الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول فيلم الصدمة لزياد دويري

وليم نصار
مؤلف موسيقي ومغني سياسي

(William Nassar)

2017 / 9 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


لم أكن أرغب في الدخول على خط فيلم "الصدمة" لزياد دويري .. لكن بعد مشاهدتي للفيلم لم أر ما يستوجب كل هذا الحقد والكيد السياسي الذي وصل إلى حد التخوين والاتهام بالعمالة ... أي بمعنى آخر محاولة إغتيال الدويري "سياسيا" ومهنيا.
وما يثير الاشمئزاز أكثر .. هو ركوب "مثقفون" فلسطينيون من الضفة الغربية معروفون بتاريخهم التطبيعي وفيهم مؤسسات وأشخاص .. ركوبهم الموجة اللبنانية لتحطيم الدويري ... ولن أذكر أسماء لكنني حاضر ومستعد لذلك إذا ما اقتضى الأمر ...

ملاحظاتي على الفيلم:

أولا:- على صعيد الذائقة الشخصية ... لم يعجبني الفيلم كون السيناريو ليس أكثر من حبكة بوليسية ... على الرغم من براعة الاخراج والتصوير وإدارة الممثلين ... وبالأخص الممثل الفلسطيني بطل الفيلم دون منازع ...

ثانيا: - يسلط دويري الضوء على نقطة مفصلية في الواقع الفلسطيني .. وهي الشرخ الثقافي والاجتماعي والحضاري بين مواطني إسرائيل العرب .. وإخوانهم في الضفة الغربية ... ولا أعرف لم ثارت حفيظة المتثاقفين في الضفة الغربية على تلك المسألة .. وشخصيا لا أرى سببا لذلك سوى استيقاظ النبض العشائري والقبلي كون دويري "اللبناني" تطرق لتلك المسألة.
والجميع يعرف أن هنالك شرخا وهوة سحيقة بين عرب دولة إسرائيل وإخوانهم فلسطينيوا الضفة الغربية ... ( أشير إلى قدوم الفلسطينيين الذين يحملون الهوية الإسرائيلية كل خميس إلى رام الله للتبضع والتسوق متفاخرين بسياراتهم الحديثة وملابسهم السينييه على مواطني الضفة ) ... ولا ضرورة للاستيفاض بالإشارة إلى أن نضال معظم الأحزاب العربية في إسرائيل .. ليس ضد إسرائيل كدولة وإنما لتحسين شروط المواطنة للفلسطينيين في دولة إسرائيل .. وللمساواة في الحقوق مع المواطنين اليهود سياسيا وخدماتيا..

ثالثا:- فشل الدويري في طرح جوهر الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي ... حيث طرحت هذه النقطة بطريقة تبسيطية بعيدة كل البعد عن حقيقة الممارسات الاسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين ... فالفلسطينية أو الفلسطيني االانتحاري الذي يفجر نفسه باسرائيليين لا يقوم بذلك لدوافع ذاتية أو لمعاناته من مشكلة شخصية (طلاق - عقم) ... وهنا يكمن فشل زياد في فيلمه "الصدمة" ... وباعتقادي مرد ذلك إلى ضعف الوعي السياسي لدى زياد ... وبالطبع لا ألغي واقع ممارسة ضغوط إسرائيلية على شركة الانتاج الفرنسية التي بدورها ضغطت على زياد لتمييع جوهر الصراع وتبسيطه وشخصنته..

رابعا:- حقيقة لا أعرف أسباب التعتيم على ما ورد في الفيلم .. ولو مرور الكرام .. بأن اليهودي يبقى يهوديا ... وأن المواطن الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية ليس أكثر من مواطن درجة ثانية مهما فعل أو قدم لإسرائيل ... وهذا الأمر ورد في السيناريو في الحوار بين بطل الفيلم الفلسطيني (الطبيب أمين الجعفري وزميلته الطبيبة اليهودية).

وإذا كان الدويري قد نجح في تمرير تلك المسألة الحساسة في الفيلم رغم أنف الإسرائيليين فأعتقد أنها كافية لان تكون نجاحا سياسيا ونقطة تسجل على الإسرائيليين.

بعد كل تلك العقود من الصراع مع إسرائيل .. لم ينشأ جيل ثقافي يحاكم المبدع على إبداعه ... بعين الناقد وليس عين السياسي ... ولا زالت تهمة العمالة والخيانة .. وعمليات التشهير والتشويه واختلاق الأكاذيب ... جاهزة لكل من لا يخضع لمعيار إذا لم تكن معي فأنت ضدي ... ولا أستثني أحدا سواء من الطرف "الوطني" والطرف "غير الوطني" .. بين أقواس متعددة.

ولست أدافع عن زياد دويري في ملاحظاتي هذه .. لكني إنسانيا لا أحتمل أن أرى كل هذا الكم من الاتهامات والتشهير والتحريض المستند إلى عدم نضوج فكري .. وعدم نضوج ثقافي ... وهيجان عروبي قبلي عشائري ثأري..

لا أستطيع أن أفهم لماذا منع فيلم الصدمة من قبل جامعة الدول العربية .. فاذا كان لانه صور في إسرائيل .. فان العديد من الأفلام الأجنبية المتاحة في الدول العربية صور في إسرائيل ... وكثير من الممثلين الهوليوديين هم يهود ومن داعمي إسرائيل ... باربرا سترايسند ومايكل دوغلاس على سبيل المثال لا الحصر .. فلم لا يتم منع الأفلام الأمريكية والأوروبية وتخوين وتشهير بمخرجيها وممثليها ... أم أننا أبطال على أنفسنا فقط ..

أخيرا .. أن أكون متضامنا مع فلسطين والفلسطينيين ... لا يعني أبدا مشاركة إسرائيل في عزلهم عن محيطهم العربي .... وإلى أن توجد سينما فلسطينية ولبنانية وعربية قادرة على الوصول إلى الأوسكار ... لا أستطيع إلا أن أقول .. لا تحاكموا المبدع بخنجر الحزبي والسياسي فتصبحون أنتم يزيد العصر والخونة ...
****
د. وليم نصار مؤلف موسيقي كندي من أصل لبناني وأول موسيقي عربي يرفض جائزة موسيقية كي لا يصافح موسيقية إسرائيلية في العام 2008 خلال المهرجان العالمي للموسيقى الاثنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل