الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في قصة خريف للكاتب مجيد الكفائي

مجيد الكفائي
محام وكاتب

2017 / 8 / 27
الادب والفن


بقلم الناقدة السورية اميمة الحسن
خريف
بعد أن أخذت حمامًا ساخنًا اضطجعت على سريرها الملكي تداعب خصلات شعرها , قالت وهي تنظر إلى بطاقة الدعوة : اليوم سأكون أجمل امرأة في الحفل , سأجعله يندم ...لأنه لم يتزوجني , ارتدت أفخر ثيابها , زانت جيدها بعقد من الماس , جلست كملكة بين المدعوين , لفتَ انتباهها كثرة العجائز المتصابيات !سألته لمَ يضجُّ الحفل بالعجائز ؟أجابها : إنه حفل الخريف لتكريم النساء اللاتي وصلن إلى خريف العمر .


لدراسة القصة القصيرة مناهج كثيرة وسبل يعتد بها النقد الحديث بين تركيز على الأطر الاجتماعية أو التاريخية والفكرية , وقد يتم تحليل القصة وفق منهجية معينة وهذه ستكون أكثر دقة في تحري تفاصيل القصة من حيث مكوناتها .
لا أدعي اتباع منهجية معينة , كما لا أنفي تدخلي في بث رؤيتي الخاصة , فطالما اعتقدت أن التحليل لأي نص يجب أن يضاهي النص الأدبي جمالا وتحفيزا للاستزادة .
وإذ لا أدعي اتباعي لمنهج معين فإن ميلي للمنهج الجمالي واضح , وعلى هذا سأبدأ تحليلي عسى أن يكون مفيدًا ممتعا .
وكعادتي سأترك القصة تدخلني في مفاوزها وسيكون مدخلي عنوانها .
عنوان القصة (خريف) ولا يخفى ما للعنوان من أهمية تحمل فكرة مستقلة وإيحاء بفكرة القصة .
جاء العنوان اسمًا جامدًا
و قد يتراءى لكل قارئ إيحاءٌ مختلفٌ عن الآخر من خلاله , فقد يظنه البعض موسما من العام , وقد يظنه البعض الآخر دلالة إلى العمر ومن هنا أجد العنوان جاذبًا غير كاشف .

السرد والتسلسل الحدَثي : جاء وفق ما يلي :
البطلة تقوم بمجموعة من الأفعال :
تأخذ حمامًا ..تضطجع على سريرها ..تداعب خصلات شعرها .. تحدث نفسَها ..ترتدي ملابسها ...تزين جيدها ..
تجلس في الحفل وهذا يتضمن حدثًا غير مذكور وهو ذهابها ( يفهم من السياق ) تنظر ..تسأل راعي الحفل والحدث الأخير هو جوابه لها وهنا تكمن الخاتمة .
يظهر أن القصة بأحداثها البسيطة تحمل طاقات شعورية كبيرة للبطلة , كما تحمل إسقاطات توحي بسماتها ؛
اضطجاعها على السرير الملكي إشارة إلى الثراء
مداعبة خصلات شعرها : إيحاء باعتزازها بأنوثتها وتلميح بحالة تفكير بأمر ما .
نظرُها إلى بطاقة الدعوة أرشدني إلى الفكرة التي تدور في رأسها؛إذ سرعان ما تكشّف ذلك إذ أعلنت أنها ستكون أجمل امرأة في الحفل .
ومن داعيها ؟ إنه الرجل الذي كان حلمها ولم يتزوجها وهنا بدأ التحدي ؛ لقد قررت أن تكون الأجمل ليندم على عدم زواجه بها .
وبدأ التحدي بارتداء أفخر الثياب وعقد الماس وكل هذا تأكيد على الثراء .
تذهب بطلتنا إلى الحفل ومازالت عينها تنظر لترى تساءً ( متصابيات) نساءً يقهرن التقدم في العمر بالاهتمام بالملابس والزينة ( ولعلها مثلهن)؟!
ومازالت مأخوذة بهذا المنظر وربما سألت نفسها ما الذي أتى بي إلى هنا وتقترب منه وتسأله عن سبب وجود العجائز
ترى من هذا الذي وجهت له السؤال ؟
هل هو ذاته الرجل الذي قررت أن تتحداه وتجعله يندم ؟
هذا احتمال فليس عندي إشارة لرجل آخر .
وهنا تكون الإجابة التي توقظها من تحديها وتناسيها لنفسها بأن هذا الحفل لتكريم النساء اللواتي وصلن إلى خريف العمر .
وهنا تكمن الخاتمة :
الآن عرفت سبب دعوتها إلى الحفل ؛ إنها في خريف العمر
أرادت أن تتحداه فكان أسبق لإيقاظها من غرور الصبا الذي اعتقدت أنه ما فارقها !.

قصة اجتماعية اتخذت من بيت البطلة ومقر الاحتفال مكانًا
والزمن ليس مهمًا لأحداث القصة فقد يقام الحفل مساء أو ظهرًا , لكن الزمن الأهم هو زمان البطلة الذي توقف في لحظة غرور لتدرك بعدها أنها في خريف العمر .
وقد ظهر الزمن من خلال الحدث النفسي في القصة وتجلى من خلال تفكيرها ونظرها .
وتحول إلى حدث واقعي من خلال ارتدائها ملابسها وجلوسها ثم سؤال صاحب الحفل .

يبدو لي أن القصة تركز على الحدث النفسي ولم تستعن بالحدث الواقعي إلا لإثبات التطور النفسي للبطلة , بين غفلة وصحوة .

ولن أنسى أن أشير إلى أن الأستاذ مجيد وعلى علمي واطلاعي على أسلوبه؛ أنه يبتعد عن القصة القصيرة جدًا التي تعتمد التكثيف اللغوي كما أنه لا يعتمد القصة القصيرة التي تطيل في السرد .
النص الذي معي قصة قصيرة فيها إشباع لكل حدث بما يتناسب مع الخط الدرامي لها.


أميمة الحسن - سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي