الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرقة على مذبح روما

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2017 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تجري ترتيبات ومشاورات لإنجاز اتفاق جديد بشأن الرقة، بين أطراف تسعى إلى تحقيق إنجازات ما في الوقت الضائع، خاصة مع التوجه لعقد مؤتمر جديد لهيئة التفاوض، وما يمكن أن يتمخض عن نتائج غير مبشرة.
تشير المعلومات المتوافرة ، أنه يجري التحضير لاتفاق ( مصالحة في روما ) بين الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، ممثلا بـ ( مجلس رقة المدني ) ومجلس محافظة الرقة، وذلك بترتيبات تيار الغد السوري، في سياق اشتغاله على مبدأ وآليات المصالحة. الغاية منها التوافق على إدارة (مدينة) الرقة، خاصة وأن " مجلس رقة المدني "، الذي عينه الديمقراطي الكردستاني بدعم أميركي، فشل حتى الآن في الحصول على دعم القوى السياسية والاجتماعية في الرقة، ولم يجد تعاوناً يُمكّنه من ممارسة الدور المرسوم له.
الهدف بشكل واضح هو الحصول على اعتراف بـ " مجلس رقة المدني "، منحه شرعية اجتماعية مفتقدة، في ظل المأزق الذي تلمسته إدارة البي دي، والأميركيين فعلياً، منذ بدء عملية تحرير الرقة، التي استبعدت منها القوى العسكرية والسياسية التي تمثل الرقة فعلياً.
لقاء روما، الذي يُدبر في الخفاء، سوف يُفضي الى تشكيل مجلس محلي لإدارة مدينة الرقة، أي مركز المدينة فقط، تعود تبعيته لـ " مجلس رقة المدني "، ويعتبر ذلك بدء مرحلة جديدة من الإعتراف والتعاون مع قوى الاحتلالات في الرقة: جميع القوى الأجنبية الاميركية والكوردستانية، هي قوى احتلالية.
لسنا ضد أي حوار او تعاون مع القوى التي تسيطر وتتحكم بالرقة، ومن الموضوعي الحوار معها بشكل جاد ومباشر من أجل واقع ومستقبل الرقة، ولكن هناك محاذير من الانجرار نحو الاعتراف بقوى الاحتلال والمجلس الممنبثق عنها، دون ان يكون هناك التزام بحقوق أهل الرقة وتلبية مطالبهم، والأهم هو عدم الموافقة على تجزئة المناطق، والقبول بتقسيم المحافظة الى قطاعات تحكمها أطراف أخرى. أي اتفاق يقبل بذلك، هو استجابة للضغوط. وهو تنازل وتفريط لا يمكن القبول به، ويتعارض مع مبدا الحوار.
إن أي اتفاق بشأن الرقة، يجب أن يسبقه تقييم فعّال لتجربة " مجلس رقة المدني "، وخاصة بشان الالتزامات التي فشل في تنفيذها خلال الفترة الماضية، و أن يأخذ في الاعتبار بأن محافظة الرقة، هي وحدة إدارية واحدة، لا يمكن تجزئتها. وأن القبول بدور مرحلي لأي مجلس يجب أن يتأسس على نقاط أساسية، يُجمع عليها أهل الرقة، هي مطالب ولا يمكن تجاوزها، بأي حال من الأحوال، وتتمثل في:
- إعادة غير مشروطة للنازحين الى مناطقهم وسكناهم، واطلاق المعتقلين والمحتجزين لدى الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، والكشف عن مصير المفقودين، بما في ذلك معرفة مصير المختطفين، الذين استولت قسد على أماكن اعتقالهم لدى داعش.
- إدانة جرائم الحرب التي ارتكبتها قسد، والاتفاق على محاكمة مرتكبيها.
- ضمان إنشاء مجالس محلية مدنية، لكل منطقة، دون أي تدخلات خارجية، أو إكراه، أو تغليب منطق المحاصصة العرقي أو سواه.
ثمة قضيتين أساسيتين في الحقيقة، هما موقف الولايات المتحدة مما يجري، ودورها فيه، وكما هو معروف دعمها لميليشيات صالح مسلم، وتغاضيها عن ممارساتها الإجرامية، وتبنيها لـ " مجلس رقة المدني ". وهي تتجاهل أي دور للمجتمع المدني الرقيّ، وتشارك في إقصائه. بلا شك يلعب ضعفنا وتشرذمنا دوراً كبيراً في ذلك، لكنه لا يعفي واشنطن من مسؤولية نتائج ما يُحاك في الظلام حيال الرقة، سواء عبر سياسات الديمقراطي الكردستاني، او اجتماع روما.
النقطة الثانية، هي غياب الثقة بين مجمل الأطراف المعنية بحوارات روما. ولا يمكن القبول باتفاقات لا تحظى شخوصه وكذلك بنوده بأي إجماع. لم يستطع تيار الغد، ولا ميليشيا صالح مسلم بناء ثقة مع أبناء الرقة. ذلك عامل أساس في تهيئة المناخات الملائمة لأي حوار.
إذا أُريد للقاءات روما النجاح، يتوجب إشراك عدد من الشخصيات من خارج المجلسين ( طرفي حوار روما ). وأن تتواصل الولايات المتحدة مع لجنة اتصال تمثل أهل الرقة، وأن تعيد النظر في سياسات اللامبالاة والإقصاء. في ذلك تفريط بحقوق اهلها، وفي مقدمها الحق في إدارة محافظتهم. وغير ذلك فهو يعني تعويم منطق الاحتلال، وأي اتفاقات تنجز في هذا السياق هي تكريس لسيطرة قوى أجنبية، وسوف تتحمل مسؤولية ذلك جميع أطراف روما.
وكأنه يتوجب على الرقة ان تدفع أثماناً مضاعفة من أجل الحرية، وقدرها أن تبتلى بالدواعش وأشباههها، وتجار أسواق النخاسة.. وأن توضع الرقة على مذبح جديد هذه المرة: مذبح روما!
______________
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى