الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد الفيلية بين القطار الامريكي وضريبة كرسي الامير

حيدر عباس الطاهر

2017 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الكرد الفيلية بين القطار الامريكي وضريبة كرسي الامير
إن من سخريات القدر التي حكمت على شريحة عريقة من شرائح الشعب العراقي التي ماانفكت طيلة سنين عجاف من تاريخ العراق المعاصر من زجها في رحى الطاحونة السياسية وارغامها على ان تلبس ثياب لا تليق, هي ابعد ما تكون عنه هذا ما اثبتته المواقف والاحداث التي مرت بها .
فالمتتبع لتاريخ الكرد الفيلية من خلال دراسة الشواهد التاريخية ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي , يفهم الاسباب التي دعت مهندسو السياسة الاستعمارية الى تحريك النظام السابق الى ان يكن لها العداء والسعي بكل قوة لتفتيت نسيج هذا المكون والعمل على طمس هويته العراقية , وفق منهاج دموي قسري مدروس .

كانت حقبة التسفيرات وطوامير الحاكمية ونكرة السلمان وزنازين ابو غريب والفضيلية , واعدام الشباب ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة وكل ما يتعلق بالمواطن الكردي الفيلي وتجريدهم من الجنسية العراقية والصاق صفة العمالة ومئات التهم والادعاءات .
وبعد ما تقدم من سرد لاحداث ترتقي الى جرائم وابادة جماعية .
قد يسأل سائل لماذا الكرد الفيلية ؟.
*هل لكون قوميتهم الكردية واتهامهم بمساندة اكراد الشمال ( العصاة )؟
*او ان الامر له جذور طائفية لكون الكرد الفيلية هم من الطائفة الشيعية وطبيعة النظام البعثي وانجرافه الطائفي بالاضافة الى توتر العلاقة العراقية الايرانية بعد وصول الخميني الى سدة الحكم ؟.
لو افترضنا ان الامر يتعلق باكراد الشمال فلماذا لم تشمل الاجراءات التعسفية الاكراد(الشماليين ) ممن يسكنون خارج الاقليم في كركوك وديالى ونينوى وبغداد
واذاكان الامر طائفي كما قد يفهمه الكثير حتى الكرد الفيليين انفسهم يعتبرون كل ما حل بهم من قتل وتهجير وسلب لحقوقهم لكونهم شيعة والموضوع طائفي بحت
وهذا الاستنتاج ضعيف لا يصمد امام المعطيات بدليل ان نسبة الشيعة في العراق تفوق ال(70%) من مكونات الشعب العراقي الاخرى .
في قبال نسبة 2% مايشكله نسبة الكرد الفيلية , التي لا تعد نسبة ذات تأثير كبير تحتاج الى مسلسل من الاضطهاد على يد حزب البعث كان اشده بعد تسنم صدام حسين زمام الامور والانقلاب على الرئيس احمد حسن البكر الذي كان بمثابة العميل الفاشل لدى الادارة الامريكية في تنفيذ ما تم رسمه, هذا ما دعاهم الى ايجاد شخصية قادرة على انجاز المهمة في الوقت المحدد.

وبعدما اوردناه نعتقد جازمين بالادلة والارقام ان ما نفذ من مخطط تدميري للكيان الفيلي في العراق لم ياتي جراء تعصب قومي او مذهبي, او نزعة شوفينية عنصرية بل جاءت بشكل منظم من ضمن حقائب مستلزمات الشرق الاوسط الكبير التي جلبها صدام وناصر والقذافي وصالح وغيرهم على متن القطار الامريكي .

وهنا يمكن لنا الاجابة عن التساؤل لماذا الاكراد الفيلية ؟
الجواب : منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1920 يرجع الفضل الكبير لادارة عجلة البلاد الاقتصادية هم اليهود العراقيين والكرد الفيليين, ويمكن للسائل والمشكك الاطلاع على تاريخ العراق واعلام العراق وابرز الاسماء التي دارت شؤون العراق الاقتصادية التي تعد من اهم الركائز في بناء واستقرار وازدهار البلدان فمن منا لا يعرف اول وزير مالية عراقي سنة1921 اليهودي (حسقيل ساسون( ويشهد له التاريخ كيف ثبت في اتفاقية العراق مع الحكومة البرطانية ان تدفع للعراق بالشلن الذهبي بدل عن العملة الورقية مقابل ما تشتريه من النفط العراقي مما احدث هذا الاتفاق نقلة نوعية في الاقتصاد العراقي .
والكثير من الشواهد التي تثبت دور اليهود والعقلية الاقتصادية التي كانوا يتمتعون بها, حتى اصبحت مضرب امثال العراقيين عن وصفهم للتاجر الحذق بالتاجر اليهودي لما امتازو به .
فكان الشريك القريب والمنسجم مع اليهود هم التجار الكرد الفيلية لاسباب كثيرة منها ان اغلب اماكن تواجد الكرد الفيلية هو في مراكز المدن قياسا بنسبتهم خارج المدن حيث تشير الاحصائيات ان مراكز تجمع الكرد واليهود هي في مراكز المدن كما ما جاء في تعداد عام1947 حيث كان عدد نفوس الكرد الفيلية هو (30) الف نسمة , بماتقدر نسبتهم( 6%) من تعداد سكان العراق , كان يسكن منهم (14 ) الف في مراكز المدن, وكانت المدينة تعتمد بشكل كبير على التجارة قبل ان تدخل الصناعة بشكل كبير واساسي فتعلموا الكثير من فنون التجارة وادارة السياسة الاقتصادية , مما شهدت تنافس التجار الكرد واليهود فيما بينهم مما خلقت نمو وانتعاش اقتصادي كان له دور كبير في شتى الميادين الامنية والسياسية والاجتماعية مما دفعت بعجلت البلاد الى الامام زادت ايرادات العراق المالية وارتفاع سعر صرف الدينار العراقي مقارنة بالعملات الاجنبية وخاصة الدولار الى ان وصل عام 1971الدينار العراقي ما يقابله 3 دولارات امريكية تقريباً قاطعة اشواط كبيرة قياساً بدول الجوار, الامر الذي ثار حفيظة الدول الاستعمارية وتعد قرع ناقوس خطر, لظهورعملاق اقتصادي قوي يتمتع بأمكانية اقتصادية واستقرار سياسي واجتماعي بالاضافة الى ثروة بترولية هائلة لم تستثمر في وقتها .
مما يربك المخطات الاستعمارية في تقويض الشعوب .
وتنفيذ مخططاتها التدميرية وبعد ان افرغت الساحة العراقية من اليهود العراقيين واجبارهم على الهجرة الى اسرائيل للاستفادة من تلك العقول في بنائها وجعلها دولة قوية قادرة على العيش في داخل المحيط العربي .

وبعد ان اثبت التاجر الفيلي انه قادر على ان يقود دفة الاقتصاد العراقي وسد الفراغ الكبير الذي احدثه تهجير اليهود العراقيين والذاكرة عامرة بمئات الاسماء الكبيرة لتجار كرد فيلين امثال (الحاج عبد الرحمن الفيلي ) والد سفير العراق السابق في واشنطن , والحاج جاسم نيريمان والشقيقين (اعضاء مجلس ادارة غرفة التجارة العراقية عبد علي محمد الحيدري , وحسن محمد علي الحيدري ) ,وموسى حاتم صاحب معمل النسيج الذي يعد من اول المصانع التي انشأت في مطلع الستينات برأس مال فاق ال(150) الف دينار.

فصار لزاماً على صدام ونظامه تنفيذ ما جاء في الحقيبة الامريكية وبعد ان عُبد له الطريق واقصاء الرئيس البكر .
فكان من اولوياته هو تدمير مراكز القرار الاقتصادي العراقي لكون الاستقرار الاقتصادي يعد الشريان الرئيسي لرقي وتطور البلدان , وبمجرد اختلال الركيزة الاقتصادية سيتهاوى البلد وسيلقي بضلاله على كل مفاصل الدولة .
هذا ما سجلته الاحصائيات في التراجع الممنهج للعراق على جميع النواحي منذ تهجير اول يهودي الى اخر كردي فيلي تم تهجيره . وتحول العراق الى طارد للعقول وارض غير مستقرة لبناء استثمارات مهمة , واقتصاد مصاب بالشلل وتحول البلد من مركزاقتصادي منتعش الى دولة مرهقة مثقلة بالديون وتحول البلد من منتج ومصدر الى مستهلك مصاب بما يعرف بالمرض الهولندي المرض الذي يضرب البلدان التي تعتمد على البترول في بناء اقتصادها .
كل هذا نتيجة متوقعة لانجاح مشروع ايجاد الشرق الاوسط الكبير واخضاع الشعوب الى الهيمنة الرأسمالية العالمية .
كان ضحيته مكونين عراقيين اصلاء هما المكون اليهودي الذي هجر بعد ان قتل ابنائهم وصودرت اموالهم , والمكون الاخر الكرد الفيلية الذي لم يبقى منهم الا شتات تبحث عن حقوقها المنهوبة وتاريخها المشوه وذكرياتها المصادرة مع تقاعس حكومي في استرداد حقوقها من افواه الغاصبين واعادة هويتها العراقية الاصيلة التي تعتز رغم معاناة وتقتيل وتعذيب وتشرد بين البلدان لم يتنازلوا عنها على العكس من الكثير ممن لم يذوقو ماذاق المواطن الفيلي .
تجدهم اليوم يسارعون الخطى ليتبرأون من عراقيتهم ليرتمون باحضان الكيان الاسرائيلي .
والادهى والامر ان معاناة الكردي الفيلي قدر لها ان لا تنتهي , وكأن اريد بها ان تكون ضريبة اعلان الدولة الكردية وانفصال الاقليم , من خلال اعتبارهم اكراد وعليهم ان يعاقبوا على انفصال اقليم كردستان , وتعالت الاصوات من الكثير من المثقفين العراقيين في اقتراحتهم في كيف يجب ان يعاقب الكردي خارج الاقليم منهم من رأى ان تطلق الامرأة الكردية من زوجها العربي والاخر ذهب الى ان يطردون من الدوائر والاخر اقترح ان تصادر املاكهم والاخر فضل ان يقاطعهم
لا نعلم بأي منطق هؤلاء يتكلمون هل الى هذا الحد حجبت عنهم الحقائق واصبحوا لا يفرقون بين المواطن الكردي الفيلي الذي عان ما عاناه وفضل ان يستقر في وطنه العراق ولم يفضل ان يرتمي في احضان الحزبين ولم يروج لافكار التعصب القومي يومأ .
او ان هناك ايادي خفية تريد ان توجه الانظار لهذه الشريحة من خلال تحريك عصابات القتل المنظم لمضايقة وتصفية بعض الشخصيات الكردية الفيلية لكي تكون كبش الفداء , لايصال فكرة استحالة التعايش الكردي العربي وتأليب الرأي العام العالمي على ضرورة الانفصال وحماية الاقلية الكردية من الاضطهاد .

حيدر عباس الطاهر رئيس المركز العراقي لحرية الاعلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في