الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آباؤنا.. افتراضيون!

سعد تركي

2017 / 8 / 31
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أحجمتُ عن إبداء رأي سريع بشأن اللغط المُثُار حول اتفاق نقل مئات من الإرهابيين "الدواعش" إلى حدودنا مع سوريا الخارجة تماماً عن سيطرة أيّ من الدولتين "الشقيقتين" المتجاورتين، فالموضوع به حاجة إلى تأن وبعض صبر للإلمام بصورته من جوانبها.
في ظنّي أن غضب العراقيين غير مبرّر إطلاقاً، لأنهم ارتضوا، وهم الأيتام منذ بدء أمد بعيد جداً، بآباء "افتراضيين" لم يكن يهمهم من العراق سوى ثروته وموقعه الجغرافي المهم، ودماء أبنائه المهدورة عبثاً في حروب وصراعات "لا ناقة لهم فيها ولا جمل" وليس لهم فيها مصلحة باستثناء إرضاء أبّ لمجموعة أيتام هنا، أو بغضا بآخر اتخذته مجموعة يتامى هناك والداً لها..
في ثمانينات القرن الماضي سيق العراقيون، تحت راية أب واحد، للموت وصاروا "مشاريع استشهاد دائمة" بصفتهم حراساً للبوابة الشرقية، وتحولوا، بعد نيسان 2003، إلى مقاتلين يبذلون دمهم رخيصاً وثروة بلدهم هدراً وفرص مستقبلهم هباءً في سبيل مقاتلة الإرهاب "نيابة عن العالم".. الكارثة أن لا أبّ افتراضي وعدهم بنصر قريب أو بعيد، أو بمكافأة ما، باستثناء عبارات منمقة تمتدح شجاعة وضراوة المقاتل العراقي!!
مصيبتنا وكارثتنا العظمى، أن تأسيس الدولة العراقية الحديثة كان على يد ملك مستورد، وحين أدركنا الخطأ، قبلنا بمجموعة "نغولة" جاؤوا بـ"قطار أميركي"، لاحقاً وفي ظل جوّ "الديمقراطية" المزعوم تشظينا إلى مجاميع كلّ واحدة منها اختارت أباً تأتمر به وتحقق أهدافه، ومع أن هؤلاء الآباء يختلفون في مصالحهم وأهدافهم وستراتيجياتهم إلا أنهم جميعاً أفرغوا ثروة البلاد حجراً وبشراً.
لا أعرف سبب الغضب الكبير وهذا اللغط المحتدم، بين الرافضين والمدافعين، على نقل مئات من الإرهابيين إلى حدودنا، فقد أكد الرئيس الأميركي، الذي أطاحت بلاده بحكم الطاغية و"حررت البلاد"، أن هدف "التحرير" تجميع وحوش العالم بأجمعه في العراق، وهذا الهدف هو الأسطوانة التي تكرر التفاخر بها عند جميع حكام البلد، وكمثال فإنّ وزير خارجيتنا يصرّ في كلّ بيان رسمي ومناسبة وتصريح على إيراد جملته العظيمة (نحن نقاتل الإرهاب نيابة عن العالم).. علينا أن نُسرّ ونفرح بما حدث ويحدث، فلقد انتقلنا بفضل الديمقراطية من حرّاس للبوابة الشرقية ومن كوننا مدافعين عن الأمة العربية المجيدة إلى جنود عالميين يقاتلون الإرهاب، على أرض بلادنا حصراً، نيابة عن الكرة الأرضية أجمع.. لعلّ من بقيَ من أيتامنا الآتية سيأخذ على عاتقه مقاتلة الوحوش الفضائية الآتية من المجرات البعيدة، فأقصى طموحنا أن نجد أباً قادراً على سلب حياتنا ويأخذ بأيدينا إلى الموت والخراب!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل