الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمن نستغيث ، لإطفاء جمرة المحسوبية البغيضة ؟!

يوسف حمك

2017 / 9 / 11
الادب والفن


كغيره من الذين ابتلعت الحروب أوطانهم ، و ألبست مدنهم ثوب السواد حزناً على طحن أجساد الأبناء تحت ركامها .
و نتيجةً لانفجار براكين الحقد الطائفيِّ من أعماق النفوس ،
و تقطيع أوصال البلاد ، و تمريغ الكرامة في الوحل ،
و استفحال الإجرام ، و انتهاك كل مفاصل الحياة من قبل حاملي السلاح بمختلف أطيافهم .
و ناهيك عن أصحاب الذقون الطويلة ، و الأثواب القصيرة الذين يخبرونك : إما السير على هديهم ، و تصطبغ بلون سوادهم ،
أو ستضع رأسك على مقصلة فنائهم لبتر عنقك .

حزم البائس حقيبة رحيله عازماً الخروج من بلاده التي عرف الدخلاء قبل الأصلاء كيف تؤكل كتفها ، كما أنه لازال أمام الجميع أشواطاً طويلةً
لاستكمال اللعبة ، و الانتهاء من إتمام التهامها .

استقر به المطاف في مجمعٍ للفارين من أمثاله ( اللاجئين ) من جحيم الحروب و الدمار و التنافس .......
في الوهلة الأولى كان يعتقد البائس أنه ترك وراءه كل أشكال الفساد ،
و التزوير و فرض الأتاوات بأسلوبٍ شبه مشروعٍ ،
و النهج النهبوي ، و القوانين التي يسنها المشرعون على مقاسهم ،
و احتضان المجرمين و الاستعانة بالانتهازيين ، و المتسلقين
و أصحاب الذمم الرخيصة ، و من اللصوص المتنكرين ......

لم يمض شهرٌ أو بعض الشهور حتى أحس البائس بالضيق من بعض المظاهر التي لم يكن يتوقع حدوثها في مجتمعه الجديد .
كان يجهل أن لكل تجمعٍ سكنيٍ للهاربين انتماؤه للحكومة التي تشرف عليه .
العسف السياسي الفاضح ، و التحزب البغيض ، و المحسوبية السوداء حتى داخل الحزب ذاته .

يقول المسؤولون الجدد – و هم من الهاربين أيضاً – و في كل التجمعات التابعة لأي حكومةٍ كانت بصريح العبارة : لن نسمح للهارب الفلاني بحصوله على الامتياز ذاك ، لأنه يحاربنا ( ينتقدنا ) .
أي يعلن للملأ ما أخفوه في السر من فسادٍ و غبنٍ و احتيالٍ .
لماذا لا يحق لأي فارٍ ما يحق لبعض الفارين غيره ؟!
علماً أن المحروم أكثر احتياجاً من غيره .
عوائلٌ تحرم من الكثير لحقوقها المشروعة لأنها لا تحظى باستحسان مزاج بعض المسؤولين .
و آخرون يقعون بين فكي وحشٍ كاسرٍ اسمه ( المحسوبية ) حتى و إن كانوا من أعضاء الحزب ذاته .

حفنةٌ من الأشرار يستقوون بأصحاب النفوذ الذين هم أعلى شأناً من القانون .
و مافيات الفساد و المزورين و وسطاءٌ يتبعون النهج النهبوي .

أيقن الهارب المسكين أن الجميع لصوصٌ ، و الكلمات تخنق في الحلق قبل الخروج ، و الحقوق تغتصب ، يرتدون أثواباً بيضاء للتغطية على العورات الفاضحة .
يدعون النزاهة و الحيادية في الظاهر ، و في الجوهر دجالون متنكرون برداء الساسة ، و من جيوب المستضعفين يسترزقون .

بعدما أيقن البائس الهارب الشقي أن مجتمعه الجديد صورةٌ منسوخةٌ من مجتمعه القديم .
لم يعد يروق له العيش في المذلة أكثر .
فقرر شد أحزمة حقيبته ثانيةً ، و يغامر للارتماء في أحضان أمواج البحار الهائجة .
فإما ابتلاعه غرقاً ، أو يهيم على وجهه في رحاب فضاء المجهول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزراء الزراعة وقطاع الا?عمال والاستثمار والعمل والثقافة يو?د


.. لبنى.. ابنة الفنان المصري أحمد راتب تخطت صدمة وفاة والدها ب




.. نصير شمة يحتفل باليوبيل الفضي لتأسيس بيت العود العربي في الق


.. فنانة شهيرة تتمنى خروج جنازتها من المسرح القومي




.. بايدن عن أدائه الضعيف بالمناظرة: كنت أشعر بالإرهاق من السفر