يحقق السيطرة على منابع البترول وأن يضرب حركات التحرر الوطني في الشرق الأوسط، وأن يكون حلقة ربط وتكامل مابين حلف الأطلسي غرباً وحلف السياتو شرقاً ، لإحكام الحصار للمعسكر الاشتراكي والحيلولة دون توسعه إلى أقواس جيو - سياسية جديدة ، والذي انصبت جهوده التآمرية في تلك الفترة على سوريا لاسقاط النظام الوطني التحرري فيها ، وتمديد الضلع الغربي للحلف حتى البحر الأبيض المتوسط لتأمين نقل البترول العراقي عبر أراضيها وا ستخدامها في توسع الحلف نحو لبنان والأردن

ولهذا فإن الزعيم عبد الكريم قاسم باسقاطه النظام الملكي الرجعي العميل المتآمر على سوريا وا سقاط " حلف بغداد " الخطر الاستعماري الأكبر على حق شعوب الشرق الأوسط بتقرير مصيرها ، في 14 تموز 1958 ، قد حرر سوريا من خطر إلغاء كيانها الوطني ، وفتح أمام الشعب العراقي والشعوب المجاورة للعراق ، وخاصة سوريا ، آفاق تحررية وتقدمية بالغة الأهمية ، وأعطاها فرصة ا ستعادة الثقة بالنفس .. بالقدرة على مواجهة الإمبريالية وتحقيق التحرر والتقدم

في ضوء هذا الفعل الثوري الكبير تقاس القيمة التاريخية لشخصية الزعيم عبد الكريم قاسم

لم يستطع الزعيم قاسم أن ينجز في مجال التحرر أكثر من تفجير الثورة على الملكية والاستعمار وتحطيم " حلف بغداد
لم يستطع أن يقدم في مجال النهوض الاقتصادي أكثر من مبادرات ومحاولات لحل أزمات الفقراء المتعددة
لم يستطع أن يذهب في مسألة الديمقراطية أكثر من تحطيم القيود الهرية للشعب العراقي
لم يستطع أن يحقق أكثر وأبعد من ذلك وفق معايير اليوم ، ليس لأنه رجل عسكري تنقصه الخبرة والمعرفة ، فهذه مسائل إن لم توجد يمكن تعويضها بالخبراء والمستشارين ومشاركة المختصين .. ألخ .. وإنما لأن الأشقاء في الجمهورية العربية المتحدة وامتداداتهم في داخل العراق ، كانوا مستعجلين لإلحاق العراق بالمتحدة .. لم يفسحوا له المجال بالتآمر والتحريض ومحاولات الإنقلابات والمعارك الجانبية كي يتفرغ لبناء العراق . ولأن القوى السياسية " التقدمية " والقومية " اليسارية " كان خيارها التنازعات والتصفيات فيم بينها أحياناً وفي معظم الأحيان بينها وبينه

وقضى الزعيم شهيداً نظيف التاريخ واليد والرصيد
كم نفتقده عنما نجول بأبصارنا الآن في عالمنا العربي بحثاً عن زعيم .. عن قائد شجاع صادق .. فلا نرى غير زعماء محبطين متخاذلين فاشلين فاسدين
كم هو هائل الفارق بين 14 تموز 1958 وبين 8 شباط 1963 .. بين فجر الحرية الذي فتحه الزعيم الشهيد على مداه .. وبين ظلام الاستبداد والقهر الذي أغرق به انقلابيو 8 شباط العراق .. بين قائد دمر بالثورة السيطرة الاستعمارية على شعبه وبين " قائد " دمر بالديكتاتورية وطنه وا ستدعى ظلمه وفساده وجهله القوى الاستعماري لاحتلال بلده

وقضى الزعيم شهيداً حاملاً أوسمة رصعت دمه المسفوح ظلماً وغدراً
أنه الرجل الذي أطلق الطلقة الأولى في ثورة 14 تموز الخالدة
أنه كسر القيد الاستعماري في أعتى قلاعه " حلف بغداد
أنه فتح أمام المقهورين أبواب الأمل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا