الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم للاحتفال براية الجمهورية وعلمها

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2017 / 9 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


قد لا يدرك الكثير عن يقين اهمية ثورة 26 سبتمبر وفقا للمأساة والفوضى والعبث السياسي الراهن .. لكن الجميع بوعي او بدونه يرفضون ما يعيشونه حاليا ويرفعون شعار الثورة السبتمبرية كسند ومرجعية في حربهم ومناهضتهم للفوضى والاحتراب والعدوان ..ايلول سبتمبر شكلت فينا وعيا وانتماء للوطن وللنظام الجمهوري الذي يبلور سلطة الشعب ..ولامجال للعودة نحو اوهام الولايات لأفراد او جماعات او جعل مرجعية بذاتها الحل لكل قضايا المجتمع ..فالحل والمرجعية هو فاعلية الفرد والمجتمع في صناعة تاريخهم وتاريخ مجتمعهم في ظل نظام جمهوري يعزز من حضور الدولة ويوسع من فضاءات الحرية العامة وحقوق الانسان ..من هنا لابد من اعادة الاعتبار للثورة الام باعتبارها اهم ثورة صنعها اليمنيون في القرن العشرين..؟
في هذا السياق يمكن القول ان ثورة ايلول سبتمبر عام 62 اظهرت معدن اليمنيين الحقيقي في صناعة التاريخ وبناء نهضة حديثة تعيد للأمجاد حضارة سباء .وبالرغم من العثرات والكوابح لايزال سبتمبر الثورة هو شعلة يستنار بها نحو مسار المستقبل في اطار دولة وطنية حديثة بنظام مدني ديمقراطي.
فمع ثورة 26 سبتمبر تشكلت شخصية يمنية حديثة تدرك معنى الدولة والمواطنة وحقوق الانسان.. شخصية تحررت من مظاهر التخلف والاوهام العصبوية بكل صورها ومظاهرها . منفتحة على العالم وتتفاعل مع الاخرين بل وتندمج في سياقات مجتمعية متعددة ..هنا ظهر اليمني والاعتراف به كأنسان -كمواطن- وهو اعتراف لأول مرة في تاريخ المجتمع والشعب ان تعلن الدولة قانونيا ودستويا وسياسيا ان اليمنيين مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات .
الجدير بالذكر ان ثورة 26 سبتمبر عام 62 أحدثت زلزالا في الجزيرة العربية كلها وكانت كالنيزك الكبير الذي يسقط فجأة ليحدث من الاهتزاز والتغيير مالا يتوقعه احد ..وكانت دول الجوار ولاتزال تفقد صوابها في كل عملية تغيير سياسي يقودها الشعب اليمني من خلال حركات شعبية واسعة. وتتدخل لاجهاض كل حركة تغيير يقودها الشعب ان تعلن أهدافا مدنية وديمقراطية تعزز من الدولة الحديثة وقدرة الافراد في صناعة تاريخ امة ومجتمع ..وكان اخر التدخلات عام 2011 بحيث تحقق لهذا التدخل أهدافه بالانحراف عن مسار الحركة الشعبية الاجتماعية وتحولت المسارات الى فوضى وعبث سياسي الحقت تدميرا كبيرا في الدولة ومؤسساتها وفي النسيج المجتمعي ومنظومته الثقافية والقيمية .
ومع ذلك فان الازمة الراهنة رغم كل بؤسها اظهرت بل -كشفت -بوضوح ان كثير من القوى السياسية - داخل اليمن - لم تكن تؤمن بثورة سبتمبر وأهدافها ولا ترى فيها وفي الدولة والجمهورية الا منصات للقفز نحو السلطة والثروة ..وهم يحسبون خطواتهم بالتأييد للشرعية بمقابل صفقات يحصلون عليها اولا بأول ..او بالتاييد للطرف الاخر ورفع شعار الولاية بنفس الصفقات بل واكبر منها ..نحن ازاء سوق للشعارات ومسلك انتهازي وعقليات ذرائعية لامجال معها للوطن او المبادئ او التضحيات .. وكان للأحزاب وحلفائهم ان هرولوا مع المبادرة الخليجية عام 2011 وفق وعود بمحاصصة سياسية وعطايا مالية مقابل الانحراف بمسار الحركة الشعبية الهادفة للتغيير .
صفوة القول .. ان ايلول العظيم كما عبرت عنه ثورة 26 سبتمبر في دلالاتها ورمزيتها وواقعيت وأهدافها ..اظهر حركة شعب أدهشت العالم بفعل ثوري لم يكن متوقع ، فقد كان اليمن عندئذ يصنف بكونه يعيش في القرن الثاني عشر الميلادي ..زعزعت الثورة كل تراكمات التخلف والاوهام السياسية والدينية ووضعت الشعب في مطلع القرن العشرين ..ومن هنا نقول ..نحن وكل شعبنا ننتمي لهذه الثورة ونفخر بالانتماء والولاء لراية الجمهورية ومشروعيتها في البناء السياسي والديمقراطي والتنموي ودونها عبث وبؤس وخروج عن مسار التاريخ. فايلول -سبتمبر- عنوان التغيير السياسي نحو بناء الدولة الحديثة -دولة المواطنة ..والحاجة بل والضرورة اليوم تدعوا لإعادة الاعتبار للثورة السبتمبرية واهدافها العظيمة.
ولا يمكن لمستقبل اليمن ان يسير وفق منظور ماضوي تتبناه جماعات واحزاب مخاصمة للواقع وحركيته ، ولا يمكن تحقيق الاستقرار من خلال رموز تسببت في تدمير الدولة والمجتمع وتاجرت بدماء الشعب وتضحياته ..ولهذا تستميت القوى التقليدية في استدامة الازمة الراهنة وتعزيز تحالفاتها الداخلية والخارجية من اجل تموضعها مرة اخرى في مشروع سياسي يشكل مخرجا للازمة يعيد انتاج النظام والقوى التي كانت الثورة الشعبية ضدها.. وهكذا يستمر دوران المشهد السياسي بنخب لا تمثل المجتمع بل اقل ما توصف انها معادية للوطن والشعب.
أخيرا نؤكد القول ان شهر ايلول العظيم ..شهر سجل اليمن الحديث مولده وحضوره في مسار حضارة العالم وانعتاقه من اسواء نماذج الحكم المتخلفة ..شهر ايلول العظيم ارتفعت فيه راية الجمهورية وظهر معها مشروع الحداثة السياسية بدلالاته المختلفة ..فهذا الشهر هو تاريخ مولد يمن جديد ، هب الشعب للخروج من مرحلة الطبيعة و اللادولة وعقلية البداواة الى رحاب دولة المواطنة والتنمية ..ومهما قيل عن العثرات والخيبات التي يعيشها اليمن ..فان راية الجمهورية المعلنة في ايلول عام62 ستبقى هي مرتكز لشرعية الدولة وعلمها تنتظم حولها الولاءات الوطنية ..فالجمهورية ورايتها هما بوصلة النضال السياسي لكل القوى الوطنية ونقطة تحالفاتها ايضا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا