الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراقيون... مُقبلينَ ، أجانب ....مدبرين !

عارف معروف

2017 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



عراقيون... مُقبلينَ ، أجانب ....مدبرين !
--------------------------------------

أعادَ هروب محافظ البصره ، ماجد النصراوي ، إثر استدعاءه للتحقيق في ظل شبهات وتُهم فساد طالته ، مستفيدا من جواز سفره الاسترالي ، الى الاذهان ، قضايا سابقه مشابهه ، بهذا القدر او ذاك . منها هروب وزير التجاره الأسبق ، البريطاني الجنسيه ، فلاح السوداني ، بعد الحكم عليه من قبل محاكم عراقيه بتهم فساد في عقود وزارة التجارة وقبض عمولات ورشى بملايين الدولارات . وكذلك " تحرير وتهريب " وزير الكهرباء الأسبق ، ايهم السامرائي ، من سجنه ، من قبل قوّة عسكرية امريكية ، وعلى اساس كونه مواطنا امريكيا ، بسبب تهمة فساد كبرى قيل ان مبالغ الفساد فيها وصلت الى سبعة مليارات دولار ، في حينه. وقد سبق هؤلاء ، جميعا ، حازم الشعلان ، وزير الدفاع العراقي الاسبق ، الذي هرب الى " بلده " الثاني " او ربما " الاول " ، لا ندري ، بريطانيا ، تخلصا من المحاكمة بتهمة استحواذه على مبالغ عقود تسليح وتجهيز بمئات الملايين من الدولارات !
لقد تشبث ، هؤلاء ، وعشراتٌ غيرهم ، من الفاسدين والمرتشين والسراق وحتى الارهابيين والخونه، من شاغلي الدرجات والوظائف العامه الأقل اهمية ، مثل وكلاء الوزارات او المديرين العامين او غيرهم ، بما اتاحه لهم ازدواج الجنسيه من امكانات وقدرات على ممارسة نهب المال العام وخرق القوانين والأنظمه وقواعد السلوك الوظيفي بشكل صارخ ، وغير مسبوق ، مع ضمان النجاة من العقاب تحت عباءة جنسيتهم الاجنبيه وما توفره من حمايه او على الاقل طريق رجعه ، والاحتفاظ بالكسب غير المشروع الذي جنوه او استثماره في بلدان المهجر والعيش بقية العمر في بحبوحة اسطوريه ، على حساب شعب يعاني الامرّين من فسادهم واستهتارهم بحقوقه وأمواله .
نعم ، لقد هاجر وهُجّر مئات الوف العراقيين ، بل ملايينهم ، ابان حكم البعث وصدام ، بدواعي الخوف او الظلم او الاضطهاد او للنجاة بأرواحهم من اتون المحارق والحروب العبثيه ، مُكرهين لا راغبين ، وعانوا الأمرّين في بلاد الغربة والشتات ، وبسبب من ذلك ، ولضرورات عمليه وحياتيه تجنّس العديدون منهم بجنسيات بلدان المنفى والغربه . هذا واقع مفروض لا سبيل الى انكاره . لكنه يعني ، فيما يعنيه ،ان عوائل هؤلاء الذوات ، خصوصا من استقر منهم في بلدان المهجر لعقود من السنوات ، قد نشأت وتفتحت وتعلمت وعملت واندمجت مع تلك المجتمعات ، ونعرف من خلال امثله ملموسه ومعاشه من اقربائنا واصدقائنا ، ان عودة هذه العوائل وانسجامها مع الوضع العراقي ، وايضا بسبب الوضع العراقي نفسه وعدم استقراره وانطواءه على تهديدات ومخاطر جديّه ، بات صعبا جدا ان لم يكن مستحيلا ، وان العائد منهم هو اقرب الى الزائر لا المقيم او المستوطن . كما ان مما لا سبيل الى انكاره ان مصالح الانسان وارتباطاته وعلاقاته المعاشه ذات تاثير اساسي في حياته ، فمن يعيش مع عائلته في بريطانيا او السويد ، لعشرين او ثلاثين سنة او اكثر ، ترتبط معظم ضرورات حياته ومجرياتها وحاجات ابناءه وتفاعلهم بمجريات الواقع البريطاني او السويدي ، رغم حبه ومشاعره اتجاه وطنه الاول الذي يتراوح ، تبعا لكل حاله ، بين ذكرى عزيزه او تواصل عبر فاعليه عائليه او فكريه او ثقافيه او حتى سياسيه ، لكن امر عودته وتجذير حياته مرّة اخرى في وطنه ، يبقى موضع تساؤل جدّي ، خصوصا في ظل الوضع العراقي وماهو عليه منذ 2003 حتى اليوم ..
اذن ، فيمكن نتيجة ظروف العراق ومعاناة العراقيين التي استمرت عقودا ، وما نتج عن ذلك من تشردهم في اصقاع الارض وتجنسهم بجنسيات اخرى ، القبول بازدواج الجنسيه ، كأمر واقع ، كما نص على ذلك الدستور في الفقره الرابعه من الماده 18 ، بل والقبول بأن يحظى هؤلاء بكل ما يحظى به ابناء وطنهم من ميزات ، وان يُعوضوا عن سنين التشرد وما لحق بهم من ظلم وانتهاك ، فيستفيدون من القوانين التي عالجت هذه الحالات ، مثل قانون السجناء والمفصولين السياسيين ، وان يتمتعوا بالحقوق التقاعديه عن خدمتهم الوظيفية السابقه ،قبل تركهم العراق ، اواللاحقه ، بعد عودتهم اليه ، لكن امر تولي الوظائف العامه ، خصوصا السياديه وذات المساس بأمن البلد واستقرار المجتمع او تلك التي تتعلق بالمال العام ، يجب حظرها تماما على مزدوجي الجنسيه وقصرها على حاملي الجنسيه العراقيه حصرا ، بل وممن عاشوا في العراق لفترات معتبره حتى بعد ان يتخلون عن جنسياتهم الأجنبيه .

لقد اباح الدستور العراقي ، كما قدمتُ ، ازدواج الجنسيه ، لكنه طالب من يتقلد منصبا سياديا او امنيا رفيعا ، بالتخلي عن اية جنسية أخرى مكتسبة، غير ان الملاحظ انه لم يعزز ذلك باشتراطات اخرى ضروريه ، كأن يكون التخلي نهائيا، ومثبتا بالطرق القانونيه ، ويعتبر الرجوع عنه حنث باليمين يستدعى المساءله والعقاب القانوني.او ان تكون اسرة هذا الشخص الاساسية كالزوجة والاولاد او معظمهم او بعضهم قد فعلوا شيئا مماثلا ، كنوع من الضمانه وعلائم توفر النيّه على الاستقرار في العراق والارتباط به ، عمليا ومصيريا .
ان معظم دول العالم ، ومنها دول متقدمه ، ما تزال تحظر ازدواج الجنسية دون اذن حكومي . وبعضها تمنعه منعا باتا مثل الصين وتطلب الى من يتجنس بجنسية غير الصينية ان يتنازل عن او يترك جنسيته الوطنيه ، وفي فرنسا لا يمكنك ان تكون عضوا في البرلمان مع احتفاظك بجنسية اخرى حتى وان كانت اوروبيه . اما في الولايات المتحده ، الراعية والمروّجه لهذه التغييرات والقّيم ، في بلدنا والعالم ، فهي اذ تسمح بازدواج الجنسية فأنها لا تسمح ، مطلقا ، بازدواج الولاء ، وتطالب المتجنس ب" قَسَمْ الولاء "، للولايات المتحده ، بمعنى انه لو وقعت حربٌ بين الولايات المتحده الامريكيه ووطنه الام فعليه ان يحارب بلده الى جانب الجيش الامريكي ! وبالأ مس فقط ، الخميس المصادف 24/ 8 / 2017 قررت المحكمة العليا فى أستراليا ، دراسة ملف سبعة مسئولين فى الحكومة يحملون جنسية ثانية، إرجاء حكمها فى هذه القضية إلى العاشر من تشرين الاول( اكتوبر ) المقبل لجلسة يفترض أن تستمر ثلاثة أيام ، حيث يواجه سبعة برلمانيين ينتمون إلى عدد من الأحزاب بينهم ثلاثة مسئولين كبار فى الحكومة على الأقل ، مشكلة ، بسبب بند فى الدستور الاسترالي يحظر على مزدوجى الجنسية شغل مقعد فى البرلمان !
لقد كانت معظم قوانين العالم ودساتيره تحرّم او تنظر بشك كبير الى مسألة ازدواج الجنسيه ، لكن العقود الاخيره ، شهدت ، لاسباب تتعلق بطبيعة التغيرات في المناخات السياسيه ، العالميه ، تسامحا وقبولا متزايدا في مسألة ازدواج الجنسيه ، غير ان الحذر والتردد في مسألة تولي الوظائف العامه والرئيسه منها خصوصا ، من قبل مزدوجي الجنسيه ، بقي على حاله ، او انه لم يشهد قبولا وانفتاحا نظرا لتعلق الوظيفه العامه ، خصوصا في مستوياتها العليا بأمن ووجود ومصير المجتمع على نحو حاسم .
لكننا نجد ، في العراق ، ان رئيس الجمهوريه السيد فؤاد معصوم وكذلك رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي ووزير الخارجيه ، ابراهيم الجعفري من حملة الجنسيه البريطانيه ، ويمكن تعداد العديد من اسماء آخرين من الفاعلين الاكبر في الدوله العراقيه ، اليوم ، ممن يحملون جنسيات اخرى ، ايضا . وقد سبق ان كان وزراء ماليه وداخليه ودفاع وتجاره وثقافه وعلوم وتكنولوجيا وتعليم عالي وتربيه ومعظم الوزارات الاخرى وكذلك نواب برلمان ، ومديرين عامين ، وضباط في القوات المسلحه ،من مزدوجي الجنسيه، وقد حملوا جنسيات امريكية او بريطانيه او اوروبيه او ايرانيه او سعوديه او قطريه او غيرها .
ان هذا الواقع لا يطرح شكوكا بالنسبة للولاء والتماسك فقط بل ولصحة وشرعية ومنطقية شغل الوظيفه او الموقع حتى لاسباب عقلانيه وعمليه . ويمكننا ان نضرب مثلا، بما يفترضه المنطق والحس السليم ، في ما يجب ان يكون عليه النائب في البرلمان ، مثلا . فمرشح لتمثيل ميسان او بغداد او احد مناطقها كمنطقة الشعله ، على سبيل المثال ، يجب ان يكون من ميسان او بغداد ، او منطقة الشعله ، تحديدا ، لأن المعرفه بالمنطقه واحتياجاتها عبر المعايشه ، هو الذي يفترض في تمثيلها ، رغم الطابع اوالوجب الوطني للتمثيل البرلماني ، فاذا كان الامر كذلك ، هل يمكن القبول بان تُمثل الشعلة او الكاظمية او تكريت ، بمن عاش السنوات العشرين الاخيره من عمره وعائلته في الدنمارك مثلا ، ناهيك عن تجنسه بجنسيتها !
ان احد ابواب الفساد الكبرى والتجاوز على المال العام ، مع ضمان الافلات من العقاب القانوني ، بل ان احد ابواب التخريب الكبرى ، ضد مصالح الامن والمجتمع والاجيال العراقيه المستقبليه ، والتي ينبغي ان توصدّ نهائيا ، هو القبول بواقع واستمرار شغل المناصب الحساسه والسياديه ، ومنها ما يتعلق بالاداره العليا او الامن او القوات المسلحه او الماليه العامه من قبل مزدوجي الجنسيه ، دون النص على الزام من يشغل مثل هذه الوظائف ، بل ومن يترشح لعضوية المجلس النيابي او حتى مجالس المحافظات ، بالتخلي كليا ونهائيا وبصوره يمكن اثباتها قانونا عن جنسيته الاجنبيه هو واسرته قبل او حال توليه الوظيفه العامه . كما يقتضي المنطق السليم ان يكون قد عاش في العراق ، هو واسرته ، قبل ذلك عدد من السنوات تكفي لأن يلمس معاناة العراقيين وان يستشعر حاجاتهم ويرتبط مستقبل ابناءه بمستقبل ابناءهم .
لقد اقبل بعض هؤلاء ، على العراق ، مؤكدين على عراقيتهم وارتباطهم الصميم به وبوجوده ومستقبله ، متألمين على سنواتهم وطاقاتهم التي ضاعت في بلدان الغربه ، مؤكدين على تفانيهم ، في قادم الايام من اجل بناءه وخدمته ، " مستفيدين مما عرفوه ولقوه من خبرات وعاشوه من تجارب في بلدان متقدمه " ، لكنهم ما ان استغلوا المناصب التي استحوذوا عليها او اشتروها او جُعلت من نصيبهم من خلال عجلة المحاصصه الشيطانيه اوالارتباط بصانع الملوك الاجنبي ، فنهبوا ما نهبوا واختلسوا او اغترفوا من المال العام ما اغترفوا فاصبحوا، بعد تماديهم وانكشافهم ، هدفا للتحقيق او موضوعا للمحاكمه حتى عادوا يتشبثون بكل قوّة بجنسيتهم الاجنبيه بل وربما توسلوا بقواتها المحتله لانقاذهم ، بما نهبوا ، من القانون العراقي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال