الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البارزاني ينهي الحلم الكردي بالاستقلال الجزء الرابع/ الطريق المسدود

غدير رشيد

2017 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


(( في الأجزاء الثلاثة السابقة إستعرضنا مواقف القوى الكوردية وركزنا على مواقف البارتي لأنها كانت الأعلى صوتا....في هذا الجزء سنناقش الطريق المسدود الذي وصلته القضية الكوردية نتيجة مواقف البارتي والبارزاني .....))

16. لو راجعنا التاريخ ومواقف السيد مسعود بعد 2003 لوصلنا إلى تساؤل مهم وقد يكون غريب نوعا ما ،وأعني به هل إن البارزاني يسعى فعلا لدولة كوردية مستقلة وفي هذا الوقت، لذلك يصر على إجراء الإستفتاء؟
غرابة السؤال دفعت الكثيرين لعدم التفكير به،ولكن الوقائع والأحداث وردود الأفعال تجعلنا أمام إحتمالين هما أما أن يكون الرجل ساذجا لايفهم في السياسة أو إنه داهية يظهر غير ما يبطن.
سأناقش الإحتمال الثاني والذي قد يبدوا خياليا ولكنه غير مستبعد لأنه يصب في مصلحة البارزاني، فعندما يصر على إستفتاء مرفوض محليا وإقليميا ودوليا وهو يعرف ذلك ويصر عليه فلابد إنه يريد إظهار نفسه بمظهر المدافع الوحيد عن حقوق الكورد مقابل المترددين (الإتحاد الوطني) والرافضين (من التغيير والمستقلين) خاصة وإن الحلم الكوردي في الإستقلال هو حلما للغالبية العظمى من الكورد لأسباب تاريخية، كما قد يستفيد من الإصرار شخصيا خاصة وإن بغداد تعرف إنه الوحيد المصر عليه وبالتالي قد يحصل على إمتيازات (مالية وسياسية) له وحده إضافة لظهوره أمام المجتمع الدولي بمظهر المتفهم وكونه يملك كل مفاتيح كوردستان فيسحب البساط من تحت بقية الأحزاب وبالتالي فإن تأجيل الإستفتاء سيعود بالفائدة عليه وحده.
أي إنه يضرب مجموعة عصافير بحجر واحد.
نعود للإحتمال الأول المتمثل بإصرار واعي ومخطط له ومحسوب بدقة لأنه يمثل مصير أمة ،لكننا عندما نراجع المقدمات لا نصل إلى الإعتراف بهذا الوعي والتخطيط والحسابات لأن السيد مسعود يبني بيتا بالمقلوب ،إذ يبني السقف أولا ثم يعتقد إنه سيضع الأسس وهو بناء غير منطقي ستكون نتائجه وخيمة، والأدلة كثيرة ،لأن من لديه مشروعا كبيرا كالإستقلال كان عليه :
• بناء مجتمع كوردي متامسك والواقع يؤشر غير ذلك،إذ ينقسم الكورد إلى مجتمعين يختلفان سياسيا وإجتماعيا وثقافيا وهما مجتمع السليمانية ومجتمع أربيل حيث العداوة الواضحة بينهما والتي عززها الحزبين الكبيرين ضمانا لمصالحهما.ومن يعيش في المحافظتين يشعر بهذه العداوة والتباعد الذي يزداد يوما بعد يوم وإذا أضفنا له الصراع الخفي بين الثقافتين البادينية والسورانية لدرجة يفضل فيها أهل دهوك التكلم بالعربية بدلا من السورانية (لغة السلطة).
هذه الإنقسامات خطرة جدا لأنها مجتمعية... وتتحمل القيادات الكوردية مسؤولية إستمرارها وتفاقمها مما يجعلنا نتسائل بكل حرص على الكورد ومستقبل الدولة الكوردية الموعودة وهل إن القيادة الكوردية تعي ذلك أم تتجاهله وتنكر وجوده.
• بناء مؤسسات حكم ديمقرطية ورصينه خاصة بعد 2003 حيث إمتلك المال وحرية الحركة،ولكن من يتابع الحالة الكوردية لايجد إلا سلطتين لعائلتين،بل إن سلطة البارزاني تحكمها عائلة من الإخوان والأبناء وأبتاء الأخ وهم مهيمنين على رئاسة الإقليم والحكومة والجيش والأمن والمخابرات والاقتصاد.
ويتداول الكورد بسرية قصص النزاعات بين أولاد مسعود الخمسة وإبن عمهم وزوج أختهم نجيرفان والتي ستتفجر بعد رحيل مسعود وتقع كارثة كبرى،ولآ أعتقد إن الشعب الكوردي سيرهن مستقبله بعلاقات عائلية متأزمة...
كما إن المجتمع الدولي يراقب ما يحدث في كوردستان من هيمنة عشائرية بعيدة عن الديمقرطية وبالتالي لا يمكن لهذه الدول أن تدعم مثل هذا النظام.
وأستغرب عدم استفادة الكورد من علاقتهم المتميزة باسرائيل وتجريتها حيث نجحت اسرائيل لأنها وبالرغم من حروبها مع العرب ،نجحت في بناء دولة ديمقراطية لشعبها ولم تتحجج بالحروب لتنشئ نظاما ديكتاتوريا كما فعلت الدول العربية فكسبت إحترام العالم وتضامنه معها لحد الآن.
والأمر نفسه ينطبق على كوردستان وكيف تنظر له الدول....
كما إن السيد مسعود يطالب بالإستقلال مستندا الى شرعة حقوق الإنسان متناسيا إن لائحة حقوق الإنسان لا تشير فقط الى حق الشعوب في تقرير مصيرها بل حق الإنسان في العيش في ظل نظام ديمقراطي لم يستطع البارتي إقامته وبالتالي لا يمكن الطلب من الدول العون في إنشاء دولة عشائرية من أجل عيون البارزانيين.

17. تثبيت حدود كوردستان وهو الشيء المهم قبل المطالبة بدولة ،فلو كانت الحدود واضحة ومتفق عليها لسهل الأمر ولكن في ظل نزاع على الحدود وتمدد كوردي واضح وغير قانوني فإن إعلان الدولة سيسبب حربا مع الحكومة الإتحادية ،وهي حالة لا يريدها المجتمع الدولي حاليا بل ولا يريدها الشعب الكوردي، مما يعقد الحالة ويصعب من إمكانية التأييد الدولي للدولة الكوردية.
وأستغرب مرة أخرى من بعض المثقفين الكورد الذين بدلا من تقديم النصح للقيادة الكوردية تراهم ياتون بمثل إسكتلندا وكيف إنها أجرت إستفتاء لم ترفضه بريطانيا متجاهلين الفروقات الكثيرة بين الحالتين والتي أشرت إليها (حدود واضحة / دولة ديمقراطية / مجتمع متماسك).
بل إن المثقفين ( وخاصة الناطق بإسم رئاسة الإقليم كفاح محمود) يصرح بأن حدود كوردستان تمتد الى الكوت ونصف الموصل وكل كركوك وثلث صلاح الدين ويقول كل ذلك وهو يبتسم وكأنه يلعب ( تك كول)-اي يلعب بمفرده في الساحة - ولا وجود لعرب ولا تركمان ولا مسيحيين ولا جيش عراقي قوي ولا حشد عقائدي.
قد يقول بعض الكورد إن تأخير ترسيم الحدود تتحملة الحكومة الإتحادية فقط، وهذا قول مجافي للحقيقة لأن القيادات الكوردية أهملت الموضوع منشغلة بإمتازاتها ولأنها تمددت خارج حدود الإقليم مستغلة ضعف الحكومة فعقدت من تطبيق المادة 140 إذ يطالب العرب والتركمان بإعادة الوضع الى ماكان عليه قيل 2003 قبل تطبيق المادة 140 وهذا حقهم مما يؤخر تطبيقها ، وحتى لو قررت الحكومة المباشرة بتطبيقها غدا فإنها لن تصل الى حل بسبب تجاوزات الكورد.
لو كان السيد مسعود يفكر بدولة كوردية حقا لكان عليه التصرف بعقلانية فيما يخص الحدود وكما قلنا سابقا أن يضع اسسا تسهل الوصول الى السقف أي الأستقلال.

18. أكاد اجزم ان البارزاني وحزبه قد تفاجأوا بموقف تركيا واميركا والإتحاد الأوربي من الإستفتاء بعد أن باعو كردستان ونفطها لتركيا بثمن بخس.وبدلا من التحليل العلمي لتلك المواقف يلجأ البارتي الى الضحك على ذقون الكورد من خلال الإدعاء بوجود إتفاقات سرية بينه وبين هذه الدول وإن هذه الدول تؤيد الاستقلال ( وهذا ما أكده هوشيار زيباري) معتقدين ان قادة تركيا واميركا مثلهم لا يقيمون وزنا للشعب او للقوى السياسية محاولين تنويم الشعب الكوردستاني تنويما مغناطيسيا حتى وصل الحد الى ترديد الكثير من الكورد لمقولة (إن الريس يعرف ما يفعل ) والا لما استمر في اصراره، وهي نفس الحالة التي أوصل صدام العرب والعراقيين اليها عام 1991 حين ادعى انه يستطيع حرق نصف اسرائيل فصدقته الملايين بل وبعض القادة العرب ومنهم من قال ( لا بد ان الرجل لا يتكلم من فراغ)...وكانت النتيجة حرب كارثية ارجعت العراق الى عصور ماقبل الثورة الصناعية كما وعد (جيمس بيكر ) / طارق عزيز قبل حرب 1991 بايام.
أعتقد إن السيد مسعود صدق الكذبة التي كذبها على شعبه وهذه اخطر حالة يصل اليها انسان فما بالك بقائد مسؤول عن الملايين.
لا اعتقد ان السيد مسعود لا يعرف العداء التركي التاريخي للكورد وان الإستراتيجة التركية لا يبتكرها آردوغان بل يطور ما رسمه قادة كبار سابقين عليه بمئات السنين الذي وضعوا أسسا لا يمكنه تجاوزها واهم هذه الأسس الحفاظ على وحدة تركيا واهم وسائلها ليس وضع حرس حدود بل عبور الحدود لقمع كل من يحاول وضع بذرة قد يؤدي نموها الى تهديد وحدة تركيا حتى لو لم يكن الزارع يدرك ذلك فما بالك بمن يقصده.

ومهما حاول السيد مسعود التأكيد على (احترام الكورد للحدود القائمة) في غطرسة ساذجة لتطمين الأتراك إلا إن آردوغان يفهم الجغرافية السياسية جيدا ويعرف ان الدولة الكوردية في شمال العراق ستكون اول مسمار في نعش الوحدة التركية خاصة وانه يعرف تماما مايتناوله القادة الكورد في كواليسهم عن كرههم لتركيا وحلمهم بدولة كوردستان الكبرى بل هو – أي آردوغان- قارئ جيد للتاريخ ويتذكر تقلبات البارتي في علاقاته الداخلية والخارجية، بخلاف القادة الكورد المشغولين بجمع المال.

19. مرة اخرى لا اميل الى وصف البارازاني بالخيانة كما يفعل عدد من المثقفين العراقيين،ولا خلاف على إن الرجل يحلم صادقا وحقيقة بدولة كوردية وهو حلم مشروع لا غبار عليه،إلا انه لم يفهم ويستوعب دينامكيات الصراعات السياسية وغلبت عليه العشائرية وخاصة في ظل مستشارين وحلقة من المثقفين الإنتهازيين (يشابهون مستشاري صدام الذين كانوا أول من خانوه).

نعم أضاع السيد مسعود الفرصة عندما لم يدرك وهو في شبه إستقلال وفي نظام حكم بعيد جدا عن الفيدرالية وقريب جدا من الكونفدرالية ، لم يدرك بيد من تكمن مفاتيح اللعبة، وأعتقد إنها بيد المستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص إقتصادية متغافلا عن أهمية تركيا الموحدة وايران الموحدة للسياسة الامريكية التي ترتكز على منع روسيا من الوصول لمياه الخليج، ولم يدرك أهمية العراق الموحد للأميركان واصدقائهم الخليجيين في صد الاطماع الإيرانية التاريخية في الوصول الى البحر المتوسط، خاصة إذا كان البديل إقليما محصورا لا منفذ له على البحر ولا تاريخ له ولن يفيد الاستراتيجية الامريكية بشيء ...
ولم يدرك إن اميريكا لن تغير إستراتجيتها التي رسمها قادة تاريخيون منذ مئات السنين لأجل عيون مسعود و عائلته ....

لوكان مسعود ومستشاروه ( حيث يتباهى الكورد بأن لديه الكثير من المستشارين الامريكان والاسرائيلين )،لو كانوا واعين للسياسة الدولية لادركوا إن إستقلال كورتستان لن يحصل الا بموافقه الحكومة الاتحادية خاصة وإنها حكومة ديمقراطية بنظر الغرب، وهو عرف دولي معروف وملخصه العمل بوسائل ديمقرطية أما التبجح بما حصل ليوغسلافيا وكيف إن العالم ساند كوسوفو وغيرها للإستقلال وهو ما يردده من يسمون أنفسهم مثقفي كوردستان، فهو الجهل بعينه لأن تفكيك يوغسلافيا كان مطلبا دوليا حيث كان الغرب ينظر لنظام الحكم فيها على إنه نظاما ديكتاتوريا وبالتالي لاتتشابه الحاله مع كوردستان والعراق.

لقد أوقع السيد مسعود الكورد في مأزق خطير يهدد بضياع حلم الدولة الكوردية وقد تصل الحالة حد رفض الكورد أنفسهم لهذا الحلم كما أوصلنا عبد الناصر ( والفرق بينه وبين مسعود كبير جدا) عندما استعجل الوحدة العربية واراد تحقيقها باسمه فقط (وكان صادقا) فتخبط في مشاريع وحدوية كثيرة أوصلتنا نحن العرب الى الكفر بالوحدة العربية حتى أصبحنا 22 دولة.
نفس الخطأ يقع فيه البارزاني حين يصر على إستفتاء تقرير المصير دون أن يوفر الشروط الذاتية والموضوعية فصدم الشعب الكوردي من هذا الرفض المحلي والإقليمي والدولي لفكرة الإستفتاء (وليس الإستقلال) بخلاف ماكان يسمعه من البارتي.
وسيكون لهذه المواقف تأثرات سلبية على الوضع النفسي للشعب الكوردي المأزوم أصلا من حالته المعاشية وإستئثار العائلة بموارد الإقليم...

نعم أوصل السيد مسعود الكورد لطريق مسدود، ولو كانت الحكومة الإتحادية ذكية لأستغلت الظرف وأعادت الأمور إلى نصابها ، أي فيدرالية حقيقية وليس علاقة ابعد ماتكون عن الفيدرالية واقرب إلى الكونفدرالية وحيث الكورد يملكون كل كوردستان ونصف بغداد وحيث يتصرف السيد مسعود بكوردستان وكأنها ملكا صرفا وحيث للكورد وزراء ووكلاء وزارات ومدراء عاميين في وزارات خدمية لا علاقة لها بكوردستان(الإسكان / الصناعة / التجارة / العمل/......الخ ) وحيث الحكومة الفيدرالية لا تملك جيشا اتحاديا في الإقليم كما هو الحال في كل الفيدراليات، وحيث المنافذ الحدودية خارج سيطرة الحكومة الإتحادية وحيث يتصرف السيد مسعود بالبرلمان الكوردي دون تدخل من البرلمان الإتحادي وحيث يستقبل السيد مسعود كرئيس ويذهب لزيارته كل مسؤول يزور العراق...الخ
نعم لو وعت الحكومة الإتحادية اللحظة التاريخية لأدركت إنها تستطيع أن تعيد الأمور لنصابها وتعيد الوعي للسيد مسعود لأنها ساهمت في إيصاله لحالة التغول والغطرسة التي هو عليها والتي سيدفع الشعب الكوردي ثمنها وكذلك الشعب العربي في العراق.....

إصرار السيد مسعود على الإستفتاء سينهي حلم الكورد وحلمنا معهم بحق تقرير المصير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟