الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش وامريكا .... ومصالحنا

جميل كاظم التميمي

2017 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



سنوات الدمار التي مرت على العراق وانعطافاتها الاخيرة تستحق منا ان نحلل هذه المرحلة المهمة من وجهة نظر عقلانية بعيدة عن النظرة الولائية.
اولا ساحاول تفكيك مفهوم ساذج اعتاد البعض ان يطلقه على داعش انها صناعة امريكية اذ في حقيقة الامر ان داعش هي ليست صناعة امريكية لانها ببساطة هي وجدت بقرون قبل ان توجد امريكا كدولة على الساحة السياسية فداعش هو فكر متطرف نشا على منهج فكر الخوارج والذين كما هو معروف خرجوا على الامام علي بحجة انهم يهدفون الى اقامة دولة العدل الالهية غير مبالين لما يحدث متمسكين بمبدا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على حد قولهم لذلك الخارجي ابن ملجم والذي قرر اغتيال الامام علي وسط اتباعه وهو يأمهم بالصلاة هو انتحاري لا يختلف عن اي انتحاري داعشي عندما يفجر نفسه بين جموع الابرياء في زمننا هذا بمعنى اخر لو كان في زمن ابن ملجم حزام ناسف لفجره على الجميع وقتل اكبر عدد ممكن من اتباع الامام علي .
هذا الفكر المتطرف حافظ على بقاءه لكنه كان يغير جلده بمسميات مختلفة مرة باسم الوهابية والسلفية والقاعدة وداعش وسيستمر في عقول بعض المسلمين حتى بعد انهيار امريكا نفسها (طبعا اذا فعلا انهارت) قد يهدا لكنه محال ان ينتهي من عقول البعض حتى قيام الساعة.
كل الذي قامت به امريكا بذكائها وغباء اعدائها هو استثمار هذا الفكر المتطرف لمصلحتها وجعلته احد ادواتها تضرب به من تشاء( لاحظ هناك فرق بين الصناعة والاستثمار) فانا كشخص ذكي استطيع اذا وجدت متخلفين عقليين يضمران لي الكره والعداوة ما علي الا ان احرضهما ليتقاتلا فيما بينهما مستغلا غباؤهما ثم اجلس اتفرج عليهما.

هذا بالضبط ما حصل ويحصل لنا فعندما اطاحت امريكا بصدام والذي اصبح شخص مزعج ومتهور بالنسبة للغرب استحوذ على السلطة من بعده الاسلاميون لكن هؤلاء الاسلاميين لم يتعاونوا مع امريكا على انها صاحبة الفضل عليهم بل على العكس اظهروا لها العداء بسبب المنهج الاسلامي الذي يتبنوه وتناسوا في لحظة ما انها هي من جاءت بهم وتستطيع اذلالهم ببساطة لانها اذكى منهم بكثير لذلك خرجت القوات الامريكية من العراق غير راضية (ولم تخرج امريكا)ولسان حالها يقول لهم سالقنكم دراسا لن تنسوه وفعلا حصل الذي حصل كل الذي قامت به امريكا هو غض النظر عن الجماعات المتطرفة الداعشية مستثمرة الاجواء الطائفية و تهور وغباء الجميع سنة وشيعة .
ما اريد توضيحه ان داعش اليوم هي اشبه بالمتخلف العقلي تحرضه امريكا على الاخرين متى ما شاءت لكنها في نفس الوقت قد تأدبه وتانبه اذا ما شعرت ان مصلحتها تقتضي ذلك وهذا ما يفسر اختلاف تعامل امريكا مع داعش قبل ٣ سنوات عن اليوم فسابقا كانت تغض النظر عنهم واليوم تضربهم في عمليات التحرير الاخيرة وتحاصرهم كما فعلت مع قافلة ارهابيي عرسال لان سلوكها وتعاملها مع داعش يخضع لمعايير مصلحتها منهم.

التحالف الذي حرص على مواجهة داعش والمتمثل بايران العراق سوريا وحزب الله بدوافع ايديولوجية بمعنى صراع اقطاب شيعية ضد متطرفين سنة كان تحالف حقيقي الا ان حتى هؤلاء المتحالفين والذي يجمعهم ولاء المذهب ينظر كل منهم الى مصلحته هو داخل التحالف طبعا كل حسب ذكاءه وبالتاكيد اذكى المتحالفين هو ايران واغباهم هم قادة العراق مع الاسف وهذا يعيدنا الى تفسير سبب موقف سوريا وايران من العراق في وقت تواجد الامريكان كيف عارضت سوريا وارسلت ارهابيين للعراق على لسان المالكي نفسه حليفهم اليوم لان مصلحة سوريا تقتضي ان تعم الفوضى في العراق بسبب وجود الامريكان فيه واليوم كيف ارسل حزب الله دواعش عرسال الى حدود العراق عندما فضل مصلحة لبنان وجنوده على مصلحة العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه هي الحقيقة
طلال مجيد ( 2017 / 9 / 4 - 13:49 )
انا مدمن على قراءة المواضيع التحليلية و يعتريني الفرح و السرور عنما اقرأ تحليلا ناضجا خال من البهرجة و الاطناب و المديح والكلمات الطنانة الرنانة. هذا المقال داعش و امريكا و مصالحنا تحليل ناضج و صريح و صحيح ( طبعا من وجهة نظري ليس الا) و قد قهقهت فرحا و انا اقرأ: كل الذي قامت به امريكا بذكائها وغباء اعدائها هو استثمار هذا الفكر المتطرف لمصلحتها وجعلته احد ادواتها تضرب به من تشاء. و كل حسب ذكاءه وبالتاكيد اذكى المتحالفين هو ايران واغباهم هم قادة العراق. شكرا للسيد جميل كاظم التميمي كاتب المقال على هذا التنوير و وضوح الرؤيا.

اخر الافلام

.. … • مونت كارلو الدولية / MCD كان 2024- ميغالوبوليس


.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح




.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با


.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على




.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف