الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخرافة ورؤية الطالع!

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2017 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


استقراء الغيب، ومعرفة ما يخبئه المستقبل، امور دفينة في النفس الانسانية منذ اقدم العصور، تلك الرغبة عادة ما تشتعل بين الحين والاخر مع اشتداد المحن. الحرب والفقر وضياع الفرصة تضاعف تلك الرغبة حتى نعود القهقرى ونحتكم الى النبوءة وكأنها قدرنا الذي لا مفرّ منه.
على غفلة من انفسنا نخلق اوهاما ورؤى تجعلنا نستمر في الوجود على شكل هياكل لا بطولة فيها ولا هزيمة، لا نفسر خشوعنا ونحن نمرّ بحالة من المرونة بحيث نشارك احلامنا وما يجول بداخلنا من مشاكل مع اي عابر يمكن ان يعدنا بما يخلصنا من الشقاء.
اتذكر حين اصغيت بكل حواسي إلى احدهم وكان بائعا في محل، وكان محياه لا يوحي بما سيقوله ومع ذلك لم يتفوه لساني بأي كلمة توقفه عما كان يقوله بخصوص استقراء المستقبل، وكيف ان امر احلامي واستقراري العاطفي والمادي مرهون بتلك القطعة النقدية التي يتعين عليّ الا افرط بها. الحقيقة ان الطريقة الصوفية التي اعطاني فيها الباقي من المال المسترجع جعلتني اصغي لتهديده مما يمكن ان يحدث لي اذا انا فرّطت بتلك القطعة النقدية. كنت وكأنني ارى علامة من علامات حسن الطالع. وبخشوع خضعت لطريقته الاستعراضية ولم اشعر بأي مبالغة او شك بأسلوب الثبات والتوقير والاجلال والود بطلبه او امره في خطورة انفاق القطعة النقدية. تركته وما زلت اسمع صوته بأن احمل كلامه محمل الجد. مرّ وقت وانا احتفظ بالقطعة النقدية لا ادري ماذا كنت سأخسر حتى اعرف ماذا كنت سأكسب. لكنني مع ذلك صدقته وحرصت على القطعة النقدية واحتفظت بها وحدها خوفا من صرفها من دون ان اعرف.
الخرافة تشكل ركن اساسي من تفكيرنا ومنهج حياتنا. لم اصدق حين قرأت ان "سقراط" حكيم الزمان والذي لا يبزه حكيم! قد حرص على نبوءة ذبح ديك إيمانا منه بتخفيف آلام الموت بعد ان حُكم عليه بالموت بتجرع السم.
نقاوم الفناء ونبقي على ظلا من الوهم لنقبل بوجودنا حتى لو كان الباطل هو ما ينتظرنا، نسعى الى التحرر والتحليق خارج نفوسنا كلما ضاق عنق الزجاجة.
عدد من الاعمال التلفزيونية التي انتهى عرضها في شهر رمضان الذي ودعناه مؤخرا كانت تحمل في طياتها ومضامينها اللجوء للخرافة والنبوءات والدجالين الذين يلعبون بالصورة باستغلال حاجة الناس وضعفهم من اجل مساعدتهم في العثور على الحياة او على وميضها البعيد.
معظم الاعمال التلفزيونية هي تجسيد لما يجري على ارض الواقع وقد يتفوق الواقع في كثير من الاحيان على خيال الكاتب. شاركتني احدى الصديقات سرّها وحزنها المستمر على وفاة شقيقتها وهن في مرحلة الطفولة اذ كانت تصغرها بعام، اخبرتني انها ما زالت تشعر بعذاب الضمير لانها سمحت لنفسها ان تعود الى البيت دون انتظار شقيقتها بعد انتهاء يومهم الدراسي، وكانت هي في الصف الثاني الابتدائي وشقيقتها في الصف الاول وحين وصلت الى البيت بموعدها لم تكن شقيقتها قد وصلت وحين تأخرت بحثوا عنها وقد تبين لهم انها قد سلكت طريق مقبرة القرية لانها قد اضاعت الطريق الذي تسلكه بأتباعها اقدام شقيقتها. وكان هذا اليوم هو الاخير في سماع شقاوتها وضحكها في ارجاء المنزل. تابعت صديقتي بحزن حديثها عن شقاء العائلة وحسرتها، ولهفة والديهم وهم يأخذونها من طبيب الى اخر والنتيجة كانت واحدة، عجز الاطباء عن تشخيص حالة الطفلة. اضطر الاب وهو المتعلم! اللجوء الى احد الشيوخ او العرافين الذين ذاع صيتهم في ذلك الوقت، ليأتي تشخيص ذلك العراف قاطعا: ان شمعة ابنته على وشك الانطفاء وان عليه ان يكف عن البحث في امر علاجها وماتت بعد ايام قليلة. حين يفشل الطب والعلم في التفسير نلجأ للخرافة ونحتكم للنبوءة.
اخيرا في حاضرنا هذا فأننا نحيا حالة فشل بأمتياز في السياسة والعلم والاقتصاد والطب. والفوضى الدائرة في كل مناحي الحياة خليقة بأن نحتكم للنبوءة واللجوء للخرافة لعلنا نجد حلولا لم نعد نبحث عنها!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال