الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكاليات العِرق والتمييز العنصري في الولايات المتحدة نحو فهم مادي وطبقي (الجزء الثاني)

مسعد عربيد

2017 / 8 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الجذور الطبقية للعبودية والعُنصرية في أميركا
إضاءات تاريخية


جذور العبودية: عُنْصرية أم مصالح طبقية؟

لم تكن التراتبية الطبقية ظاهرة دخيلة على المستوطنين الأوروبيين كما أنها لم تكن حصيلة التعدد الإثني أو العِرقي الذي تكوّن خلال نشوء المجتمع الاستيطاني الجديد من الهنود الأصلانيين والسود الأفارقة إضافة إلى الأوربيين البيض، إذ إنَّ المستوطنين الإنكليز الأوائل استحضروا من بلادهم الأصلية بنية اجتماعية تقوم على التراتبية الطبقية والاجتماعية وتنزع نحو التميز بين الناس. ففي حين انحدرت القلة منهم من أصول أرستقراطية ومن "الطبقة الإنكليزية الوسطى"، فإنَّ أغلبية المستوطنين الإنكليز كانت من الفقراء الذين ارتحلوا إلى الشواطئ الأميريكية سعياً وراء الاستقلال والعمل الحر يخامرهم الحلم بأن يصبحوا يوماً ملاّكي أراضٍ يستخدمون الآخرين للعمل مما يتيح لهم فرص الإثراء في ذلك البلد "النامي". وهكذا سارعوا لسن القوانين التي تبيح اقتناء الأراضي والمتاجرة بها، مما وفر لهم أرباحاً طائلة نظراً لوفرة الأراضي الشاسعة وما تدره من خيرات ومنتوجات (وخصوصا زراعة التبغ التي كانت رائجة في تلك الآونة).
أصبح ملاّكو الأراضي نخبةً تهيمن على السلطة الحاكمة ("الجمعية العمومية") والقرار السياسي فأخذوا يسنون القوانين لخدمة مصالحهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية وتعزيز مواقعهم الطبقية. وقد هدفت هذه القوانين بمجملها إلى إطالة سنوات الشغل والخدمة للعمال البيض الذين كانوا يهربون طلباً للحرية، مما عاد على هذه النخبة الثرية بمنافع مضاعفة، وقد حققوا بفضل ذلك غايتين أساسيتين:
1) تقليص المزاحمة على امتلاك الأراضي (حيث يظل العمال البيض طيلة فترة العمل التقاعدي أو "الخدمة" محرومين من حق امتلاك الأراضي).
2) زيادة عدد العمال وإطالة سنوات العمالة البيضاء إلى الحد الأقصى مما وفر لهم العمالة المستديمة وبكلفة أقل.
أصبح البيض الأحرار، نتيجة لهذه المستجدات، أقل قدرة على اقتناء الأرض وتحقيق أحلامهم التي هاجروا من أجلها، مما ولد أوضاعاً اجتماعية واقتصادية متوترة ومتفجرة. ومع مضي الوقت وتعاظم القلاقل الاجتماعية واحتمالات تمرد البيض، أخذ أصحاب الأراضي البيض يتحولون تدريجياً إلى تشغيل العبيد الأفارقة مما أدى إلى ارتفاع عدد العبيد الأفارقة بشكل متسارع وخلق الظرف الموضوعي لشرعنة عبودية السود فعلياً وقانونياً.
أدركت نخبة ملاّكي الأراضي الحاجة إلى التقليل من نفوذ وحضور البروليتاريا البيضاء والتي كانت وفيرة العدد والعدة. ولهذا استخدموا العبيد السود في "إدارة" الصراع الطبقي والتخفيف من حدته داخل المجتمع الأبيض. إلاّ أنَّ هذا بالطبع لم يحل دون استفراد هذه النخبة بالعبيد السود واستغلالهم كطبقة عاملة مجردة من السلاح والقوة.

الاستغلال الطبقي سَبَق التمييز العُنصري
(ولاية فرجينا نموذجاً)

سوف نسوق ولاية فرجينا وأهم التطورات الاجتماعية والطبقية التي حصلت في تلك الولاية كمثال على تلك الحقبة ووقائعها وأهميتها في التأسيس لتجذير العبودية في تلك الولاية وفي الولايات الأميركية الأخرى في السنوات اللاحقة وهو ما سيكون له نتائج وتداعيات دائمة الأثر على مستقبل المجتمع الأميركي إذ إنَّها أسست للصورة السلبية للسود والتي سبقت مأسسة عبوديتهم، وما لحق ذلك من تداخلات اقتصادية واجتماعية بدأت في ولاية فرجينيا ثم عمّت كافة الولايات الأميركية فيما بعد.
لقد خضع الجيل الأول من العبيد الأفارقة لنفس القواعد التي حكمت أنشطة البيض. ولكن سرعان ما انقلبت أوضاع السود الأفارقة وموقعهم الاجتماعي والطريقة القمعية التي عاملهم بها الأبيض بعد مرور الجيل الأول منهم. فقد نصّ القانون في ولاية فرجينيا عام 1642، على سبيل المثال، على تحريم ومعاقبة كل من آوى العبيد الهاربين أو ساعدهم على ذلك. وبعد عشرين عاماً تغير القانون في تلك الولاية لينص على أنَّ كل مولود لامرأة سوداء يتبع "الوضع القانوني" لأمه أي أنَّ هذا المولود يصبح عبداً أيضا مدى حياته/ حياتها. فقد بلغت التناقضات الاجتماعية والطبقية في ولاية فرجينا، على سبيل المثال، ذروتها عام 1676 إذ تفاقمت الأوضاع الاجتماعية واتسعت الفوارق وأدت إلى صراعات طبقية واجتماعية كان من نتيجتها زيادة استخدام العبيد السود والتقليل من عدد العمال البيض.
بلغ تعداد العبيد الأفارقة 20% من عدد السكان الإجمالي لولاية فرجينيا عام 1674، ثم ارتفع عام 1694 إلى 40%، وهو ما دفع ملاّكي الأراضي، حفاظاً على مصالحهم الطبقية، إلى تفضيل تشغيل العبيد السود على العمال البيض.
خلاصة القول، إنَّ نخبة ملاّكي الأراضي أخذت، منذ ذلك الحين، باتباع السياسات التي تحقق مصالحها وسن القوانين التي تحميها وتضمن إدامتها. وقد قامت هذه السياسات على الركائز الأساسية التالية:
1) استغلال العبيد والعمل العبودي لأنه أقل كلفة مما يزيد من أرباح ملاّكي الأراضي ويحقق إنتاجية أفضل.
وتجدر الملاحظة هنا أنَّ استعباد العبيد الأفارقة وتشغيلهم لم يكن في كل الاحوال عن طريق شرائهم واقتنائهم (المتاجرة بالرق)، بل كثيراً ما كان يتم عبر تبادل الأسرى من الهنود الأميركيين (رجالأً ونساءً وأطفالاً) مقابل العبيد الأفارقة في "حروبهم العادلة" مع الهنود الأصلانيين. وتقول التقديرات التي تستند إلى وثائق تلك الحقبة أنَّ كلفة عشرين عبداً كانت أقل من كلفة عامل إنكليزي واحد. فالبيض إذن لم يكونوا قادرين على تحقيق الأرباح الطائلة دون تشغيل العبيد.
لفت نظري خلال مطالعتي لبعض وثائق ومراسلات تلك الحقبة استعمال مصطح "الحرب العادلة" مع كتابة العادلة بالحرف الكبير JUST War والمقصود بالطبع هو الحروب التي شنها الأبيض ضد السكان الأصلانيين للاستيلاء على أراضيهم وإبادتهم. وتملكني انطباع بأن ربما يكون هو الأصل في استخدام المصطلح في كل الحروب الأميركية الإمبريالية التي لم تتوقف حتى يومنا هذا وإن اختلفت ساحاتها وتكييف المصطلح ليخدم أهداف الحروب الراهنة ومراعاة الخطاب السائد اليوم الذي تروّجه الإمبريالية الأميركية: حماية المدنيين وحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية... الخ.
2) تأديب العمال البيض وإجهاض تمردهم وإخضاع أولئك البيض الذين لا يملكون الأراضي إلى خدمة مصالح نخبة ملاّكي الأراضي.
3) توسيع الفجوة وتعميق الانقسام والفرقة بين العمال البيض والسود بالإضافة إلى إثارة الخلافات والنزاعات بينهم. وأسوق فيما يلي بعض الأمثلة للتدليل على زرع إسفين الفرقة وتسعير التناحر بين العمال البيض والسود:
□ إعفاء العمال البيض من العقوبات والغرامات التي فرضت عليهم جرّاء أعمال التمرد مقابل تشديد العقوبات والإصرار على فرضها على العمال السود وعدم التسامح معهم.
□ معاقبة المرأة البيضاء بدفع غرامة 15 جنيهاً إذا ما أنجبت طفلا من رجل أسود (ما يطلق عليهم اسم المُوَلدين mulatoes ) واعتبار الطفل عبداً أسودَ إلى أنْ يبلغ سن الثلاثين عاماً.
□ أما هؤلاء المُوَلدون فكانوا يخضعون لكافة القوانين التي يخضع لها السود. ولم يكن الهدف من ذلك التأكيد على أنهم عبيد وحسب، وإنما لتبرير معاملتهم كسود على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية وإمعاناً في استغلالهم طبقياً وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية والسياسية. فعلى سبيل المثال، كان السود في تلك الحقبة محرومين من حق الانتخاب والترشيح للمناصب السياسية والحكومية.
□ تمتع الأبيض بالحصانة القانونية إذا ما اعتدى على الأسود أو أساء معاملته تحت غطاء مساندة الأبيض "كمسيحي" ضد غيره.

هل كانت العبودية ضرورة رأسمالية؟

إذا كانت غاية رأس المال هي الربح مما يتطلب الحفاظ على انخفاض الكلفة وتدني الأجور، فهل كانت العبودية ضرورة أساسية لضمان الربح الرأسمالي؟
ويتبع هذا سؤال افتراضي آخر: لماذا لا نفترض أنه كان بإمكان الرأسمالي الأميركي بدل استعباد السود الأفارقة أنْ يُبقي عليهم عمالاً يدفع لهم أبخس الأجور، ويفرض عليهم أقسى ظروف العمل وساعاته الطويلة ويستغلهم أبشع استغلال؟ وقد كان ذلك ممكنا في سياق تلك المرحلة من بناء المستوطنة الأوروبية البيضاء في القرن السابع عشر. فلماذا، إذن تم تحويل الزنوج الأفارقة إلى عبيد بدل أنْ يظلوا عمالاً مأجورين؟ بعبارة أخرى، لماذا تم إختزالهم إلى مجرد "ملكية" يعملون دون أجر طيلة حياتهم؟
الإجابة على هذه الأسئلة تسلط بعض الأضواء على الأوضاع الطبقية التي سادت إبّان تلك المرحلة من تطور المجتمع الأميركي.
شكّل العمال البيض (الذين جاؤوا إلى أميركا كعمال مأجورين) خلال القرن السابع عشر قرابة 75% من المستوطنين. وقد وصلت غالبتيهم، من رجال ونساء، من إنكلترا وكذلك من ألمانيا وإيرلندا. وكان أغلبهم من المنبوذين والمهمشين في تلك المجتمعات من لصوص ومومسات ومجرمين وغيرهم ممن كانوا يعتبرون "فائضاً بشرياً" في إنكلترا آنذاك. وقد عانى هؤلاء العمال البيض، قبل استحضار العبيد الأفارقة، أقسى أصناف الاستغلال الطبقي. وحتى بعد وصول الزنوج الأفارقة استمر العمال البيض والسود (قبل أنْ يصبحوا عبيداً وملكيةً لرب العمل) في المعاناة من الاستغلال وسوء المعاملة. ومع مرور الزمن وبعد شرعنة العبودية، كما أسلفنا، أخذ أرباب العمل يفضلون العمال البيض على السود ويميزون ضد هؤلاء السود ويسيؤون معاملتهم ويخضعونهم لظروف حياة وعمل قاسية لأنهم أصبحوا "ملكية خاصة" لأسيادهم. كان العامل الأبيض على سبيل المثال، يخدم رب العمل فترة 30 عاما، أما العبد الأسود فكان يعمل إلى "الأبد"، طيلة حياته.
لعل ما حصل في ولاية فرجينيا آنذاك يمثل نموذجاً انتشر بعد ذلك إلى الولايات الأخرى (ماريلاند وكارولينا الشمالية والجنوبية وغيرها). فقد شهدت ولاية فرجينا ازدياداً مضطرداً في تعداد السود الأفارقة وتحويلهم إلى عبيد حتى أضحى 70% من السود في تلك الولاية عبيداً في منتصف القرن السابع عشر. وفي عام 1661 سنّت الجمعية العمومية قانوناً ينص على أنَّ العبودية "قانونية" وشرعية. بعد ثمانية اعوام من هذا القانون أصبح العبد الأسود يعرف بأنه "ملكية وجزء من ملكية السيد" ويعمل في خدمته طيلة حياته، فعلياً وقانونياً.
لهذه الأسباب مجتمعة تم سن القوانين التي تشرعن وتمأسس لعبودية السود الأفارقة إذ اتضح أنها المصدر الأقل كلفة والأطول عمراً للعمالة إضافة إلى أنَّ العامل الأسود كان أكثر وفرة وقابلية للاستغلال.

في أميركا: العُنصرية سَبَقت تكوين الهوية

تتميز الولايات المتحدة من حيث نشأتها كدولة وتطورها كمجتمع عن أغلبية المجتمعات البشرية بأنَّ التمييز العُنصري فيها قد سَبَق تكوين الهوية القومية. وفي هذه الفرادة ذاتها، فإنها تتشابه مع الكيانات الاستيطانية الأخرى مثل كندا وأستراليا ونيوزيلاندا والكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة. وتكمن أهميه هذه الفرادة في أنها تُشكل الصعوبة الكبرى في اجتثات العُنصرية في الوعي الأميركي وفي تكوين الولايات المتحدة كشعب. ففي البدء وقبل الثورة الأميركية بعقود طويلة تمت إبادة الهنود الأصلانيين واستحضار الرقيق من أفريقيا، وهكذا تم إقصاء كليهما عن العقد الاجتماعي الذي نظم علاقة الفرد بالدولة من خلال أنظمة الحقوق والمسؤوليات. وعليه، يمكننا القول إنه هكذا وقبل نشوء الدولة الأميركية تم تحديد معالم العلاقات الاجتماعية والعِرقية بين المكونات الثلاثة: المستوطنين الأوربيين البيض من جهة، والهنود الأميركيين أصحاب الأرض الأصليين والطبيعيين من جهة أخرى، والعبيد الأفارقة الذين تم استحضارهم إلى القارة الأميركية الشمالية من جهة ثالثة.
تعامل الأوروبي الأبيض مع هاتين المجموعتين العِرقيتين على نحو مختلف ومتمايز ولكن في كل الأحوال على أساس مصالحه وبتناغم كامل معها:
أ) ففي حالة الهنود الأصلانيين هيمنت آليتان رئيستان في التعامل معهم: اغتصاب الأرض والإبادة الجسدية والعِرقية والثقافية. وقد اتخذت هذه العلاقة لاحقاً أشكالاً من الاستغلال الاقتصادي في صيد الثيران وتجارة الفرو التي ازدهرت ودرّت على البيض أرباحاً هائلة.
ب) أما في حالة العبيد الأفارقة فقد اتسمت العلاقة منذ بدايتها بتجارة الرق المربحة: ملكية العبيد من أجل المتاجرة بهم كسلعة وكذلك من أجل استغلالهم في العمل العبودي slave labour في المزارع الكبيرة.
وعلى الرغم من هذه الفوراق في التعامل مع هذين العِرقين إلاّ أنه، بالمحصلة النهائية، تم إقصاء كليهما عن العقد الاجتماعي الذي نظم علاقة الفرد بالدولة من خلال الحقوق والمسؤوليات. وقد نتج عن هذه الحالة تشكيلة عِرقية أميركية فريدة من نوعها اتسمت بخطاب ديناميكي مُعَرقن وتراتبية عِرقية قامت على مسلكية مهيمنة وأخرى خاضعة شملت كافة ميادين الحياة الخاصة والعامة. كما قامت هناك مؤسسات سياسية وأنماط إنتاجية واقتصادية على أساس الملكية الخاصة عبّرت عن المصالح الطبقية والاجتماعية للأبيض المهيمن. وقد شكّلت هذه المكونات البذور الأولى للحياة الأميركية التي تطورت لاحقاً وعلى الأساس ذاته: الإبقاء على التراتبية العِرقية التي تحافظ على امتيازات الأبيض وخدمة مصالحه (الاجتماعية والاقتصادية والطبقية) وضمان احتكاره للسلطة وتأبيد تفوقه وهيمنته.
يتضح من هذا العرض، أنَّ العُنصرية البنيوية كواقع قائم عبر مؤسسات وأنماط إنتاج وعلاقات اجتماعية، وما خلفته من تمييز واضطهاد سبقت تاريخياً العوامل الأخرى الاجتماعية والطبقية وحتى القومية (مثل الحس الوطني)، وأثرت إلى حد أكبر في تحديد قواعد مشاركة الفرد والجماعة ورسم مجال وقدرة فعل الأفراد والجماعات ودورهم في المجتمع.
قد لا يسمح المقام هنا بالإسهاب، ولكن لنأخذ مثالاً توضيحياً للتبسيط، ونسوق مسألة "المواطنة" citizenship للتدليل على ما نقول. لقد تم تعريف "المواطنة" في المجتمع الأميركي (وفي سياق تطوره) على نحو قوامه تحديد إذا ما كان المرء ينتمي إلى مجموعة "المُعَرقن الآخر" أم لا. لذلك أصبح "البَياض"، بَياض البَشرة، البوابة المشرّعة لموجات الهجرة المتلاحقة للأوروبيين البيض ومنحهم فرص المشاركة في المجتمع المدني والسياسي في أميركا.

ثمن الوحشية العُنصرية ـ الرأسمالية

لا شك أنَّ المحللين والأنتربولوجيين يدركون أنَّ العِرق في أميركا لم يكن مفهوماً بيولوجياً فحسب، فقد خلّف نتائج إنسانية كارثية ومدمرة بكل ما في الكلمة من معنى:
المرض والموت والأوضاع الصحية المتردية والأوضاع المعيشية المزرية. فقد تركت التجربة الوحشية والبربرية ـ تجربة استحضار العبيد وتجارة الرق على السود الأميركيين والتي دامت قرونا طويلة ـ آثاراَ عميقة وبعيدة المدى على السود الأميركيين شملت كافة أبعاد حياتهم الاجتماعية والإنسانية:
ـ فقد كان يتم بيع العبيد وتفريقهم عن أسرهم وأحبائهم وذويهم دون اي اعتبار.
ـ وكذلك كان يجري تمزيق الأسرة حسب متطلبات وظروف العمل في المزارع أو بيع وشراء العبيد، وتدمير بنيتها بشكل روتيني وعادي دون أية اعتبارات إنسانية.
ـ تمزيق أسر العبيد بعد وفاة "المالك" الأبيض أو إفلاسه أو حالات الطلاق بحيث يجري بيع أفراد الأسرة السوداء إلى عدة أطراف مختلفة مما أدى إلى تمزيق أواصر الأسرة الواحدة.
ـ هذا بالإضافة إلى الأوضاع الحياتية والصحية المشينة التي كان يعيش العبيد السود في ظلها. ففي أواخر القرن التاسع عشر، بلغ معدل عمر الذكر الأسود ما بين 30-32 عاما وعمر الأنثى السوداء 34 عاماً، في حين بلغ معدل عمر الأبيض (الذكر والأنثى) حوالي 50 سنة أو أكثر.
ــ قدر الباحثون والمؤرخون في كلية الصحة العامة لجامعة هارفرد الأميركية بناء على الإحصائيات والمعلومات المتوفرة، أنّه تم اقتناء واستحضار ( 40 -100) مليون أفريقي من القارة الأفريقية وأنَّ ما يقارب (15-25) مليوناً منهم قد وصلوا أحياءً إلى شواطئ الأميركيتين والكاريبي، أما الملايين الأخرى فقد ماتت على متن السفن المبحرة عبر المحيط الأطلسي بسبب الأمراض وسوء التغذية التي تفشت بينهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال