الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة في الحب

ماجدة تامر

2006 / 2 / 14
العلاقات الجنسية والاسرية


قيل الكثير في الحب، والقائلون عاشوا الحب وخبروه وتنقلوا بين شواطئه وغاباته وخرجوا بخبرات وآراء، تحولت مع الزمن إلى حكم وأشعار وأقوال مأثورة.
منهم من عرف سعادة في الحب ، فجاءت نظرتهم متفائلة ، ومنهم من عرف الشقاء فيه ، فكانت نظرتهم متشائمة.
ولم يقتصر الحب على الأدباء والشعراء والفنانين، بل ارتبط ارتباطا وثيقا بالأنبياء والقديسين والمتصوفين، حتى بلغ عندهم الحب درجة الفناء في الآخر ونكران الذات. وحتى الآن ما تزال آثارهم ماثلة للعيان ، في الجوامع والكنائس والمعابد كما هي ماثلة في رسائلهم وقصائدهم التي تدعو إلى التوحيد والتسامح والتأمل في الذات الإنسانية بغية الوصول إلى الذات الإلهية .

يقول العلامة محي الدين ابن عربي في إحدى أبياته :

أدين بدين الحب أين توجهت
ركائبه، فالحب ديني وإيماني

وقد اعتاد العشاق في مختلف أنحاء العالم الاحتفال بالحب في الرابع عشر من شباط من كل عام ، بغية إعطائه هالة من القدسية التي تليق به وكنوع من التقليد التاريخي والديني والاجتماعي . على أمل أن تجتمع الإنسانية على الحب الذي فطرنا الله عليه لأن الحب في النهاية هو المنقذ والموحد والقادر على صنع المعجزات .

بدايات الاحتفال

لقد تضاربت الروايات حول بدايات الاحتفال بعيد الحب وحول تقاليده . فهناك رواية ترجح بأن فكرة الاحتفال بالعيد نشأت في روما . حيث كان يعيش قديس مسيحي مفعم بالحب ومعجب بما ورثه عن أساطير الحب الخالدة عند اليونان والرومان ، يدعى
" فالنتاين "، اشتهر بالورع وحب الخير .
فكان يزور المرضى والمساجين في معظم أحياء روما القديمة ، ويتفقد الفقراء وذلك في زمن الإمبراطور الروماني " كلوديوس الثاني " ، حيث لقي حتفه على يده ، لأنه رفض عبادة الأصنام والتخلي عن مسيحيته . ويقال أن الإمبراطور كان قد أوعز إلى أحد القضاة بإقناع " فالنتاين " بأن يقدم الذبائح للآلهة .
إلا أن القاضي تمرد على أوامر الإمبراطور واعتنق الدين المسيحي ، إثر شفاء ابنته " جوليا " على يد القديس " فالنتاين ".
فاستشاط غضب الحاكم الروماني وأمر بقطع رأس " فالنتاين " وذلك في الرابع عشر من شباط في " فلامينيا " عام 270 م .
وقبل موته كتب عبارته الشهيرة إلى " جوليا " يقول فيها " المجد والشكر للرب ، من عزيزك فالنتاين الذي هو لك إلى الأبد " .
وشاعت هذه العبارة بين الناس ونقشت على باب عال في كنيسة " براكسيدس " في روما ، حيث دفن هناك .
ويقال ان جوليا ابنة القاضي غرست شجرة لوز قرب قبره ، تعبيرا عن إخلاصها له ولتبقى ذكرى للأبد تجدد الحب والعطاء والوفاء باستمرار .
ويجمع بعض المؤرخين على أن الإنكليز هم أول من احتفل بعيد القديس " فالنتاين" وذلك حوالي 1400 م ووصل هذا العيد الى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1800 م وتحولت الهدايا مع الزمن الى بطاقات معايدة تختلف في مضامينها وأنواعها وأحجامها .

إله الحب

يرجح البعض الآخر من المؤرخين الى أن تقاليد عيد الحب تعود الى العهد الروماني يوم كانت تقام سنويا مهرجانات " لوبركاليا " تكريما لإله الحب في شباط .

جذور كنعانية

ويشير فريق من الباحثين الى أن جذور هذا العيد قديمة وترتبط ارتباطا وثيقا بالتراث
الديني الكنعاني . وتحديدا الالهة " عشتروت " وحبيبها " أدونيس "الذي قضى عليه خنزير بري في إحدى غابات لبنان وتحولت قطرات دمه فيما بعد الى شقائق نعمان حمراء نبتت على ضفاف نهر إبراهيم في جبيل .

اختراع طبقي

يرى البعض بأن عيد الحب هو مجرد اختراع أوروبي ، ابتدعته الطبقات الوسطى في أوروبا ، لتجد لنفسها وسيلة لملء أوقات الفراغ والاستمتاع بالكماليات التي كانت متوفرة لديها آنذاك .
ومن هنا درجت رسائل الغرام وانتشرت الفنون المعبرة عن قصص الحب مثل الباليه والأوبرا وغيرها .
إلا أن هذه النظرية قد تم الرد عليها ، حيث أثبتت دراسات في علم " الانتروبولوجيا " أو علم الأجناس البشرية في كل من جامعتي " دالاس " و" تولين " في نيويورك بأن الاحتفالات بعيد الحب الرومانسي ، وجدت في 147 حضارة ، شهدها العالم غير الحضارة الغربية .
وهكذا فإن الحب هو ظاهرة كونية وليست مقتصرة على حضارة دون سواها أو زمن دون آخر .
والحب أيضا ظاهرة إنسانية شاملة بكل ما في هذه الكلمة من معنى .
فلا تختزل فقط بين الجنسين الذكر والأنثى فقط ، وإنما تشمل معاني متعددة واسعة ، كحب الطبيعة وحب الخير والجمال وغير ذلك من المعاني السامية . وأعلى درجات الحب هو الحب الإلهي الذي تنشده النفوس الصافية والعقول الحكيمة .
لقد رأى الشاعر الكبير نزار قباني في الحب ، نوعا من أنواع المقاومة الحرة للعيش في النقاء ، وعاطفة على بساطتها أرقى من جميع العواطف ، اللهم إلا إذا ارتدت هذه العاطفة النبيلة قناعا مزيفا لدى ضعفاء النفوس ، عندئذ يمكننا أن نأسف ونقول :
" كم من الآثام ترتكب باسم الحب " .

الحب الإلهي

لعل خير ما نختم به حديثنا عن الحب ، أبيات شعرية للمتصوفة " رابعة العدوية " التي أحبت الله حبا فوق كل اعتبار وتفانت في حبه ، فقالت :

أحبك حبين : حب الهوى
وحبا لأنك أهل لذاك

فأما الذي هو حب الهوى
فشغلني بذكرك عمن سواك

وأما الذي أنت أهل له
فكشفك للحجب حين أراك

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | مستجدات مرعبة في قضية شبكة اغتصاب الأطفال في لبنان


.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام




.. روسيا تعلن اعتقال جندي أميركي دخل إليها من كوريا الجنوبية بت


.. شرطة نيويورك تنقذ امرأة قبل سقوطها من برج مكون من 54 طابقاً




.. كاتبة العرض المسرحي أحلام الديراني