الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الشعر في النقد الاجتماعي

صاحب الربيعي

2006 / 2 / 12
الادب والفن


تلعب نخب المجتمع الدور الأساس في الصراع الاجتماعي فالصراع هو صراع الصفوات في وجهه الباطن ووجهه الظاهر صراع بين الفئات الاجتماعية. وتعدد أدوار صفوات المجتمع يعود لتوجهاتها (السياسية، الاجتماعية، والثقافية....) ومصالحها، وتتقلص مصالح النخبة الثقافية إلى الحدود الدنيا قياساً بالنخب الأخرى كونها تنهل معظم توجهاتها من القيم الميتافيزيقية. ولاينحصر اهتمامها على تحقيق مصالح المجتمع حسب، بل المساهمة في رفع مستوى وعيه بمصالحه وتلك تتطلب تسليط الضوء على مكامن ضعفه واختلاله.
وأخذ بعض الشعراء على عاتقه رصد أوجه الاختلال ونقاط الضعف التي تنخر ذات المجتمع، ووظفها في خطابه الشعري سعياً لإنقاذ المجتمع منها أو تحريضه على التمسك بالقيم والأعراف الاجتماعية السوية وعدم إضعافها لتسهم أكثر في تقوية شبكة العلاقات الاجتماعية أو لنبذ القيم والأعراف المضادة لها، لما تشكله من أضرار على أفراده. يرصد ((الأمام جعفر الصادق-ع)) إحدى تلك الظواهر قائلاً:
"ذهب الوفاء أمـس الذاهب..........والناس بين مخاتل وموارب
يفشون بينهم المودة والصفا..........وقلوبـهم محشوة بـعقارب".
غالباً ما يتعرض الشعراء الساعين لرصد الأخطاء في المجتمع أو السلطة للنبذ أو الاعتقال، فالمجتمع الجاهل يرفض تعرية جهله والكشف عن أخطائه والسلطة الجائرة تمارس إرهابها على الساعين للنيل من توجهاتها. إن الشاعر الذي يعي مهامه باعتباره مثقفاً يساهم في تشكيل منظومة الوعي الاجتماعي ويمارس دوره المفترض لا يبالي بتوجهات المجتمع المتعارضة ولا توجهات السلطة القابضة على أجهزة العنف. كما أنه لايهتم بقدر ومستوى الأدوار الذي يمكن أن يلعبه الأفراد أو الجماعات في المجتمع أو السلطة ويسعى لفضح توجهاتهم وآرائهم المتعارضة مع التوجهات الإنسانية.
يلخص ((المتنبي)) تلك الرؤية بعدد من أبيات الشعر قائلاً:
"ودهر ناسه، ناس صغار...........وإن كانت لهم جثث ضخام
وما أنا منهم بالعيش فيهم............ولكن مـعدن الذهب الرغام
أرانب غير أنـهم ملوك.............منـفتحة عيـونهم نيـام".
تعرض على مر العصور نخب المجتمع للتهميش والإقصاء من قبل السلطة لأنها تعي مدى الضرر الذي يمكن أن تسببه لها في الكشف عن جهلها بشؤون الدولة والمجتمع، وتعري ادعاءاتها وممارستها المتعارضة مع المصالح العامة. تقع مسؤولية إعادة تشكيل منظومة الوعي الاجتماعي لتجاري متطلبات الحاضر على عاتق النخب العلمية والثقافية وغالباً ما تصطدم بالواقع الاجتماعي والسلطوي، فالأخيرة تسعى جاهدةً لعدم المساس بمنظومة الوعي المشكلة تاريخياً لأنها تعينها على التحكم بالمجتمع وأي تغيير يطرأ عليها يضر بمصالحها وتوجهاتها المتعارضة مع التوجهات الإنسانية. يعبر ((أبو العلاء المعري)) عنها قائلاً:
"فقـدت فـي أيـامـك العلماء............وادلهمـت عليـهم الظـلمـاء
ويقـال الكـرام قولاً ما فـي..............العصر إلا الشخوص والأسماء
غلب المين منذ كان على الحق..............وماتـت بـغيضـها الحـكماء".
إن عظمة الشاعر ليس بحجم نتاجه الشعري وأنما بقيمته وماهيته وما يحمله من رسالة إنسانية تعنى بشؤون المجتمع وتسهم في إعادة صياغة منظومة الوعي الاجتماعي. وتلك الرسالة الإنسانية لاتفقد قيمتها وأهميتها مع الزمن، وأنما تتألق وتزداد أهميتها كلما ارتقت منظومة الوعي الاجتماعي لمراتب أعلى لتكشف عن سماتها وتوجهاتها الساعية لتطور وتقدم المجتمعات البشرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده