الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذي يقسّم البلاد ؟

مهند البراك

2017 / 8 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تغيّرت منطقتنا منذ : سقوط الدكتاتورية، الإحتلال الأميركي للعراق و توالي الهيجانات الجماهيرية في المنطقة ضد دكتاتوريات كانت قائمة بشكل اصمّ، في (الربيع العربي) حين هتفت الجماهير لـ " الخبز و الحرية و العدالة الإجتماعية " و هتفت لقبول الآخر و لإنهاء العنف، فيما بدأت اقطاب و موازين المنطقة تتغيّر . .
نعم، سقطت دكتاتوريات . . الاّ ان الاوضاع التي كانت تئن منها الأوساط الكادحة الغفيرة استمرت و تفاقمت في المنطقة اثر تناقلها في دولها، و استمر العنف و ازداد بشكل هائل و اخذ يظهر بأشكال اكثر خطورة من السابق، في كيانات تسعى لتشكيل دول جديدة تحت راية الفتن الدينية و الطائفية التي تستفز فتناً مقابلة، كانت في عداد ماضٍ قاسٍ لم يترحّم عليه أحد . . في عالم يشهد تغيّرات و اختراعات مذهلة تتواصل بلا توقف.
سقطت الدكتاتورية في بلادنا و بدأت الجماهير و قواها التي ناضلت لإسقاط الدكتاتورية تتطلّع الى حكم مؤسسات دستورية، و كما لُوّح لها و أُشبعت بالوعود اثر اسقاطها الفعلي بحرب خارجية، الاّ ان البناء الخاطئ الجديد الذي أُقيم على اساس المحاصصة الطائفية و العرقية، ادىّ الى تبني من صُعّدوا الى دست الحكم للطائفية(*) على اساس المحاصصة التي سادت كتلها و استقوت عناصرها باساليب و اجراءات لادستورية و بالتلاعب على القواعد المعلنة، بدعم اقليمي و دولي متناقض لاينقطع و باساليب لاترحم من قبل القوات الطائفية بحق معارضيها و بحق المنتمين لغيرها في منطقتها . .
الأمر الذي تسبب بأحداث دامية كبرى في سبايكر ثم سقوط الموصل و اعلان دولة خلافة مزعومة، ركبت الفوضى و المعاناة من الحكم الطائفي الذي آذى سكّان المناطق الغربية و العربية الشمالية بداية للسلوك اللاعقلاني للحكومة القائمة حينها في حل الخلافات . . و ان حذّر و نبّه قسم من دور دوائر اميركية اساءت التصرف و التقدير، تشير اعداد هائلة الى التغلغل اللامعقول للنفوذ الإيراني المنتشر بإسم الطائفة و براية مرجعية ولاية الفقيه، بعد تزايد التطرف لحكم الفقيه قياسا بالعقود السابقة . . حين تعايشت و تفاعلت الدوائر الإيرانية مع الدولة السورية العلمانية و الدولة اللبنانية الدستورية.
و فيما واجهت البلاد موجات الإرهاب و انواع التعقيدات و المخاطر بمسؤولين لم يثبتوا كفائتهم و قدراتهم و تسببوا باخطائهم و فساد غالبيتهم، و اهمال و عدم تطبيق الفقرات الأساسية للدستور ـ الذي صوّت عليه الشعب ـ من قبل الحكومة و البرلمان . . تسببوا بتمزّق البلاد و بضياع قدرات ابنائها و ثرواتها و دورها في المنطقة.
و رغم اعتراضات المرجعية العليا للسيد السيستاني و مطالبات قادة لكتل متنفذة بينها الكتلة الكردستانية، بالعودة الى الدستور و الإلتزام به، الاّ ان النهج الحاكم الذي بدأ به و ارساه الأمين العام لحزب الدعوة السيد المالكي، هو الذي ثبّت الحكم الطائفي الذي اضرّ بكل طوائف البلاد بسنّتها و شيعتها و اضرّ بالأديان و المكوّنات الأخرى التي صارت تستنجد بقوى الخير و التقدّم في العالم لإنقاذها من مخاطر الإبادة و الفلتان الديني الطائفي العرقي، وفق مقابلات لبرلمانيين في اجهزة الإعلام . .
و اثر تزايد الفقر و البطالة و تزايد المنكوبين بالارهاب و القتل الطائفي، حتى بلغت اعداد النازحين و المهجّرين عدة ملايين . . تصاعدت الإحتجاجات و المطالبات الجماهيرية الداعية الى " الخبز ، الحرية ، العدالة الإجتماعية " رغم مواجهة حكومة المالكي لها بالرصاص الحي في رابعة النهار و سقوط عدد من المحتجين شهداءً ، لتنفجر في انتفاضة شعبية عمّت محافظات و مدن البلاد الشيعية و السنيّة الطابع و التي شاركت فيها كلّ مكونات الشعب العراقي بشعار " بإسم الدين باكونا الحرامية " التي ووجهت باساليب القسر و الإرهاب و قدّمت اعداد من الشهداء، لتتطوّر الى تهديد جاد بإحتلال (المنطقة الخضراء) الحاكمة.
و يرى محللون محايدون، ان الطائفية، الإرهاب، تواصل الفساد و الظلم، و التلاعب بشروط و قوانين الإنتخابات التشريعية و انتخابات المجالس المحلية التي آخرها ليغو 1.7 سئ الصيت و نتائجها المدمّرة المتزايدة على اساس المحاصصة و تشديد الهجوم على قوانين حماية حقوق المرأة ثم مهاجمة المدنيين بتهم الكفر و الزندقة التي ادّت الى اشتداد المطالبات الجماهيرية بالالتزام بالدستور و بحقوق الفرد و ضمان حريته الشخصية في العبادة و التفكير و التعبير . .
ادّت كلها او تفاقم قسم منها و منذ سنوات الى مطالبات لمكوّنات بتشكيل فدراليات، كفدرالية الجنوب الشيعية، فدرالية البصرة ثم فدرالية العرب السنّه . . اثر متابعة التطور و الازدهار التي عاشتها الفدرالية الكردستانية بعد حصولها على الفدرالية دستورياً، ناسين او غير عارفين بحقيقة القضية الكردية و نضالات كردستان طيلة عقود من اجل " الديمقراطية للعراق و الحكم الذاتي لكردستان " التي تطورت الى الحكم الذاتي الحقيقي و الى الفدرالية اثر انواع التضحيات و اثر النضال العنيد لشعب كردستان بمكوناته .
بعد ان صارت مكونات عراقية تشعر بالخوف من خطر الإبادة اثر تفاقم الإرهاب خاصة و تفاقم نشاط القاعدة و اعلان دولة خلافة داعش الإجرامية التي سعت الى ابادة المكوّن الأيزيدي و حكمت بالوحشية و الرعب و العبودية الجنسية و سوق النخاسة و جيّشت آلاف المتطوعين من دول العالم
و هددت العاصمة بغداد و اربيل اضافة الى المدن المقدسة النجف و كربلاء بالإجتياح، امام هروب الوحدات العسكرية الرسمية بقيادة قائدها العام المالكي آنذاك.
و حذّر و يحذّر مراقبون من نشاط انواع الميليشيات الطائفية المقابلة و اساءتها التصرف بلا محاسبة و لا انضباط حكومي مدني او عسكري او ديني و بلا مبالاة بتوجيهات المرجعية الشيعية العليا للسيد علي السيستاني ، في وقت لم تبالي فيه حكومة حزب الدعوة ـ المالكي الحاكم بالمعاناة الشعبية لكل مكونات البلاد و لا بفحوى الإنتقادات و الإحتجاجات الواسعة المطالبة بالغاء المحاصصة و الإحتكام لقيام دولة مدنية على اساس المواطنة و الكفاءة و تكافؤ الفرص، حتى وصلت الى خلاصة بلسان السيد المالكي حينها (ان الشعب لايحبنا) دون التوصل الى لماذا و ماهية سبل الحل . .
بل و لم تبالي بالمخاطر المهددة لوحدة البلاد و المحاولات المتنوعة لإستقلال اجزاء البلاد عن سلطة الحكم القائم، التي بقى قسم منها في اطار البلاد لمواجهة خطر داعش الإجرامية و لإسناد الجيش العراقي و قوات الحشد و البيشمركة الباسلة التي تصدّت لداعش و كسرتها مجللة بالعار، بقيادة القائد العام للقوات المسلحة السيد العبادي.
و على ماتقدّم و رغم مصاعب و نواقص و ثغرات، يتساءل خبراء و محللون الا يحقّ لحكومة كردستان الفدرالية ان تقلق من انعدام ضمان لتعمّق الحكم الفدرالي في ظروف اثبتت ان لاقيمة للوعود فيها بل ولا قيمة حتى للدستور في ضبط مسيرة البلاد و احقاق الحق و ايقاف التجاوز . . الا يحق لرئيس فدرالية كردستان السيد البارزاني ان يطالب بتحديد موعد تلتزم به الأطراف المعنية لإجراء الاستفتاء عن الحق بتكوين دولة كردستان بمكوناتها الكردية و الآشورية و الكلدانية السريانية و الأيزيدية و العربية وفق الدستور، او ضمان خطيّ من الدول الكبرى باقرار ذلك الحق على الأقل . . ثم العمل بالتعاون معاً لتنضيج المطالب العادلة بالطرق السلمية و بالحوار ؟؟
و هل ستبقى الكتل الحاكمة على ديدنها في سد طرق التغيير من اجل خير البلاد و العباد، مهما تأزّمت المواقف ؟؟ و الى ان تتمزق البلاد و تتقسم الى اجزاء لن ترضى حتى بقيام كونفرالية تجمعها كدويلات متصالحة متعاونة ؟؟ الم يحن وقت التغيير الذي تطالب به الملايين بقيام دولة مدنية دستورية فدرالية قائمة على اساس المواطنة و الغاء المحاصصة ؟؟

26 / 8 / 2017 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) يشير سياسيون بارزون في مواقع الحكم الآن الى انهم اعتمدوا الطائفية لإن احزابهم كانت ضعيفة او مُدمّرة في زمن الدكتاتورية و ظلمها الشنيع بحق معارضيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا